الكونغرس يتحوّل إلى ساحة للصراعات العنصرية

العنف المتزايد بين أعضاء مجلس النواب الأميركي يكشف أن الكونغرس يتحوّل تدريجيا إلى ساحة صراعات عنصرية بات من الصعب السيطرة عليها.
الخميس 2021/12/02
اسمعوا ما يقولون

واشنطن - يكشف العنف المتزايد بين أعضاء مجلس النواب الأميركي في الآونة الأخيرة أن الكونغرس يتحوّل تدريجيا إلى ساحة صراعات عنصرية بات من الصعب السيطرة عليها، وأحدث أوجهها الجدل الحاصل حول النائبة الديمقراطية إلهان عمر التي اتهمت النائبة الجمهورية لورين بيوبيرت بالعنصرية.

وانفتح خط صدع جديد بين الجمهوريين يوم الثلاثاء حيث تشاجر النواب علنا ​​بشأن هذه الاتهامات بالتعصب الديني والعنصرية بين المحافظين في الحزب.

جاء ذلك بعد أن عرضت عمر النائبة الديمقراطية في مينيسوتا في اليوم نفسه تهديدا مروّعا بالقتل تلقته مؤخرا عبر البريد الصوتي، بينما ناشدت قادة الجمهوريين في مجلس النواب بذل المزيد من الجهد للقضاء على التعصب الواضح في خطاباتهم.

وقالت عمر إنّ “إدانة التعصب والعنصرية يجب ألا تكون مسألة حزبية”، مشيرة إلى أنّ “الأمر يتعلق بالقواعد الإنسانية والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور”.

وأشارت إلى أنّ “هذا النوع من خطاب الكراهية يجب ألا يمر من دون عقاب”.

بريان سلوديسكو: التصريحات التحريضية اتجاه مقلق لا يردعه القادة الجمهوريون

وسبق أن تعرضت إلهان عمر، وهي واحدة من عدد قليل من الأعضاء المسلمين في الكونغرس، لهجمات متكررة من منتقدين محافظين وبعض الجمهوريين، تقول إنها أدت إلى زيادة عدد التهديدات بالقتل التي تتلقاها.

وجاءت أحدث واقعة بعد انتشار مقطع فيديو لنائبة ولاية كولورادو لورين بوبيرت وهي تصف عمر، صومالية الأصل، كعضوة في “فرقة الجهاد” وشبهتها بالإرهابي الذي يحمل قنابل.

وقالت عمر خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء “عندما يصف عضو في الكونغرس زميلا له بأنه عضو في فرقة الجهاد ليزعم أنني سأفجر مبنى الكابيتول، فهذا ليس مجرد هجوم علي ولكن على الملايين من المسلمين الأميركيين في جميع أنحاء البلاد. ولا يمكننا التظاهر بأن خطاب الكراهية هذا من كبار السياسيين لا يحمل عواقب حقيقية”.

ثم شغلت عمر البريد الصوتي المليء بالألفاظ البذيئة والعبارات العرقية والتهديد والتي قالت إنها كانت من بين مئات من الرسائل المماثلة التي أبلغت عنها منذ انضمامها إلى الكونغرس. وقالت عمر إن البريد الصوتي ترك لها بعد أن نشرت لورين بوبيرت مقطع فيديو آخر يوم الاثنين يهاجمها.

وفي التسجيل يمكن سماع رجل يقول “لن تعيشي طويلا”. كما وصف عمر بـ”الخائنة” وتعهد بأنها ستقدم للمحاكمة أمام محكمة عسكرية.

واختتمت عمر بعد ذلك بالقول “لقد حان الوقت لأن يفعل الحزب الجمهوري شيئا فعليا لمواجهة الكراهية في صفوفه ومحاسبة من يديمها”.

ويقول بريان سلوديسكو في تقرير لأسوشيتد برس إن تصريحات لورين بوبيرت التحريضية ليست سوى أحدث مثال على شن أحد المشرعين من الحزب الجمهوري هجوما شخصيا على عضو آخر في الكونغرس، وهو اتجاه مقلق ظل إلى حد كبير دون رادع من القادة الجمهوريين في مجلس النواب.

ولا تعدّ العنصرية التي تواجهها إلهان عمر أول حادثة داخل أسوار الكونغرس، بل سبق وأن أحصت شرطة الكابيتول الأميركية في وقت سابق من هذا العام أن الكونغرس شهد زيادة بنسبة 107 في المئة في التهديدات ضد الأعضاء مقارنة بالعام الماضي. وتتوقع الشرطة الأميركية أن تزيد نسبة العنصرية والعنف بين النواب خلال العام الجاري.

ديفيد مروغان: معركة عمر وبوبيرت ستعقد وحدة الجمهوريين قبل الانتخابات

وابتلي الجمهوريون في مجلس النواب بالتهديد والانقسام السياسي منذ اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول في يناير الماضي في محاولة لوقف التصديق على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وصوت النواب الجمهوريون على عزل ليز تشيني من منصبها كرئيسة للمؤتمر الجمهوري في مجلس النواب، حيث رفضت الموافقة على أن الانتخابات “سرقت” من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. كما كانت من الجمهوريين الذين صوتوا لـ”عزل” ترامب.

كما وُجّه انتقاد إلى ثلاثة عشر من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين لدعمهم مشروع قانون البنية التحتية بقيمة تريليون دولار والذي عارضه ترامب وقادة الحزب في مجلس النواب. وذكر بعض هؤلاء المشرعين في وقت لاحق أنهم تلقوا تهديدات بالقتل.

وبدأت الأحداث تتسارع منذ أكثر من أسبوع عندما انتشر مقطع فيديو على فيسبوك يظهر بويبرت في حديث وهي تصف تفاعلا مع عمر التي تؤكد أنه لم يحدث أبدا.

وكان رد الفعل على الفيديو سريعا. ودعت عمر رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الجمهورية كيفن مكارثي إلى “اتخاذ الإجراء المناسب”. لكن حتى الآن أثبت مكارثي الذي يرشح نفسه لمنصب رئيس مجلس النواب إذا استعاد الجمهوريون الأغلبية العام المقبل، أنه متردد في عتاب تجمعه الحزبي الذين غالبا ما تتماشى وجهات نظرهم بشكل وثيق مع قاعدة الحزب.

لكنه عندما سُئل يوم الثلاثاء عما سيفعله إذا حاول الديمقراطيون توجيه اللوم إلى بويبرت، قال مكارثي “بعد أن اعتذرت شخصيا وعلنا؟ سأصوت ضدهم”.

وقال النائب أندريه كارسون، وهو مسلم أيضا، إنه يعمل مع القيادة الديمقراطية على قرار في مجلس النواب يمكن أن يعالج قضية العنصرية.

ويرجح الصحافي ديفيد مورغان في تقرير لرويترز أن تزيد هذه المعركة من تعقيد جهود الجمهوريين لتشكيل الوحدة قبل انتخابات العام المقبل.

7