صندوق النقد يطالب الجزائر بتنفيذ إصلاحات هيكلية فورية

الجزائر - شددت بعثة صندوق النقد الدولي في ختام المشاورات مع الحكومة الجزائرية على أن البلد النفطي بحاجة إلى ضبط مالي قوي وإصلاحات هيكلية حقيقية، للحفاظ على الهوامش المالية الوقائية وتعزيز النمو الاقتصادي.
ورغم أن الصندوق اعتبر في تقييمه بعد الانتهاء من مشاورات المادة الرابعة التي يجريها مجلسه التنفيذي مع الحكومة لهذا العام، أن الاقتصاد الجزائري يتعافى تدريجيا من تداعيات الجائحة والصدمات التي شهدتها أسواق النفط في 2020، إلا أنه أكد أن نقاط الضعف التي سبقت الأزمة الصحية “لا تزال قائمة والمخاطر التي تهدّد التوقعات الاقتصادية مرتفعة”.
وقال الصندوق في بيان نشره في وقت مبكر الثلاثاء إنه “في هذا السياق دعا مديرو (الصندوق) لتبني مزيج من السياسات المتناغمة لدعم استقرار الاقتصاد الكلي ولتعزيز نمو مستدام ومرن وشامل”.
ومع أن خبراء الصندوق يرجحون تعافي الاقتصاد الجزائري بنهاية هذا العام وأيضا العام المقبل، لكنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن “التوقعات بشأن ذلك لا تزال غير مؤكدة وصعبة”.
واقترحت الحكومة الجزائرية هذا العام سلسلة إصلاحات تهدف إلى مجابهة تحدي تراجع عائدات الطاقة وضعف القطاع الخاص، لكنها ستحتاج الكثير من الوقت حتى تجني ثمار ذلك بالنظر إلى العديد من التحديات التي تواجهها في هذا الطريق.
ويشكو الاقتصاد الجزائري من أزمة هيكلية مزمنة بسبب ارتباطه العضوي بالصناعة النفطية، التي تشكل العمود الفقري للنمو منذ عقود. وتعتمد الحكومة على مبيعات النفط والغاز في تحصيل 95 في المئة من إيراداتها من العملة الأجنبية.

صندوق النقد: التوقعات بشأن تعافي اقتصاد الجزائر غير مؤكدة وصعبة
وكان الصندوق قد حذر في أكتوبر الماضي بعد إجرائه أول مشاورات مع الجزائر منذ 2018، من أن البلاد تخاطر باحتياجات تمويلية غير مسبوقة على المدى المتوسط إذا استمرت تعاني من عجز مالي مرتفع، وحث على إجراء تغييرات كبيرة في سياستها الاقتصادية.
وعانت الجزائر، وهي منتج رئيسي للنفط والغاز وعضو بارز في منظمة أوبك، لسنوات بسبب تراجع عائدات الطاقة وانخفاض أسعار المحروقات ومستويات إنتاجها منذ 2014 ولم تحرز تقدما يذكر في تنويع اقتصادها المرتكز على الدولة.
وأجبرت الأزمة الاقتصادية السلطات على الدخول في معركة السيطرة على الواردات بعد أن تسببت في استنزاف الاحتياطات النقدية نتيجة ارتفاع تكاليفها السنوية، في محاولة لمعالجة الاختلالات المالية المزمنة.
واستنفد البلد معظم احتياطاته من العملة الصعبة خلال السبع سنوات الماضية رغم انخفاض الدين العام، حيث تراجعت من نحو 197 مليار دولار إلى قرابة 44 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الجاري.
ومع ذلك، تمكنت الحكومة حتى الآن من إبقاء مستويات الديون الخارجية منخفضة، واستبعدت مرارا التحول إلى الاقتراض من مؤسسات دولية بما فيها صندوق النقد الدولي.
وبعد الانكماش الذي شهده اقتصاد الجزائر العام الماضي بنسبة 4.9 في المئة، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على أساس سنوي بنسبة 2.3 في المئة في النصف الأول من 2021.
وقال الصندوق إن ذلك جاء “كنتيجة لانتعاش إنتاج المحروقات وأسعارها وتخفيف إجراءات الاحتواء الخاصة بالأزمة الصحية”.
وأوضح أن ميزان الحساب الجاري الخارجي للجزائر شهد تحسنا ملحوظا خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام بعد تراجعه بشكل ملحوظ العام الماضي.
ولكن تبقى مسألة سدّ فجوة عجز الموازنة السنوية من أبرز التحديات خاصة وأن الحكومة تتوقع ارتفاعه العام المقبل ليبلغ 33 مليار دولار، ليكون الأكبر في تاريخ الجزائر، ارتفاعا من 22 مليار دولار متوقعة هذا العام.