طالبان تناشد واشنطن الإفراج عن الأصول المجمدة

مخاوف أممية من أن تؤدّي الأزمة الاقتصادية في أفغانستان إلى زيادة التطرف.
الجمعة 2021/11/19
المجاعة تتربص بالأفغان

لا تزال الولايات المتحدة ترفض التعاون مع حكومة طالبان التي سيطرت على أفغانستان منذ نحو ثلاثة أشهر، بسبب عدم التزامها بتعهداتها ما أغرق البلاد في أزمة اقتصادية حادة يحذر مسؤولون أمميون من تداعياتها على زيادة منسوب التطرف بدل تطويقه.

كابول - تعول حكومة طالبان في أفغانستان على إفراج الولايات المتحدة عن الأصول الأفغانية المجمدة لديها من أجل تفادي انعدام الأمن الغذائي الذي قد يهز أركان حكمها الفتي، فيما لا تزال واشنطن والغرب عموما ينظران بعين الريبة لطالبان ويرفضان مساعدتها قبل تحقيق تقدم ملموس في تعهداتها.

ودعت طالبان الأربعاء الكونغرس الأميركي إلى الإفراج عن الأصول الأفغانية التي جُمدت بعد سيطرتها على أفغانستان، محذرة من أن الاضطرابات الاقتصادية داخل البلاد قد تؤدي إلى انعدام الأمن وموجة هجرة غير مسبوقة.

وقال وزير خارجية حكومة طالبان أمير خان متقي في رسالة مفتوحة، إن التحدي الأكبر الذي يواجه أفغانستان الآن يكمن في انعدام الأمن الاقتصادي، وهذا يعود إلى “تجميد أصول شعبنا من قبل الحكومة الأميركية”.

وكانت واشنطن قد جمدت نحو 9.5 مليار دولار من الأصول التي يملكها البنك المركزي الأفغاني، والبلد الذي يعتمد اقتصاده بشكل أساسي على المساعدات تعرض للانهيار، حيث لم يعد باستطاعة الحكومة الأفغانية الجديدة دفع رواتب الموظفين الرسميين منذ أشهر أو تمويل الواردات.

أمير خان متقي: نتفهم المخاوف لكن لا بد من خطوات إيجابية لبناء الثقة

وتعهدت الدول المعنية بتقديم مساعدات بمئات الملايين من الدولارات إلى أفغانستان، لكنها ربطتها بتشكيل طالبان حكومة أكثر شمولا وضمان حقوق النساء والأقليات.

ومنذ عودتها إلى السلطة تبذل طالبان جهودا كبيرة لإقناع المجتمع الدولي بأنها تنوي اتباع سلوك مختلف هذه المرة، على الرغم من عدم تسميتها لأي وزيرة، إضافة إلى منعها الفتيات من العودة إلى المدارس الثانوية.

وأضاف متقي “تم اتخاذ خطوات عملية نحو الحكم الرشيد والأمن والشفافية”، مشيرا إلى “عدم وجود تهديد أفغاني للمنطقة أو العالم وتم تمهيد الطريق لتعاون إيجابي”.

ولفت إلى أن الأفغان “يتفهمون مخاوف المجتمع الدولي”، لكن من الضروري أن تتخذ جميع الأطراف خطوات إيجابية لبناء الثقة.

لكنه حذر من أن الوضع الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى نزوح جماعي، قائلا “في حال طغى الوضع الحالي فإن الحكومة والشعب في أفغانستان سيواجهان مشكلات تصبح سببا في هجرة جماعية في المنطقة والعالم وتؤدي بالنتيجة إلى التسبب بالمزيد من الأزمات الإنسانية والاقتصادية”.

وطالب متقي “بإلغاء تجميد أصول البنك المركزي الأفغاني ورفع العقوبات عن مصارفنا حتى يتم فتح الأبواب أمام علاقات مستقبلية”.

ويعتمد الاقتصاد الأفغاني بشكل كبير على الوصول إلى العملات الأجنبية والمساعدات الدولية، والتي تم حظر معظمها منذ سقوط العاصمة في أيدي حركة طالبان.

طوابير طويلة تنتظر قوت يومها
طوابير طويلة تنتظر قوت يومها

وتمول المنح والمساعدات الأجنبية أكثر من 75 في المئة من الإنفاق العام لأفغانستان، بحسب بيانات البنك الدولي.

وبدروها حذرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة لأفغانستان ديبورا ليونز، في كلمة لها أمام مجلس الأمن الدولي الأربعاء من أن “الحال الآن يهدد بزيادة خطر التطرف، فاستمرار تدهور الاقتصاد الرسمي سيقدم زخما للاقتصاد غير الرسمي من المخدرات والأسلحة والتطرف، مما سيؤثر على أفغانستان والبلدان المجاورة والمنطقة ككل”.

وقالت المسؤولة الأممية إن “حركة طالبان تبذل جهودا صادقة لتقديم نفسها كحكومة”، داعية إلى إطلاق “حوار منظم ومستدام” معها من أجل “فتح مسار متدرج وواضح لبناء علاقات بين أفغانستان والعالم ككل”.

واعتبرت أن “طالبان تبذل بالفعل جهودا صادقة لتقديم نفسها كحكومة.. وهم يوفرون خدمة الأمن في أنحاء البلاد، ويسمحون بوصول المساعدات الإنسانية، واستطعنا أن نصل إلى أجزاء من أفغانستان لم نصل إليها منذ 15 سنة”. واستدركت “لكن هذه الجهود يكبحها جزئيا نقص الموارد المالية”.

ومنذ نحو ثلاثة أشهر استولت طالبان على الحكم في أفغانستان، حيث لا تزال تواجه تحديات لترسيخ سلطتها في البلاد.

البلد الذي يعتمد اقتصاده بشكل أساسي على المساعدات تعرض للانهيار، ولم يعد باستطاعة الحكومة الأفغانية الجديدة دفع رواتب الموظفين

وحتى الآن، لا يزال مستقبل الاعتراف الدولي بحكم طالبان أمرا غير واضح المعالم، حيث لا تزال تواجه تحديات في الوفاء بتعهداتها والتزاماتها الدولية، ناهيك عن وجود أشخاص مصنفين في قوائم الإرهاب الدولية ضمن قيادات حكومة طالبان الحالية. ولا يثق المجتمع الدولي كثيرا بتعهدات طالبان التي أثبتت عدم جديتها عندما أطلقتها الحركة بعيد سيطرتها على أفغانستان، إذ لم تصمد طويلا أمام حقوق المرأة والصحافة والمظاهرات المطالبة بالحريات.

وينتظر المجتمع الدولي أدلة واقعية على هذه التعهدات، وأوضح دبلوماسي أوروبي في وقت سابق طالبا عدم كشف اسمه “في مرحلة ما، سيتعين على طالبان الاختيار بين المال والتطبيع أو العزلة المطلقة.. نحن نراقب ما إذا كان ذلك يأتي بنتيجة”.

وعلى الرغم من أن القوى الغربية ترغب في تفادي كارثة إنسانية في أفغانستان، إلا أنها رفضت الاعتراف رسميا بحكومة طالبان.

ويرجح محللون أن تنجح طالبان في نيل دعم دول مثل الصين وروسيا وإيران وبعض دول الخليج وربما الهند المنافس التقليدي للجار الباكستاني، ولكن هذا لن يكون كافيا لفك العزلة الدولية.

وقال الباحث المتخصص في شؤون الحركات المسلحة أحمد سلطان إن طالبان “استطاعت التكيف مع التغييرات الحاصلة في البلاد خلال السنوات الماضية، ولكن ترسيخ حكمها في البلاد، لا يزال أمرا بعيد المنال، خاصة مع الأزمات الاقتصادية التي تواجهها أفغانستان، والعزلة الدولية”.

5