الكاف التونسية تحتفي بالمسرح والفرجة الشعبية في الفضاءات العامة

التظاهرة تنظم إلى جانب العروض الفرجوية المتنوعة ندوة فكرية بعنوان "الفرجة الشعبية: رهانات جمالية وثقافية".
الجمعة 2021/11/19
مسرحية "ذاكرة".. ذكريات منسية مداها الدم والدمع

الكاف (تونس) – ينظّم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف (شمال غرب تونس) انطلاقا من  الجمعة وحتى الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري فعاليات النسخة الثالثة من تظاهرة “المسرح والفرجة الشعبية”، حيث تنتظم خلال اليوم الأول في المعهد العالي للإعلامية بالكاف ندوة فكرية بعنوان “الفرجة الشعبية: رهانات جمالية وثقافية” بحضور كل من محمد مسعود إدريس وأنيس حمدي وعمر الخماري.

فيما تحتضن ساحة بنعنين عرضين فلكلوريين فرجويين بعنوان “البنقة” و”الزقايري”، لتحتضن من جهتها المدرسة الابتدائية الزيتونة عرضا تنشيطيا فرجويا بعنوان “توزارت أنيميشن”.

وفي المساء يحتضن مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف عرض مسرحية “في مديح الموت” للمخرج علي اليحياوي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين (جنوب تونس)، ثم عرضا شبابيا لمغني الراب جنجون.

ليكون اختتام اليوم الأول عبر عرض المسرحية الغنائية “مرض الهوى” للمخرج رضوان الهنودي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، وذلك بفضاء المبيت الجامعي يوغرطة.

وتدور أحداث المسرحية الغنائية حول حاكم مستبد هائم في حب فتاة من البدو الرحل، فيعزم على خطبتها، لكن أهلها يرفضون هذه المصاهرة ويقرّرون الرحيل هربا من بطشه، غير أن الحاكم ظل يتتبّع أثر حبيبته ويلحق بها رغم أخطار الرحلة، ليُعيدها رفقة قبيلتها بعد أن تخلى عن جبروته.

ويتغنى العمل بالحب والسلام، ويصوّر مظاهر الحياة البدوية وقساوتها في حلها وترحالها، وغيرها من الصور التي تبرز ثراء المخزون الثقافي في الحياة البدوية، حيث تضطلع المرأة بالعديد من الوظائف الاجتماعية والاقتصادية.

ويتقمّص شخصيات المسرحية كل من الفنان منذر جبابلي والممثلون الجمعي العماري ولبنى مقري ورحمة كافي وشيماء هنودي وصابر جبوري وحسام علوي وخميس بوغانمي وحمزة حجري.

ويشمل اليوم الثاني عرضا تنشيطيا لمجموعة “سيكا أنيميشن” بالمدرسة الابتدائية الشريشي، يليه عرض لمسرحية “حديث السمكات” من إخراج فوزية ثابت موجه لتلاميذ المدرسة الابتدائية 18 يناير 1952، ليحتضن إثر ذلك المركز الثقافي الهادي الزغلامي أمسية في الشعر الشعبي بمساهمة  كل من محمد القاسمي والطيب الهمامي وعادل الجبراني ونورالدين بن يمينة، ثم عرض فداوي للجمعي العماري.

ويحتضن المركز الثقافي سيرتا عرضا للفن البدوي بعنوان “مهاذبة ومثاليث” لحمزة سعد ونورشان مهذبي، فيما تحتضن دار بوعلاق عرضا لتجليات صوتية لعبدالرحمان الشيخاوي، لتُعرض بمقر المركز المنظّم للتظاهرة مسرحية “سكون” من إخراج نعمان حمدة وإنتاج المسرح الوطني، ثم يقدّم عرض تراثي بعنوان “الشّاوية” لنضال اليحياوي.

وتختتم التظاهرة في الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري، حيث تعرض بمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف مسرحية “الأحدب” وهي مسرحية موجهة للأطفال من إخراج حاتم مرعوب، كما يعرض الفيلم السينمائي القصير “في بلاد العم سالم” من إنتاج سليم بالهيبة المتوّج أخيرا بالتانيت البرنزي لمسابقة الأفلام الروائية القصيرة في مهرجان أيام قرطاج السينمائية الثاني والثلاثين.

خلق تواصل حميمي بين الممثل والجمهور أينما كان

وبساحة بومخلوف يقدّم عرض صوفي بعنوان “الميعاد” لعيساوية بومخلوف ليقدّم إثر ذلك بفضاء المركز الثقافي الهادي الزغلامي عرض غنائي فرجوي بعنوان “فرنانة جدي” من إخراج هشام الشيحي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة، ثم تعرض بفضاء المركز المنظّم للتظاهرة مسرحية “ذاكرة” من إخراج سليم الصنهاجي وإنتاج مشترك بين شركة أرتيس للإنتاج ومسرح الأوبيرا، وبدار المسنين يكون الموعد مع عرض تراثي بعنوان “الفوندو” لرشاد ذهب.

فيما سيحتضن فضاء مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف عرض الاختتام عبر مسرحية “إيكس” وهي من إخراج محمد الطاهر خيرات وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، والذي ينظّم كذلك على هامش فعاليات التظاهرة بفضاء دار الشباب محمد القمودي ورشة في المسرح بعنوان “مشاركة” من تأطير المسرحي صالح الفالح ومعرضا في النسيج الفني الحائطي للفنانة التشكيلية هدى رجب.

وقال عماد المديوني مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف “التظاهرة في دورتها الجديدة ستحتفي بالفرجة بمختلف تعبيراتها الفنية، ذلك أن الفرجة وكما قال غي دومور في كتابه ‘تاريخ العروض’ في كل أشكالها، سواء أكانت عروضا مقدّسة أو مدنّسة، مسلّية أو مثيرة، وسواء أكان الجمهور لاعبا لدور أو على العكس من ذلك مكتفيا بالإصغاء والمشاهدة، فإنّها جزء من الحياة، لدرجة أنّه يصعب تصوّر مجتمع ما حيث لا موكب ديني أو احتفال أو لعبة أو عرض تمثيلي يأتي ليقطع إيقاع الحياة اليومية ليعطيها معنى ربّما يتجاوزها بقدرة شيء كالسحر أو كالوهم”.

ومن هذا المنطلق حرص منظمو التظاهرة في نسختها الثالثة على اختراق فضاءات مشفّرة اجتماعيا كالمقاهي والشوارع والساحات العامة والمؤسسات الجامعية، بالإضافة إلى العلب المغلقة لتنفتح في المكان وكذلك في الوجهة أو الفئة المستهدفة من خلال محاولة استهداف فئات اجتماعية مختلفة تكريسا للحقّ في الثقافة وللجميع.

ويضيف المديوني “إذا كان الهدف من الخروج بالمادة الثقافية إلى فضاءات غير معهودة ومفتوحة وتقريبها إلى المواطن تكريسا لحقه في الثقافة ومبدأ ثقافة القرب، فإن تطوّر المسرح التونسي أواخر الستينات من القرن الماضي وتخلّصه من البناية التقليدية للمسرح كان من بين أهدافه خلق نوع من التواصل الحميمي بين الممثل والجمهور وتأسيسا لمشاركة فعالة وبنّاءة بين قطبي العملية المسرحية من حيث الباث والمتقبّل”.

ويسترسل “وذلك بالاعتماد على أشكال جديدة للفرجة من خلال البحث عن فضاءات مسرحية جديدة وتشغيل سينوغرافيات وفنيات جمالية تراثية وشعبية لصيقة بالمجتمع، وفي هذا الإطار يتنزل تنظيم الندوة العلمية حول الفرجة الشعبية ورهاناتها الثقافية، وسيكون للجانب التطبيقي حضور من خلال برمجة ورشات تدريبية في المسرح موجهة للهوّاة والشباب تهدف إلى تطوير خبرات وتعزيز القدرات الشخصية والرفع من مهاراتهم وطاقاتهم الإبداعية”.

15