بوادر توافق على الملفات الاجتماعية بين الحكومة واتحاد الشغل في تونس

وصفت أطراف سياسية ونقابية في تونس اللقاء بين منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية بالبلاد) وأعضاء من حكومة نجلاء بودن ب“الإيجابي“، حيث تمت تسوية عدد من الملفات العالقة أهمها ملف تشغيل عمال الحضائر، فضلا عن كونه مثل بداية لخلق مناخ من الحوار البنّاء في مسار التفاوض على الملفات الاجتماعية بين الطرفين.
تونس - كشفت مخرجات لقاء جمع وفدا عن الاتحاد العام التونسي للشغل بأعضاء الحكومة، عن بوادر توافق في التفاوض حول الملفات العالقة بين الطرفين، وسط إشادات من المتابعين بهذا الانسجام الممهد لتأسيس تقارب في المواقف من أجل حلحلة الملفات الاجتماعية والحفاظ على مبدأ استمرارية الدولة.
واعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي الاثنين، أن “اللقاء الذي جمع وفدا عن الحكومة بوفد عن اتحاد الشغل كان إيجابيا”.
وأضاف في تصريح إعلامي، أنه لاحظ “وجود إرادة من الحكومة للمضي في حلحلة الملفات العالقة”، مبرزا أن “الطرف الحكومي أكد التزامه باستمرارية الدولة وبالتالي استمرارية الاتفاقيات الممضاة”.
وتابع الطبوبي أن “هناك العديد من الملفات التي تم طرحها في اللقاء بينها ملف عمال الحضائر حيث تم الاتفاق على تسوية وضعية الدفعة الأولى منهم (6 آلاف عامل)، في أجل لا يتجاوز الخامس عشر من ديسمبر القادم”، مشيرا إلى “أنه تم أيضا النظر في ملف الأجر الأدنى المضمون وضرورة إصلاح المؤسسات العمومية، إضافة إلى ملف الطاقات المتجددة وضرورة إصلاح المؤسسات التربوية”.
وبشأن التفاوض على الملفات الاجتماعية لفت الطبوبي إلى أن ”الحكومة التزمت بالاتفاقيات السابقة والاتحاد سيدرس المضامين وطريقة صياغتها”.
وسجلت أطراف سياسية ارتياحها لمخرجات هذا اللقاء خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المأزوم، ما من شأنه أن يخلق أرضية ملائمة للحوار والعمل على معالجة القضايا المطروحة في البلاد.

حاتم العشي: اللقاء كان إيجابيا وفيه توافق على استمرارية الدولة
ووصف الوزير السابق والمحامي حاتم العشي، اجتماع أعضاء الحكومة بوفد من اتحاد الشغل بـ”الناجح”، قائلا “الطرفان أعربا عن رضاهما بمخرجات الاجتماع”.
وأضاف لـ”العرب”، “الحكومة وافقت على طلبات الاتحاد القديمة، وهو توافق على استمرارية الدولة بالأساس وهناك بوادر طيبة لحل ملفات عاجلة، ومن المنتظر أن تعقد اجتماعات أخرى”.
وتابع “المكالمة الهاتفية بين الرئيس قيس سعيّد والطبوبي مؤخرا مهدت لهذا اللقاء، وهي بداية توافق بين الطرفين وسيكون لها تأثير على علاقة الرئيس باتحاد الشغل، فضلا عن دورها في حلّ عدة ملفات”.
وثمّنت أطراف نقابية، نتائج الجلسة الحوارية بين الحكومة واتحاد الشغل، الذي حدد المسائل الكبرى في المفاوضات وفي مقدمتها اتفاقيات التشغيل ووضعيات المؤسسات العمومية.
واعتبر سامي الطاهري الأمين العام المساعد والمتحدث باسم الاتحاد أن “اللقاء مهم جدا، وأنه وضع الخطوط العريضة التي سيتم العمل عليها”.
وكشف في تصريح لوسائل إعلام محلية، أنه “تم الاتفاق على تطبيق اتفاقيات السادس من فبراير الماضي”، مذكرا بأن “مجموعها حوالي ستة وأربعين اتفاقا قطاعيا وبأنه تم الشروع في تنزيل بعضها بالرائد الرسمي قبل أن يتوقف ذلك في الخامس والعشرين من يوليو الماضي”.
واعتبر الطاهري أن “من شأن ذلك أن يقلص التصادم القطاعي”، مؤكدا أن “الاتحاد ينتظر إظهار الحكومة حسن نية بتنزيل الأوامر بالرائد الرسمي”، مشددا على أهمية عودة الحوار وبالأساس الحوار الاجتماعي وعلى أن الأزمات تشتد في صورة عدم وجوده، فضلا عن “وضع برنامج عمل جديد يقوم على أساس توافقات في الحدّ الأدنى الوطني وعلى أساس تقاسم المسؤولية عوض تقاسم السلطة”.
حاتم المليكي: الملفات المطروحة ثقيلة والمفاوضات ما زالت مستمرة
ويرى متابعون أن المفاوضات تتعلق أساسا بملفات متوارثة من عهد الحكومات السابقة التي فشلت في حلحلتها وإيجاد تقارب في مفاوضاتها مع الاتحاد، مطالبين بتوضيح بشأن مصادر تمويل هذه الاتفاقات.
وأفاد السياسي حاتم المليكي، أن “جلوس الاتحاد والفريق الحكومي على طاولة المفاوضات، يعد من بين البوادر الإيجابية لأنه يوجد تخوّف من أن تلقي الأزمة السياسية بظلالها على الوضع العام”.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “الملفات المطروحة ثقيلة ومتوارثة من عهد الحكومات السابقة، وفي كل مرة يجد اتحاد الشغل نفسه مجبرا على التفاوض”، مشيرا إلى أن “جولات المفاوضات ما زالت مستمرة، وتم النقاش حول جزء كبير منها، ونأمل أن تحلّ كل الملفات حتى نهاية السنة الحالية”.
ولفت المليكي إلى أن “الاتحاد دائما ما كان عقلانيا في مفاوضاته طيلة السنوات العشر الماضية، والحكومات هي من تخلّت عن هذه الاتفاقيات، لكن تبقى المشكلة المطروحة هي مصادر الموارد المالية لتمويل هذه المشاريع، وهناك تخوف جدي من أن تكون على حساب ميزانية التنمية”.
وفي نفس الصدد، وتأييدا لقرارات الرئيس سعيّد، شدّد الطبوبي على أنه “لا عودة لما قبل الخامس والعشرين من يوليو، وأن القرار لا بد أن يكون تونسيا تونسيا والحل اليوم ليس في الشارع وإنما في قوة الاقتراح والتفاعل خاصة أن المرحلة هي مرحلة رصانة وحكمة”.
ودعا الطبوبي “رئاسة الجمهورية إلى توحيد كل العائلات رغم الاختلاف بينها، وقال “قدر رئاسة الجمهورية كقدر رب العائلة وهو أن يوحّد كل التونسيين”.
وأمضى رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي، واتحاد الشغل في العشرين من أكتوبر 2020 على اتفاق يقضي بتسوية ملف عمال الحضائر وانتداب واحد وثلاثين ألفا منهم بالوظيفة العمومية ممن لا تتجاوز أعمارهم خمسة وأربعين سنة على دفعات، وتمكين الراغبين في المغادرة من تعويض مالي.
وبعد تحركات عديدة لعمال الحضائر واجتماعات مع أطراف من الاتحاد، أصدرت رئاسة الحكومة الأمر الحكومي المتعلق بإدماج عمال الحضائر في الرائد الرسمي بتاريخ الثامن عشر من يونيو 2021 وإنهاء العمل بآلية تشغيل عمال الحضائر الجهوية والفلاحية.