هل باستطاعة فرنسا التأثير في الانتخابات الليبية قبل شهر من إجرائها؟

مؤتمر باريس بشأن ليبيا خطوة لإعادة الدور الفرنسي في ليبيا.
الأحد 2021/10/31
مساع فرنسية للعب دور محوري في ليبيا

من المنتظر أن تلتقي الأطراف السياسية الليبية في العاصمة الفرنسية باريس قبل أقل من شهرين على إجراء الانتخابات الرئاسية المرتقبة في مؤتمر يرعاه الرئيس إيمانويل ماكرون في الثاني عشر من نوفمبر القادم وسط مواقف سياسية تتحدث عن إمكانية تأثير باريس على الانتخابات.

تونس - يطرح المؤتمر الدولي بشأن تصحيح المسار السياسي وتثبيت موعد الانتخابات في ليبيا المزمع عقده بالعاصمة الفرنسية باريس منتصف شهر نوفمبر القادم تساؤلات المراقبين والخبراء حول قدرة فرنسا على التأثير في الانتخابات الرئاسية الليبية المقررة نهاية العام الجاري.

وتتجه الأنظار الإقليمية والدولية نحو العاصمة الفرنسية باريس التي ستحتضن مؤتمرا دوليا بشأن ليبيا في الثاني عشر من نوفمر المقبل لبحث سبل تثبيت موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم.

وينظم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا المؤتمر قبل شهر من انتخابات عامة تهدف إلى طي صفحة عقد من النزاع في هذا البلد، غير أن شكوكا تحيط بإمكانية إجرائها.

ويرى مراقبون ليبيون أن فرنسا عادت إلى ورقة تنظيم المؤتمرات الدولية بشأن ليبيا في مسعى لاستعادة نفوذها الذي خسرته في البلاد بعد تدخل روسيا وتركيا عسكريا في البلاد.

ولم يخف هؤلاء ما اعتبروه مؤامرة دولية تهدف إلى إجهاض العملية الانتخابية وتعطيل مسارات إرساء الاستقرار السياسي والمؤسساتي بالبلاد.

عزالدين عقيل: كل القوى الإقليمية والدولية تريد انتخابات ليبية على المقاس

وأفاد المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل أنه “اتضح وجود مؤامرة دولية على ليبيا، واتضح أيضا أن هذا المؤتمر في فرنسا هو مؤامرة دولية، لأن كل الأطراف لا تريد وضع قاعدة دستورية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أنه “عندما تريد روسيا أن يشارك الخضر في البرلمان مشاركة قوية، وأطراف أخرى تدفع نحو الدفاع عن مصالحها في ليبيا، فهذا يعني أن الجميع يعطّل مسار الانتخابات”، مؤكّدا أن “كل القوى الإقليمية والدولية تريد انتخابات على المقاس”.

وتابع عقيل “اجتماع باريس سيكون أشبه باجتماع مجلس الأمن، لكن يبدو أن العاصمة الفرنسية تعتقد أن المؤتمر سيكون حلاّ لإرساء قاعدة دستورية، وهو ما يلائم مصالحها السياسية في ليبيا، ومن المؤكد أنها وجدت عددا كبيرا من القوى التي تتوافق مع أهدافها”.

وقال “هم من سيضعون القاعدة الدستورية، لأنه ثبت أن الأطراف الجدلية ليست مرفوضة من قبل الليبيين، بل يتم رفضها من القوى الإقليمية”، لافتا إلى أن “هذه الانتخابات ستجلب كارثة إلى ليبيا، وإذا كانت التفاهمات السابقة قسمت ليبيا إلى قسمين، فإن هذه الانتخابات ستدفع نحو الاحتراب والعنف أكثر مما مضى”.

وسعت فرنسا منذ سقوط نظام الراحل معمر القذافي في فبراير 2011 للعب دور سياسي ومحوري في ليبيا لدعم جهود تواجدها في أفريقيا والمتوسط ، كما طرح مؤتمر باريس أسئلة عدة بخصوص ما يمكن أن يقدمه لليبيا.

وقال منتصر الشريف الخبير في الشأن الدولي إن “باريس تعتقد خاصة بعد سقوط نظام القذافي، أنها ستبسط سيطرتها الكلاسيكية على ليبيا، والفرنسيون لاحظوا أن ما تقوم به باريس اليوم هو محاولة لإعادة دورها في الأراضي الليبية”، مستدركا “لكن فرنسا لن تحقق ذلك لأن الليبيين دخلوا في منعرج خطير، ولم تعط المؤتمرات السابقة على غرار مؤتمر الصخيرات وروما وبرلين أي نتائج، كذلك سيكون مآل هذا المؤتمر الفشل مرة أخرى”.

وأكّد لـ”العرب” أن “أولى الخطوات التي يجب أن تحدث هي توحيد الجيش الليبي حتى يكون هناك طرف وحيد يملك السلاح ويمارس السلطة المسلحة وما دام هناك جيش في الشرق وآخر في الغرب ومجموعات مسلحة فإنهم لن يصلوا إلى حلّ للأزمة”، لافتا إلى أن “هذا المؤتمر لن يؤثر في الناخبين الليبيين لأن الانتخابات ستكون صورية”.

وتابع “في علاقة بالمصالح السياسية في ليبيا ستسعى فرنسا لخلق تفاهمات جديدة خصوصا مع تركيا وإيطاليا، لأن أنقرة تحاول فرض أجندتها السياسية في طرابلس، وسيصلون إلى بناء توافقات لاقتسام الكعكة الليبية، ومثلما استفادوا من الحرب سيستفدون من السلم في ليبيا”.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحافي على هامش الجمعية العامة السادسة والسبعين للأمم المتحدة أن إيمانويل ماكرون سيرعى “مؤتمرا دوليا حول ليبيا في الثاني عشر من نوفمبر”.

الأنظار الإقليمية والدولية تتجه نحو العاصمة الفرنسية باريس التي ستحتضن مؤتمرا دوليا بشأن ليبيا في الثاني عشر من نوفمر المقبل

وتحيط الشكوك بإمكانية إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المحدد في ظل خلافات سياسية في ليبيا منذ المصادقة على قانون الانتخابات الرئاسية الصادر في سبتمبر الماضي، وتصعيد الإخوان في ليبيا نحو تعطيل المسار السياسي.

ويتوقع أن يجمع المؤتمر دول الجوار الليبي بحسب ما أعلنه لودريان أمام مؤتمر دعم استقرار ليبيا في طرابلس، مبرزاً أنه سيعمل على “المصادقة على الخطة الليبية لخروج القوات الأجنبية والمرتزقة ويدعم تنفيذها لوضع حد للتدخل الأجنبي”.

وتحاول فرنسا لعب دور الريادة في الأزمة الليبية خصوصا بعد الإخفاق الذي مُني به مؤتمرها الأول حول ليبيا، ولذلك تحاول الدخول على ملف الأزمة بالتقاطع مع الدور الذي لعبته ألمانيا عبر مؤتمري “برلين 1″ و”برلين 2”.

وكانت فرنسا قد سعت للعب دور الوسيط بهدف تقريب وجهات النظر بين شرق ليبيا وغربها نهاية مايو 2018، وجمعت في قصر الإليزيه جميع الأطراف المتصارعة، حيث تم الاتفاق على إعلان من شأنه وضع إطار عمل سياسي يمهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تدعمها الأمم المتحدة في ديسمبر من العام ذاته.

وفي يوليو 2017 نظم ماكرون لقاء بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق آنذاك فايز السراج واتفق الطرفان على عدة تفاهمات لم تتحقق أيضا.

وعقب انتهاء الحرب على طرابلس في يونيو 2020 ودخول البلاد حالة في الاستقرار النسبي ظهرت مبادرات إقليمية ودولية عديدة لحلحلة الأزمة، لكن وحدها الجهود الألمانية لاقت قبولاً واجتمعت عليها الأطراف المتصارعة، فاستجابت لمبادرة وقف إطلاق النار وبدأت في التفاوض حول سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، فضلاً عن التحضير لإجراء انتخابات رئاسية نهاية العام الجاري.

2