طالبان تدرك خياراتها: المال وحقوق الإنسان أو العزلة والانهيار الاقتصادي

الحكومة الأفغانية تراهن على موقف أوروبي أقل تشددا من واشنطن.
السبت 2021/10/30
حقوق النساء اختبار حقيقي لتعهدات طالبان

تناشد حركة طالبان الغرب للإفراج عن الأموال المجمدة، متعهدة باحترام حقوق الإنسان، وتدرك جيدا أن عليها أن تثبت وفاءها بهذه التعهدات لمواجهة انهيار اقتصادها الهش، وهي تعوّل على موقف أوروبي أقل تشددا من الولايات المتحدة، لاسيما مع مخاوف بروكسل من موجات الهجرة.

كابول- جددت حكومة طالبان الأفغانية تعهداتها باحترام حقوق الإنسان لاسيما المرأة، في إطار سعيها للإفراج عن مليارات الدولارات من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني، في وقت تواجه فيه الدولة أزمة نقدية ومجاعة جماعية وأزمة هجرة جديدة.

وقال أحمد ولي حقمل المتحدث باسم وزارة المالية إن الحكومة ستحترم حقوق الإنسان، بما في ذلك حق المرأة في التعليم، وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية لا توفر سوى “النذر اليسير من الإغاثة”.

وأودعت أفغانستان مليارات الدولارات من أصولها في الخارج لدى مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي وبنوك مركزية أخرى في أوروبا، لكن هذه الأموال جرى تجميدها منذ أطاحت حركة طالبان المتشددة بالحكومة المدعومة من الغرب في منتصف أغسطس الماضي.

وتسعى طالبان إلى نيل اعتراف دولي بشرعية سلطتها في أفغانستان، والحصول على أموالها المجمدة، ومساعدات دولية لتجنيب البلاد كارثة إنسانية وتخفيف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها، وأول الشروط الغربية لذلك هو احترام حقوق الإنسان.

شاه محرابي: ثمة ما يكفي الآن.. لمواصلة صمود أفغانستان حتى نهاية العام

وأضاف حقمل “الأموال ملك الدولة الأفغانية. فقط أعطونا أموالنا. تجميد هذه الأموال عمل غير أخلاقي يتنافى مع جميع القوانين والقيم الدولية”.

ولا يثق المجتمع الدولي كثيرا بتعهدات طالبان التي أثبتت عدم جديتها عندما أطلقتها الحركة بعيد سيطرتها على أفغانستان، إذ لم تصمد طويلا أمام حقوق المرأة والصحافة والمظاهرات المطالبة بالحريات.

وسبق أن طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن تخرج قمة العشرين برسالة واضحة حول شروط الاعتراف بطالبان. وأكد التزام بلاده بفرض المزيد من الضغوط على طالبان، راهنا الاعتراف بالحركة بمدى التزامها بحقوق المرأة والمساواة. وقال “لم نلمس تغيرًا في سلوك حركة طالبان بشأن حقوق المرأة”.

وفي ظل حكم طالبان الذي امتد من عام 1996 إلى 2001، حُرمت النساء إلى حد كبير من العمل والتعليم وعادة ما كان يتوجب عليهن ارتداء النقاب وأن تكون بصحبة مِحرم عند الخروج.

لكن حقمل تعهد هذه المرة بأن أفغانستان ستسمح للنساء بالتعليم، وإن لم يكن في نفس الفصول الدراسية مع الرجال. وأضاف أن الحركة ستحترم حقوق الإنسان لكن في إطار الشريعة الإسلامية التي لا تعترف بحقوق المثليين.

وينتظر المجتمع الدولي أدلة واقعية على هذه التعهدات، وأوضح دبلوماسي أوروبي في وقت سابق طالبا عدم كشف اسمه “في مرحلة ما، سيتعين على طالبان الاختيار بين المال والتطبيع أو العزلة المطلقة.. نحن نراقب ما إذا كان ذلك يأتي بنتيجة”.

المجتمع الدولي لا يثق كثيرا بتعهدات طالبان التي أثبتت عدم جديتها عندما أطلقتها الحركة بعيد سيطرتها على أفغانستان، إذ لم تصمد طويلا أمام حقوق المرأة والصحافة والمظاهرات المطالبة بالحريات.

ويؤكد المسؤولون الأفغان أن الأمور في البلاد تسير بشكل سيء، وقال شاه محرابي عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأفغاني “الوضع مزر وحجم السيولة يتضاءل”. وأردف قائلا “ثمة ما يكفي الآن.. لمواصلة صمود أفغانستان حتى نهاية العام”.

وأضاف محرابي “أوروبا ستكون الأشد تضررا إذا لم تحصل أفغانستان على هذه الأموال”. وتابع “سنواجه ضربة مزدوجة تتمثل في عدم قدرة المواطنين على العثور على الخبز وعدم القدرة على تحمل تكلفته. سيشعر الناس باليأس، وسيذهبون إلى أوروبا”.

وتأتي المناشدة لتقديم المساعدة في وقت تواجه فيه أفغانستان خطر انهيار اقتصادها الهش. وتسبب رحيل القوات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة والكثير من المانحين الدوليين في حرمان البلاد من منح كانت تمول ثلاثة أرباع الإنفاق العام.

وقالت وزارة المالية إنها تُحصل ضرائب يومية تصل إلى 400 مليون أفغاني تقريبا (4.4 مليون دولار). وعلى الرغم من أن القوى الغربية ترغب في تفادي كارثة إنسانية في أفغانستان، إلا أنها رفضت الاعتراف رسميا بحكومة طالبان.

وتحتفظ الولايات المتحدة بالنصيب الأكبر من الاحتياطيات الأفغانية المجمدة بما يصل إلى تسعة مليارات دولار قالت في الآونة الأخيرة إنها لن تفرج عن هذه الأموال، ويأمل محرابي في أن تأخذ الدول الأوروبية موقفا مغايرا وتفرج عما لديها من احتياطيات.

ويخشى الاتحاد الأوروبي من موجة هجرة مكثفة على أراضيه بسبب الأوضاع في أفغانستان، لذلك فإن طالبان تعول على موقف أكثر تساهلا من الولايات المتحدة.

ودعا مسؤول كبير بالبنك المركزي الدول الأوروبية بما فيها ألمانيا إلى الإفراج عما تحتفظ به من احتياطيات أفغانية لتجنب انهيار اقتصادي قد يؤدي إلى هجرة جماعية صوب أوروبا.

وذكر محرابي أن أفغانستان بحاجة إلى 150 مليون دولار شهريا “لمنع أزمة وشيكة” والحفاظ على استقرار العملة المحلية والأسعار، مضيفا أن أي تحويل للأموال يمكن مراقبته من قبل هيئة لمراجعة الحسابات.

وتابع “إذا ظلت الاحتياطيات مجمدة، فلن يتمكن المستوردون الأفغان من دفع ثمن شحناتهم، وستبدأ البنوك في الانهيار، وستصبح المواد الغذائية شحيحة، وستكون متاجر البقالة خاوية على عروشها”.

وقال إن ألمانيا لديها نصف مليار دولار من الأموال الأفغانية وإنه يتعين عليها وعلى الدول الأوروبية الأخرى الإفراج عن هذه الأموال.

وأشار إلى أن حوالي 431 مليون دولار من احتياطيات البنك المركزي كانت مودعة لدى بنك كومرزبنك الألماني، بالإضافة إلى نحو 94 مليون دولار أخرى لدى البنك المركزي الألماني. ولدى بنك التسويات الدولية، وهو تكتل لبنوك مركزية عالمية ومقره سويسرا، ما يقرب من 660 مليون دولار.

طالبان تسعى إلى نيل اعتراف دولي بشرعية سلطتها في أفغانستان، والحصول على أموالها المجمدة، ومساعدات دولية لتجنيب البلاد كارثة إنسانية وتخفيف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها

 

5