على أدراج عمّان القديمة.. موسيقى وحكايات

الأدراج التراثية العمّانية حالة مميزة لعمّان وسكانها.
السبت 2021/10/23
صالون الشباب

تشكل الأدراج التراثية العمّانية جزءا من سمات جبال عمّان وتسجل ذكريات الكثير من أبنائها وبناتها، وتمثل معلما من معالمها العمرانية، حيث ازداد اهتمام الشباب بها فصارت جدرانها لوحات فنية وتحولت إلى ملتقى لهم خاصة في مهرجان “موسيقى عالدرج”.

عمّان - تضفي أدراج عمّان طابعا مميزا على المدينة، فهي الأبواب التي تقودك إلى القاع حيث المدينة التي تتنفس بدايات نهارها كل صباح عبر القادمين إليها من جبالها السبعة.

وتشكل الأدراج حالة مميزة لعمّان وسكانها، فقد بات لكل درج اسم وحكاية اكتسبهما عبر الزمن، فمن درج “الكلْحة” الشهير إلى درج “الياسمين” مرورا بأدراج عمّان المتعددة التي ارتبطت بجبالها، فذاك درج “جبال عمّان” الذي يفضي بسكان عمّان الغربية إلى أحد أقدم شوارع العاصمة المعروف بشارع الملك طلال.

ويوجد في العاصمة الأردنية نحو 17 درجا شهيرا منذ تأسيس بلدية عمّان في عام 1909، عدا الأدراج التاريخية التي يعود بعضها إلى العصر الروماني، وتمثل تاريخا يُروى عن عائلات عمّان القديمة وأبرز وجهائها.

ولهذه الأدراج كما الشوارع أسماؤها أيضا، بعضها انتسب إلى عائلات تجاورها وبعضها الآخر إلى ما يجاورها من مواقع أو مؤسسات.

فاسم “درج الكلْحة” يعود إلى عائلة الكلحة التي سكن عدد من أفرادها البيوت المنتشرة على أطرافه منذ أربعينات القرن الماضي.

أما “درج جويبر” أو “الكواكب” فيعود تاريخه إلى حقبة الثلاثينات واستوحي اسمه من بيت الشيخ جويبر جازي العتيبي الحجازي، أحد أبرز رجالات الثورة العربية الكبرى.

أما “درج منكو” فيشرف على أول سوق تجارية أُنشئت في عمان منتصف العشرينات من القرن الماضي، فيما سمّي “درج الشرعية” نسبة إلى المحكمة الشرعية التي تتربع على ربوة في أعلاه، ويقع “درج المحكمة” قريبا من قصر العدل القديم.

ويقع “درج الاستقلال” قريبا من البريد المركزي وسمّي بذلك نسبة إلى مكتبة الاستقلال أقدم مكتبة بعمّان.

ويذكر أهل عمّان أن الدرج كانت تقابله سينما صيفية مكشوفة أطلق عليها “سينما فرساي” وفرت للفقراء من أبناء المدينة والزائرين لها من البوادي والأرياف فرصة مشاهدة عروض الأفلام مجانا من خلال الجلوس أعلى هذا الدرج.

وتتفاوت هذه الأدراج في طولها وعرضها، وفي ضيقها واتّساعها، حيث يفوح فيها عطر النباتات المنزلية المزروعة بالعلب المعدنية أو البلاستيكية على إيقاع موسيقى تعزفها أقدام المارة وأحاديثهم بأصوات قاطني البيوت.

وشهدت هذه الأدراج تطورا معماريا بتطور المدينة حتى باتت تمثل سمة من سماتها، ويتراوح طول هذه الأدراج بين 120 و350 درجة.

وبعد صيانتها وترميمها وطلائها بألوان مبهجة، تحولت هذه الأدراج إلى لوحات فنية تجذب السياح وتجمع المثقفين والفنانين ومحبي التقاط الصور بعد تحول عدد من البيوت المفتوحة عليها إلى مقاهٍ ودور للسينما ومسارح.

واعتاد فنانون أردنيون عزف موسيقى الجاز في الهواء الطلق بهدف إعادة الحياة إلى درج المدينة القديم، وانطلق منذ أيام مهرجان “موسيقى عالدرج” ليقدم عروضا موسيقية محلية تتنوع فيها الألوان والأنماط من الفولكلور والموسيقى العربية إلى الروك والجاز.

وحضر العروض جمهور من المهتمين بهذه الألوان من الموسيقى، فضلا عن العامة الموجودين أصلا في هذه الأماكن والأطفال الذين أبدوا اهتمامهم وتفاعهلهم مع الموسيقى.

وتمّ اختيار أدراج عمّان القديمة لعراقتها ومكانتها الثقافيّة والتاريخيّة، واهتماماً بها وبإعادة إحياء رونقها حيث كانت وما تزال تجمع بين جبال عمّان السبعة وسوقها التجارية، وكذلك لإحياء السهرات والجلسات القديمة التي كانت تقام عليها من أيّام زمان لأنها بطبيعتها تجمع الناس وبالأخص الشباب الأردني.

ويقول المهندس المعماري عبدالله غوشة “تعد الأدراج أحد العناصر المعمارية لوسط عمّان، ويعود سبب إنشائها إلى طبيعة وظيفية فرضتها طبوغرافية المدينة التي تتميز بجبالها السبعة التي سميت باسمها ‘مدينة الجبال السبعة'”.

وأضاف أن تلك الأدراج اتخذت كذلك طابعا معماريا متميزا بالانتقال الفراغي من خلال احترام طبوغرافية المدينة الجبلية واعتماد أسلوب التشويق في الرحلة المعمارية للسكان من مناطق سكنهم إلى مناطق التسوق، كما منحت هذه الأدراج العاصمة قيمة جمالية وأضافت إلى المكان هوية خاصة.

20