تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى حين بوح الرئاسية بأسرارها يثير جدلا في ليبيا

تونس – أثار قرار مجلس النواب الليبي تنظيم الانتخابات البرلمانية بعد شهر من تنظيم الدور الأول للانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر، وبالتزامن مع الدور الثاني في يناير 2022، تساؤلات حول مغزى هذه الخطوة وتأثيرها على سير الانتخابات البرلمانية إذا ما اتضحت هوية الفائز من الدور الأول.
يأتي هذا فيما قوبل قرار البرلمان اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد بدل القوائم بردود فعل مختلفة خاصة من الأحزاب. وقال النائب طارق الجروشي إن قانون انتخابات مجلس النواب، هو نفس القانون رقم 10 لسنة 2014، غير أن تعديلا مهما أجري عليه ويتعلق بموعد إجراء الانتخابات البرلمانية.
وأضاف أن التعديل يقضي بإجراء الانتخابات البرلمانية بعد شهر من انتهاء الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وبالتزامن مع الجولة الثانية لها، وهدفه إنهاء الانتخابات برمّتها في مرحلة واحدة، حيث لفت إلى أن انتخاب برلمان جديد من دون انتخاب رئيس قد يدخل البلاد في دوامة جديدة وانقسام جديد.

طارق الجروشي: البرلمان أجرى تعديلا مهما يتعلق بموعد الانتخابات البرلمانية
وينتظر أن يؤثر هذا التعديل سلبا على المرحلة القادمة، حيث يخشى مراقبون من أن يتم الربط بين تنظيم الانتخابات البرلمانية وهوية الشخصية التي سيكون لها الحظ الأكبر في نيل منصب رئيس الدولة خلال الدور الثاني من الرئاسيات، مشيرين إلى أن أصحاب التعديل لم ينتبهوا إلى إمكانية حسم الانتخابات الرئاسية منذ الجولة الأولى بحصول أحد المترشحين على أغلبية مطلقة، وهو ما لفت إليه قانون انتخاب الرئيس الذي تحدث عن الدورة الثانية كمجرد احتمال في حالة عدم حسم النتائج في الدور الأول.
وتساءلت أوساط ليبية عمّا إذا كانت الانتخابات البرلمانية ستجرى في أجواء عادية ومريحة بالمنطقة الشرقية إذا لم يصل المشير خليفة حفتر أو من يمثله إلى الدور الثاني، وما إذا كانت ستنتظم فعلا في المنطقة الغربية إذا فاز حفتر أو أحد رموز النظام السابق بمنصب رئيس الدولة.
وكانت ميليشيات “بركان الغضب” الموالية لحكومة عبدالحميد الدبيبة نظمت الاثنين مظاهرة في ميدان مطار طرابلس الدولي أعلنت خلالها أنها ستغلق صناديق الاقتراع وتمنع تنظيم الانتخابات في مناطق نفوذها في حال ترشح حفتر أو سيف الإسلام القذافي للاستحقاق الرئاسي.
ودعا مجلس النواب الأجسام السياسية والتنفيذية إلى الاقتداء به في الإيفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقها، وكذلك كافة السياسيين لتغليب مصلحة الوطن والسمو على أيّ مصالح شخصية أو حزبية أو جهوية أو قبلية أو أيّ هدف عدا ما يحقق مصلحة ليبيا وشعبها.
وقالت هيئة رئاسة المجلس في بيان “إنه كان لزامًا على مجلس النواب مواكبة رغبة الشعب الليبي صاحب السيادة في تطلعه إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الجاري، وذلك انطلاقًا من المسؤولية الملقاة على عاتق مجلس النواب، لإيصال البلاد إلى برّ الأمان والإيفاء منه بالتزاماته بوضع الإطار القانون والدستوري وإصدار التشريعات اللازمة للاستحقاق الانتخابي في موعده في الرابع والعشرين من ديسمبر”.
واعتبرت رئاسة مجلس النواب أنه بإصدار التشريعات والقوانين المنظمة للانتخابات المقبلة “يكون (المجلس) قد أنهى مرحلة من أخطر المراحل التي مرت على تاريخ ليبيا الحديث، وبعد مضي سنوات من عدم الاستقرار والحروب والفوضى”.

محمد صوان: إقرار النظام الفردي دون القوائم الحزبية يجب أن يرفض من الجميع
في المقابل، أعلن مجلس الدولة الاستشاري الثلاثاء رفضه لقانون انتخاب البرلمان الذي أقره مجلس النواب الليبي، وأكد رئيسه خالد المشري أنه غير موافق على القانون ومتمسّك بانتخاب برلمان من غرفتين: مجلس للنواب وآخر للشيوخ.
كما أوضح محمد عبدالناصر الناطق باسم المجلس عبر حسابه على موقع تويتر “يرفضُ المجلس الأعلى للدولة خروقات مجلس النوّاب المستمرّة للاتفاق السياسي المضمّن في الإعلان الدستوري، وآخرها إصداره ما أسماه قانون انتخاب البرلمان”، لافتا إلى أن مجلس النواب لم يلتزم في هذا القانون بنصِّ المادّة 23 من الاتفاق السياسي، التي تلزم مجلس النواب بالاتفاق مع المجلس الأعلى للدولة حول هذا القانون، ومؤكدا التزامه بموعد الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
وحمّل عبدالناصر المسؤوليّة لمجلس النوّاب وأعضائه في حال حدوث أيّ تأجيل أو تعطيل لموعد الانتخابات، بسبب التصرفات أحاديّة الجانب، وعدم الاستناد على مواد الاتفاق السياسي لإنجاز القوانين الانتخابية.
واعتبر محمد صوان الرئيس السابق لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، أن “إقرار النظام الفردي فقط في قانون الانتخابات التشريعية دون القوائم الحزبية يجب أن يرفض من كل الأطراف والشخصيات والأحزاب السياسية والجهات الداعمة للمسار الديمقراطي، فالبديل عن نظام قوائم تتوزع حسب المشاريع والقناعات السياسية والفكرية وتشكل دعامة لعمل برلماني فعال وجدي هو الارتهان للحسابات الشخصية والقبلية والجهوية”.
وزعم القيادي في تنظيم الإخوان والعضو المستقيل من ملتقى الحوار السياسي عبدالرزاق العرادي أنه يجب رفض قانون الانتخابات البرلمانية الذي أصدره مجلس النواب.
وقال العرادي في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على تويتر “يجب الطعن ورفض قانون الانتخابات البرلمانية المعيب الذي أصدره مجلس النواب”، متابعا أن “القانون صدر بالمخالفة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي والنظام الداخلي وخارطة الطريق وقرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر برلين”.
وأثار إقرار اللوائح الفردية للمترشحين جدلا واسعا بين القوى السياسية الليبية، واقترح وزير العدل السابق في المجلس الانتقالي محمد العلاقي أن يكون أغلب أعضاء البرلمان الجديد من الأحزاب.
وقال العلاقي “لا ديمقراطية دون أحزاب مدنية، ونحن ننتظر استحقاق الانتخابات البرلمانية لو تم إجراؤها في الميعاد نقترح أن يكون أغلب أعضاء البرلمان من الأحزاب، بمعنى أن تعطي النسبة الأكبر لممثلي الأحزاب لكي نبتعد عن الجهوية والقبلية في تجربتنا الديمقراطية هذه، لأن التمثيل الفردي في الغالب يعتمد على القبلية والجهوية”.