البرلمان الليبي ينتقد تدخلات المفوضية العليا بشأن قانون انتخاب الرئيس

طبرق (ليبيا) - استغرب نواب من أعضاء البرلمان الليبي مساء الأربعاء التصريحات الصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات حول تقديمها ما أسمته "ملاحظات فنية" وادعائها قبول مجلس النواب بها، واصفين التعديلات الجوهرية التي أجرتها بالسابقة الخطيرة.
ووصف عشرون نائبا في بيان ملاحظات المفوضية بأنها "سابقة خطيرة"، معتبرين أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تتدخل بذلك في "اختصاصات دستورية هي من ضمن اختصاصات البرلمان".
وأوضحوا أن "التعديلات التي وجهتها المفوضية للمجلس تعتبر تعديلات جوهرية على القانون وليست فنية"، مشددين على أنه "ليس من اختصاص المفوضية العليا للانتخابات أن تبديها، كما أنها لا تستقيم مع طبيعة المرحلة والوضع القانوني لمجلس المفوضية الإداري وما يشهده من نقص في أعضائه واستقالة رئيسها السابق".
وأضافوا أن "مجلس النواب لم يوافق وغير مطروح أصلا حتى نقاش هذه التعديلات، لأن القانون صدر في جلسة رسمية وتم إرساله إلى المفوضية التي خرجت ببيان تعلن فيه استلامها للقانون وإدراجه ضمن القوانين التي يستند عليها عمل المفوضية".
وجاء هذا البيان على خلفية تصريحات صحافية لعضو المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عبدالحكيم الشعاب، أكد خلالها قبول مجلس النواب الملاحظات الفنية على قانون انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب.
وقال الشعاب في تصريحات لقناة "بانوراما" الموالية لأجندة جماعة الإخوان في ليبيا، إن قانون انتخاب مجلس النواب سيحال إلى المفوضية العليا للانتخابات الأسبوع القادم.
وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات طالبت مجلس النواب بإعادة النظر وتصحيح بعض مواد قانون انتخاب رئيس الدولة، مؤكدة أنها اتخذت الإجراءات الأولية لوضع القانون موضع التنفيذ.
وقال عضو مجلس النواب مفتاح كويدير في تصريحات صحافية إن "المفوضية العليا للانتخابات ليس من حقها طلب تعديل قانون انتخاب الرئيس".
وأضاف أن مجلس النواب "أصدر القانون وأصبح نافذا وتم إخبار المفوضية به، وعليها تنفيذه فقط دون إبداء أي تعديلات أو ملاحظات".
وأكد كويدير أن مجلس النواب الليبي سيناقش الأسبوع المقبل قانون انتخاب مجلس النواب، بعد عرضه في جلسته الرسمية.
وينتظر الليبيون أن يكمل مجلس النواب مهمته في إعداد القاعدة الدستورية لعقد الانتخابات في ديسمبر المقبل، حيث حسم الشق "الرئاسي" منها بإصدار القانون رقم 1 لسنة 2021، بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد اختصاصاته.
وكان مجلس النواب الليبي أصدر الجمعة الماضي قرارا بتشكيل لجنة مؤقتة من النواب ومن أعضاء اللجنة الاستشارية القانونية لمكتب رئاسة المجلس، ستكون مهمتها إعداد مقترح قانون الانتخابات التشريعية المقبلة.
وأوضح مجلس النواب الليبي في القرار الذي نشره على موقعه الرسمي، أن هذه اللجنة التي تضم 13 عضوا تتولى دراسة وإعداد مقترح مشروع قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأشار إلى أنه سيكون على أعضاء مجلس النواب تقديم مقترحاتهم وملاحظاتهم بشأن مشروع الانتخابات البرلمانية إلى هذه اللجنة، لدراستها والنظر في إمكانية تضمينها بمشروع القانون.
ولفت القرار في مادته الأخيرة إلى أنه "يُعمل بأحكام هذا القرار من تاريخ صدوره وعلى كل ما يخصه تنفيذه".
ويأتي تشكيل هذه اللجنة، بعد أيام من قرار البرلمان الليبي سحب ثقته من حكومة عبدالحميد الدبيبة، والجدل الدائر حول مدى قدرة الأطراف السياسية في ليبيا على إنجاز الانتخابات المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
وأرجأ البرلمان جلسته التي كانت مقررة الاثنين، من أجل بحث قانون الانتخابات التشريعية، إلى الأسبوع المقبل، وذلك لإتاحة وقت للجنة إعداد مُقترح القانون لتنتهي من أعمالها، حسب بيان الناطق باسم المجلس عبدالله بليحق.
وكان رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، قطع الطريق أمام المشككين في نية البرلمان إصدار القانون، قائلا "إنه في حال عدم صدوره، فعلى المفوضية العمل بالقانون السابق، الذي يحمل رقم 10 لسنة 2014، والذي انتخب عليه المجلس الحالي"، مشددا على أن الأخير سيسلم السلطة بمجرد انتخاب المجلس الجديد.
وينظر إلى الانتخابات المزمع عقدها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل باعتبارها خطوة حاسمة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا التي تشهد حالة من الفوضى منذ 2011.
ويحاول الإسلاميون في ليبيا، وخصوصا تنظيم الإخوان، عرقلة الوصول إلى الانتخابات وتعطيل مسار القاعدة الدستورية للاستحقاق التشريعي، كما هددوا بالانقلاب على الانتخابات العامة في حال فشل مرشحيهم.
ويخشى تنظيم الإخوان الذي يسيطر على المؤسسات الحيوية الاقتصادية للبلاد، من وصول رئيس مناهض لهم ينهي سيطرتهم على البلاد.
وكان خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، تقدم الأسبوع الماضي بمبادرة تنص على إجراء الانتخابات التشريعية مقابل تأجيل الرئاسية، بعد أشهر من التمسك بالدستور كقاعدة لإجراء الانتخابات.
ويُنظر إلى تمسك المشري، ومن خلفه الإسلاميون وتركيا، بإجراء الاستفتاء على الدستور قبل الانتخابات على أنه محاولة للعرقلة ليس أكثر، إذ سيستغرق الاستفتاء على مسودة الدستور وقتا، كما أن هناك توقعات بإمكانية سقوطه في إقليم برقة، وهو ما يعني إعادة صياغته ثم إجراء استفتاء جديد.