إنشاء محكمة شعبية للتحقيق في جرائم قتل الصحافيين

لاهاي - أنشأت ثلاث منظمات دولية داعمة لحرية الصحافة محكمة شعبية للتحقيق في جرائم قتل الصحافيين ومساءلة الحكومات قانونيّا عنها، في بادرة غير مسبوقة الغاية منها تحقيق العدالة في هذه القضايا.
وقالت لجنة حماية الصحافيين الدولية إن هذه المحكمة تتخذ طابع العدالة الشعبية وتعتمد على تحقيقات وتحليلات قانونية عالية الجودة تتناول حالات قتل محددة في ثلاثة بلدان. وسوف تنعقد أولى جلسات الاستماع لهذه المحكمة في لاهاي في الثاني من نوفمبر القادم.
وأضافت أن العنف ضد الصحافيين يشهد تزايدا في مختلف أنحاء العالم؛ فمنذ 1992 قُتل أكثر من 1400 صحافي فيما يبقى القتلة أحرارا في ثمانية من كل عشر جرائم قتلٍ للصحافيين. ومن شأن هذا المستوى المرتفع دائماً للإفلات من العقاب أن يعمل على إدامة دورة العنف ضد الصحافيين مما يشكل تهديداً لحرية التعبير.
وطلبت منظمات رائدة في مجال حرية الصحافة، وهي منظمة "صحافة حرة بلا حدود" ومنظمة "مراسلون بلا حدود" ولجنة حماية الصحافيين، من المحكمة الشعبية الدائمة عقد محكمة شعبية للنظر في جرائم قتل الصحافيين باعتبارها خطوة مهمة للضغط من أجل تحقيق العدالة.
وقال ليون ويلمز، مدير السياسات والبرامج في منظمة "صحافة حرة بلا حدود"، "لقد قُتل عدد كبير جداً من الصحافيين الشجعان بسبب قيامهم بعملهم الحيوي وهو نقل الحقيقة".
وأضاف ويلمز “تطالب المحكمة الشعبية بتحقيق العدالة في هذه الجرائم البشعة وتخلق الحافز من أجل تعبئة جهود الدول لمواجهة الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحافيين. يمكننا، بل ويتوجب علينا، القيام بالمزيد من أجل جلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة. يشكل ذلك عامل إلهام بالنسبة إلى مشروع 'عالم أكثر أماناً من أجل الحقيقة".
والغاية من المحاكم الشعبية هي مساءلة الدول عن انتهاكات القانون الدولي من خلال العمل على تشكيل الوعي العام وإعداد سجل قانوني بالأدلة وأداء دور مهم على صعيد تمكين الضحايا وتسجيل قصصهم.
وسوف تُحاكِم هذه المحكمة حكومات كل من سوريا والمكسيك وسريلانكا لإخفاقها في تحقيق العدالة في ما يتعلق بجرائم قتل كل من نبيل شربجي وميغيل أنخل لوبيز فيلاسكو ولاسانثا ويكراماتونغا.

وقتل الصحافي السوري نبيل وليد شربجي تحت التعذيب في الثالث من مايو 2015، بحسب بيان أصدرته رابطة "الصحافيين السوريين"، بعد أن اعتقلته المخابرات الجوية في ريف دمشق في السادس والعشرين من فبراير 2012.
وسوف يترأس محامي حقوق الإنسان المودينا برنابيو فريق الادعاء في الجلسة الافتتاحية للمحكمة. وستلقي البارونة هيلينا كينيدي الكلمة الافتتاحية للجلسة، وهي محامية بمرتبة مستشارة الملكة وعضو فريق الخبراء القانونيين الرفيع المستوى المعني بحرية الإعلام.
ومن أبرز الشهود الذين سيدلون بشهاداتهم الصحافية الفلبينية المعروفة ماريا ريسا، والصحافي ماثيو كاراوانا غاليزيا، ابن الصحافية المالطية دافني كاروانا غاليزيا التي قُتلت عام 2017، والصحافية الاستقصائية بافلا هولوكوفا، وهي زميلة الصحافي السلوفاكي يان كوتشياك الذي قُتل عام 2018.
وقال جويل سيمون، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحافيين، “تؤدي المحكمة دورا مهما على صعيد إنصاف هؤلاء الصحافيين الشجعان، كما أنها تمنح أفراد عائلاتهم وزملاءهم فرصة ليوصلوا أصواتهم ويشاركوا الآخرين قصصهم الخاصة وليتحدثوا عن الأثر الذي تركته هذه الجرائم الوحشية".
وقد عمل أقارب الضحايا بلا كلل كي تبقى قصص هؤلاء الصحافيين حية، وذلك رغم ما لاقوه من تهديدات ومضايقات في أغلب الأحيان. وقد كان صوتهم عاملاً حاسمًا في مواصلة الجهود لمكافحة الإفلات من العقاب.
وصرّح كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، بقوله "يصادف موعد انعقاد الجلسة الافتتاحية اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين. ولا تقف هذه المبادرة عند مجرد تسمية السلطات التي تسمح بمثل هذا المستوى المفزع من الإفلات من العقاب وفضحها، بل تتخطى ذلك إلى ضرب مثال مادي ملموس ومفيد لما يتوجب على القضاء القيام به".
وتأسس اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في الثاني من نوفمبر 2013، ملفتا الانتباه إلى الضرورة الحيوية لحماية الصحافة الحرة باعتبارها عنصرا أساسيا من عناصر حرية الرأي والتعبير، سواء في الصحافة المطبوعة أو في الصحافة المنشورة عبر الإنترنت.
وقال المودينا برنابيو، ممثل الادعاء في المحكمة الشعبية الخاصة بجرائم قتل الصحافيين، "حرية التعبير هي حق أساسي من حقوق الإنسان. ورغم ذلك تقرع وتيرة الانتهاكات الخطيرة المرتكبة ضد الصحافيين ناقوس الخطر؛ لقد حان الوقت لمساءلة الدول عن ذلك".