بقايا الطعام تنير شوارع الهند

الهند تواجه تحدي الطاقة النظيفة بالاستفادة من القمامة.
الاثنين 2021/09/06
التخلص من كابوس تراكم النفايات

تسعى الهند عبر مشروع لتدوير النفايات المتراكمة من مخلفات الطعام وقشور الخضار إلى إنتاج طاقة مجانية ومتجددة، وبفضل تغير مفهوم إدارة النفايات في السنوات القليلة الماضية، يتم المضي قدما في هذا المشروع الهادف إلى حل مشكلة كيفية التخلص من القمامة وفي الآن نفسه من إنتاج غاز حيوي.

بوني (الهند) - كان التخلص من القمامة قبل أربع سنوات، يعني شيئا واحدا لسافيتري باي باتيل أكوام القمامة المتعفنة النتنة المنتشرة حول حيها في بوني، غرب الهند.

ولكن شوارع مجمع أشوك ميدوز السكني أصبحت نظيفة، حيث يلتقط العمال القمامة من عتبات منازل السكان كل يوم ويحولون بعضها إلى كهرباء.

ويحوّل المجمع منذ 2017، مخلفات الطعام إلى غاز حيوي يستخدم لإضاءة الشوارع في المنطقة والمتنزه والنادي الاجتماعي والصالة الرياضية.

وقالت باي باتيل البالغة من العمر 62 عاما “الطاقة النظيفة من بقايا طعامنا الفاسد وقشور الخضار وغيرها من الأشياء التي نرميها، إن تغير مفهوم إدارة النفايات في السنوات القليلة الماضية يبقى أمرا لا يصدق”.

وتنتشر مولدات الغاز الحيوي مثل تلك المستخدمة في أشوك ميدوز في أكثر من 75 موقعا في جميع أنحاء الهند.

وكشف جالاج كومار شاتورفيدي رئيس شركة شيون وايست ماناجرن، أن أنظمة إنرجي بينز تتيح للمجتمعات تحويل النفايات إلى طاقة مجانية ومتجددة.

وتابع “إن العثور على مدافن نفايات مثقلة بالقمامة التي تنمو كل يوم مشهد مألوف. ولكن بما أن إنرجي بينز تتخلص من النفايات نفسها، فإن المكبات تتناقص”.

ووفقا لريشيكا ماهالي، وهي من سكان أشوك ميدوز، فإن نظام المجمع الذي يديره ويصونه السكان ساعد في حل مشكلة كيفية التخلص مما يقرب من طن من القمامة التي ينتجها 550 منزلا ومنطقة مشتركة في المجمع كل يوم.

وأشارت ماهالي إلى أنه قبل أن يشتري المجتمع المولد بتكلفة 2.3 مليون روبية هندية (31 ألف دولار)، واجه صعوبات في جمع القمامة التي غالبا ما تُركت تتراكم.

هذه الخطوة تأتي في إطار مسعى الحكومة إلى التقليل من كثافة انبعاثات الكربون
هذه الخطوة تأتي في إطار مسعى الحكومة إلى التقليل من كثافة انبعاثات الكربون

وأضافت “لقد تخلصنا الآن من الذباب الطنان ووباء البعوض والحشرات الأخرى وبالطبع الرائحة الكريهة التي تنبعث من الحاويات التي تُترك فيها القمامة حتى تصل سيارات البلدية لجمعها”.

وأشارت إلى أن جامعي النفايات الذين يدفع سكان أشوك ميدوز أجورهم كل يوم يضعون ما بين 550 و600 كيلوغرام من نفايات الطعام في مصنع الغاز الحيوي.

وعندما تتحلل المادة العضوية، فإنها تنتج غازا قابلا للاشتعال يتكون أساسا من الميثان وثاني أكسيد الكربون. ثم يتم ضغط الميثان وتوجيهه عبر الأنابيب إلى مولد طاقة يحرق الغاز لتحويله إلى 50 كيلوواط/ساعة من الكهرباء للمجتمع كل يوم.

جامعي النفايات الذين يدفع سكان أشوك ميدوز أجورهم كل يوم يضعون ما بين 550 و600 كيلوغرام من نفايات الطعام في مصنع الغاز الحيوي

ولفتت ماهالي إلى أنه قبل تركيب المصنع، كان المجمع ينفق حوالي 550 روبية (7.50 دولار) يوميا على الكهرباء لإنارة الشوارع والمرافق العامة الأخرى، وهي تكلفة اختفت الآن تقريبا. كما أنها توفر على السكان ما يصل إلى 6 آلاف روبية (82 دولارا) شهريا من تكاليف التخلص من القمامة.

وأفاد جيتندرا إس سانجواي، وهو أستاذ هندسة كيميائية في المعهد الهندي للتكنولوجيا في تشيناي، بأن أكبر فائدة لمصانع الغاز الحيوي (التي تزداد شعبية في جميع أنحاء العالم كطريقة لخلق طاقة ذكية مناخيا) هي قدرتها على تقليل الانبعاثات.

ويتم ذلك على وجه الخصوص، من خلال التقاط الغازات المغيرة للمناخ والتي تُطلق عادة في الغلاف الجوي عندما تتحلل المواد العضوية في الطبيعة، يمكن لهذه التكنولوجيا الحدّ من انبعاثات غاز الميثان، وهو محرك قوي قصير المدى لتغير المناخ.

وأضاف سانجواي أنه في حين أن العديد من أجهزة هضم الغاز الحيوي صغيرة الحجم تعمل في جميع أنحاء العالم، فإن التكاليف والمنافع المناخية لمولدات الغاز الحيوي الكبيرة مثل إنرجي بينز تقتصر في الوقت الحالي على المجتمعات التي تستطيع تحمل تكاليفها. وقال إن “شراء الأنظمة وتركيبها وصيانتها تبقى أمورا باهظة الثمن”.

لكن شاتورفيدي أشار إلى أن الجهاز يوفر فوائد متعددة. حيث يمكن لبعض البلديات الاستفادة من الحسومات الضريبية المقدمة للسكان الذين يعالجون النفايات العضوية إلى جانب خفض تكاليف الكهرباء وجمع القمامة، كجزء من جهد لتخفيف العبء الثقيل على مدافن النفايات. بهذا الامتياز الضريبي والمدخرات الأخرى، تدفع المولدات نفقاتها في غضون ثلاث سنوات.

النفايات الغذائية مصدر للطاقة الكهربائية
النفايات الغذائية مصدر للطاقة الكهربائية

وتعاني مختلف المحافظات الهندية من مشكلات التخلص من أكوام القمامة، ففي نيودلهي يتخلص وفقا لتقارير نشرت في أبريل 2018 السكان الذين يصل عددهم إلى حوالي 20 مليون نسمة، مما يفوق 9000 طن من القمامة يوميا. ولا يتم الفصل بين المواد العضوية وغير العضوية - كل شيء من بقايا الطعام إلى البطاريات وعلب المشروبات يذهب إلى الصناديق الهندية - مما يضر بالكفاءة ويزيد من الانبعاثات السامة.

وفي مجمع من مكاتب موظفي السكك الحديدية الجنوبية الشرقية ومساكنهم في كولكاتا، يعمل مولد الغاز الحيوي بسعة 1000 كيلوغرام منذ يناير 2020. ويخدم مجمعا يضم 1200 منزل وسوقا وناديا اجتماعيا ومستشفى يحتوي على مطبخ يولد نفايات الطعام على مدار اليوم.

وقبل تركيب الجهاز، لم تكن جهود المجموعة البلدية التي تجمع النفايات مرة واحدة يوميا كافية للتخلص من جميع بقايا الطعام المنتجة، كما لفتت كبيرة خبراء التغذية في المستشفى، الدكتور سانشيتا مازومدر.

75

عدد مولدات الغاز الحيوي التي تولد الطاقة النظيفة من بقايا الطعام الفاسد وقشور الخضار تنتشر في جميع أنحاء الهند

وتابعت “كان التخلص من الكثير من النفايات كابوسا. كان علينا حفر ثقوب في الفناء الخلفي لرميها”، مضيفة أن الحيوانات الضالة تحفر على القمامة بعد ذلك وتنشرها حول المجمع.

وقالت إن ذلك لم يكن مشكلة منذ تركيب وحدة الغاز الحيوي، مشيرة إلى أن الغاز المتولد من نفايات المطبخ ساعد المستشفى على تقليل استخدامه لغاز البترول المسال للطهي بنسبة 80 في المئة.

وأكد ألطاف حسين رئيس قسم الحفظ في المجمع، أن وجود طريقة أفضل للتخلص من النفايات قد أدى إلى تقليل القمامة حول المجمع أيضا، معتبرا أن “أفضل جزء هو كيف يتعلم المجتمع تبني أساليب التخلص من القمامة بالطرق النظيفة”.

وتسعى الهند للاستفادة من التطور التكنولوجي الذي نجح عدد من العلماء من كافة أنحاء العالم بفضله في التخلص من عدة مشكلات يمكن أن تواجه البشرية مستقبلا كنفاد الطاقة.

ولا يعد استخلاص طاقة كهربائية صديقة للبيئة والوقود البديل من بقايا الطعام والخضار أمرا جديدا، فقد توصل إليه باحثون في وقت سابق.

وتأتي هذه الخطوة في إطار مسعى الحكومة إلى تعزيز الطاقة الصديقة للبيئة والتقليل من كثافة انبعاثات الكربون وزيادة حصة الكهرباء المنتجة من مصادر أخرى غير الوقود الأحفوري إلى 40 في المئة بحلول عام 2030.

20