بايدن يدافع عن قرار الانسحاب من أفغانستان رغم الفوضى

البيت الأبيض يتعهد بخروج آمن لأكثر من مئة أميركي من أفغانستان.
الأربعاء 2021/09/01
بايدن: الخيار الذي كان متاحا هو إما مغادرة أفغانستان وإما "التصعيد" العسكري

واشنطن - دافع الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الثلاثاء بنبرة حازمة عن انسحاب قوات بلاده من أفغانستان، متوعدا تنظيم داعش - ولاية خراسان بالمزيد من الرد، بعد الفوضى العارمة التي اتّسمت بها عمليات الإجلاء.

وفي خطاب إلى الأمة غداة إنجاز الانسحاب الأميركي من أفغانستان قال بايدن متوجّها إلى مواطنيه "أقول لكم من صميم قلبي، أنا مقتنع بأنّه القرار الصحيح، القرار الحكيم، والقرار الأفضل للولايات المتحدة".

وأضاف الرئيس الديمقراطي الذي أنهى بقراره حربا استمرت 20 سنة وهي أطول حرب خاضتها الولايات المتّحدة في تاريخها على الإطلاق، "لقد كنّا أمّة في حالة حرب لفترة طويلة".

وشدّد بايدن في خطابه على أنّ الخيار كان "بسيطا" بعد الاتفاق الذي أبرمه في 2020 سلفه الجمهوري دونالد ترامب مع حركة طالبان، إذ كان أمامه "إما أن نمضي قدما في الالتزام الذي تعهّدت به الإدارة السابقة ونغادر أفغانستان، أو نقول إنّنا لن نغادر ونرسل عشرات الآلاف من الجنود إلى الحرب".

وأضاف "كان الخيار بين المغادرة أو التصعيد. لم أكن مستعدّا لإطالة أمد هذه الحرب إلى ما لا نهاية وأمد الخروج إلى ما لا نهاية".

وكان وضع حد لهذه "الحرب التي لا تنتهي" أحد أكبر وعود بايدن في حملته الانتخابية، وكانت الفكرة تحظى بشعبية واسعة.

وبعد مقتل أكثر من 2400 عسكري أميركي وجرح عدة آلاف آخرين، وإنفاق ما يقدر بنحو 2.3 تريليون دولار في مسعى للانتصار على طالبان، عاد المتمردون إلى السلطة مع فقدان الأميركيين الاهتمام بالحرب.

لكنّ الانسحاب الذي انتهى بمغادرة آخر القوات والدبلوماسيين جوّا منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء من كابول، اعتبره كثيرون في الولايات المتحدة هزيمة نكراء.

ويجد بايدن الذي يتحمل تلك الهزيمة، نفسه الآن في وضع سياسي هشّ.

وما زاد من الانتقادات لعملية الانسحاب الفوضوية من أفغانستان هو التفجير الانتحاري الذي وقع الخميس قرب مطار كابول وأسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم 13 عسكريا أميركيا، وتبنّاه تنظيم داعش - ولاية خراسان.

وكان بايدن حضر الأحد في قاعدة دوفر وصول نعوش القتلى العسكريين الثلاثة عشر، وهم آخر عسكريين أميركيين يموتون في حرب لم يعد الرأي العام يدعمها منذ فترة طويلة.

وخمسة من هؤلاء القتلى الأميركيين كانوا في العشرين من العمر أي أنّهم بالكاد كانوا قد ولدوا عندما بدأت الحرب.

وتوعّد بايدن في خطابه التنظيم الجهادي بالمزيد من الردّ، وقال "سنواصل الحرب ضدّ الإرهاب في أفغانستان ودول أخرى"، مضيفا "إلى تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان أقول: لم نفرغ منكم بعد".

وتعهّد بايدن قيادة "استراتيجية صارمة وقاسية ومركّزة ودقيقة، تتعقّب الإرهاب حيث هو اليوم، وليس حيث كان قبل عقدين من الزمن".

وكانت الولايات المتّحدة اجتاحت أفغانستان على رأس تحالف دولي للإطاحة بنظام طالبان، بسبب إيوائه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي دبّر هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

ويصوّر الجمهوريون، وفي مقدّمهم ترامب، الانسحاب على أنّه فشل مذلّ وهزيمة تفوق حتى إجلاء عام 1975 من سايغون، وإشارة إلى العالم بأنّ الولايات المتحدة استسلمت.

وعلى الرّغم من أنّ فكرة مغادرة أفغانستان كانت تحظى بشعبية، إلا أنّ طريقة الخروج صدمت الأميركيين.

وبدأت الفوضى مع الانهيار المفاجئ للجيش الأفغاني الذي بنته الولايات المتحدة، ما سمح لطالبان بالسيطرة على معظم أنحاء البلاد من دون مقاومة تقريبا.

لكنّ بايدن أشاد في خطابه بـ"النجاح الاستثنائي" لمهمة إجلاء مواطني الولايات المتّحدة وحلفائها من أفغانستان، والتي تمّت بواسطة جسر جوّي ضخم أتاح إجلاء أكثر من 120 ألف شخص في غضون أسبوعين.

وقال "لقد أنجزنا واحدا من أكبر الجسور الجوية في التاريخ"، مضيفا "لم تنجز أي دولة شيئا مثله قطّ، فقط الولايات المتحدة لديها الإمكانية والإرادة والقدرة على القيام بذلك".

واعتبر الرئيس الأميركي أنّ "النجاح الاستثنائي لهذه المهمة يرجع إلى الموهبة المذهلة والشجاعة ونكران الذات التي يتمتّع بها جيشنا ودبلوماسيونا واستخباراتنا".

وأكّد أنّ إدارته مصمّمة على مساعدة الأميركيين الذين ما زالوا في أفغانستان على المغادرة، علما بأنّ عدد هؤلاء يقدّر بما بين 100 و200 شخص.

وقال "بالنسبة للأميركيين الذين ما زالوا هناك (في أفغانستان) نقول إنّ لا مهلة زمنية. نحن ملتزمون بإخراجهم إذا كانوا راغبين بذلك".

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلنت واشنطن تعليق عمل سفارتها لدى كابول، في إطار إكمال الانسحاب من أفغانستان، لتنهي أطول حرب في تاريخها استمرت نحو 20 عاما.

وعقب إقلاع آخر طائرة حربية، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن علقت وجودها الدبلوماسي في أفغانستان، وستقوم من العاصمة القطرية الدوحة بالعمل القنصلي وإدارة المساعدات الإنسانية، عبر فريق يقوده إيان مكاري، نائب رئيس البعثة الأميركية لدى كابول.