تاريخ طالبان السيء مع الصحافة يجهض الثقة بتعهداتها للإعلام

العشرات من الشبكات التلفزيونية والإذاعية توقفت عن البث أو سيطرت عليها طالبان أثناء عملياتها العسكرية قبل الوصول إلى كابول.
الأربعاء 2021/08/25
استهداف الصحافيين على يد طالبان لم يتوقف

كابول – ينظر العالم إلى عودة طالبان إلى السلطة على أنها ضربة خطيرة للمشهد الإعلامي الأفغاني الذي شهد نموا كبيرا بعد الإطاحة عام 2001 بأول نظام أسسته طالبان.

وشدد مسؤولو طالبان في الدوحة وأفغانستان بعد سقوط كابول على أنه يمكن لوسائل الإعلام مواصلة عملها بحرية مؤكدين أن الصحافيين لن يتعرضوا إلى الأذى أو المضايقة.

وعقدوا مؤتمرا صحافيا رسميا رد خلاله الناطق باسمهم ذبيح الله مجاهد على أسئلة اتسمت بالصراحة، حتى أن مسؤولا في طالبان أجرى مقابلة تلفزيونية أدارتها صحافية، في خطوة اعتبرت أشبه برسالة في هذا الصدد.

لكن كما هو الحال في ما يتعلق بتعهّدات الحركة بشأن قضايا مثل حقوق المرأة والعفو، لا يبدو أن الصحافيين الأفغان يثقون كثيرا في أن مسؤولي طالبان يعون ما يقولون.

وكان عدد كبير من الصحافيين من بين عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يحاولون الهرب من أفغانستان بعد استحواذ طالبان على السلطة خوفا من عمليات انتقامية عنيفة من قبل المسلحين، فالتطمينات التي أطلقتها الحركة المتشددة تقابل بشك لدى الصحافيين عند النظر إلى تاريخ طالبان في هذا الشأن.

ولم يكن هناك إعلام يذكر عندما حكم الإسلاميون أفغانستان من العام 1996 حتى 2001، إذ حظروا التلفزيون والأفلام ومعظم أشكال الترفيه الأخرى على اعتبارها غير أخلاقية. كما حظرت بعض المنتجات الإلكترونية باعتبارها غير إسلامية.

وواجه الأشخاص الذين ألقي عليهم القبض وهم يشاهدون التلفزيون عقوبة بما في ذلك تحطيم الجهاز. وكان من شأن امتلاك جهاز فيديو أن يعرّض صاحبه للجلد في مكان عام.

وفي إحدى المراحل كانت الشرائط المغناطيسية من أشرطة الكاسيت التي تم تدميرها تشاهد وهي ترفرف من غصون الأشجار في بعض أجزاء العاصمة كابول.

ولم تكن هناك إلا محطة إذاعية واحدة هي “صوت الشريعة” التي كانت تبث برامج دعائية وإسلامية.

توقفت العشرات من الشبكات التلفزيونية والإذاعية عن البث في الأسابيع الأخيرة، أو سيطرت عليها طالبان أثناء عملياتها العسكرية

وبعد سقوط طالبان عام 2001 بموجب ترتيب دعمته الولايات المتحدة شهد قطاع الإعلام في أفغانستان نموا ضخما بما في ذلك في الشبكات التلفزيونية والإذاعية الخاصة.

ولم يكن الأمر متعلقا بالأخبار وحدها إذ تم إنتاج أفلام ومسلسلات وبرامج عرض المواهب والأغاني المصوّرة.

وأصبح لدى أفغانستان اليوم أكثر من 50 محطة تلفزيونية و165 محطة إذاعية والعشرات من المنشورات، وفق ما أفادت منظمة مراسلون بلا حدود الشهر الحالي نقلا عن اتحاد الصحافة الوطني.

واتسع نطاق استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا عبر الهواتف الذكية في السنوات الأخيرة.

ولعل الأمر الذي كان لافتا أكثر من غيره هو أن انفتاح الإعلام الأفغاني فتح مساحة وفرصا للنساء اللواتي تم استبعادهن من الحياة العامة والتعليم وسوق العمل في عهد طالبان.

وعملت المئات من النساء حول البلاد أمام أو خلف عدسات الكاميرات كصحافيات ومنتجات ومذيعات ومؤديات.

كما عمل العشرات من الصحافيين الأفغان في وسائل إعلام أجنبية.

لكن في الأسابيع الأخيرة توقفت العشرات من الشبكات التلفزيونية والإذاعية عن البث أو سيطرت عليها طالبان أثناء عملياتها العسكرية للسيطرة على مختلف مناطق البلاد قبل الوصول إلى كابول.

ورغم الوعود التي قطعها أبرز ناطق باسم الحركة، ذكرت تقارير بأن مقاتلي طالبان يفتّشون منزلا تلو الآخر بحثا عن معارضيهم بمن فيهم صحافيون.

وأفادت شابنام داوران الصحافية في هيئة “آر.تي.أي” الحكومية للبث الأسبوع الماضي بأنه طُلب منها المغادرة نظرا إلى أن “النظام تغيّر”. وقالت “حياتنا مهددة”.

بدورها قالت مذيعة التلفزيون الوطني خديجة أمين إن طالبان منعتها من الدخول إلى التلفزيون الخميس الماضي، وقال لها عناصر من الحركة “إننا لا نسمح بظهور وجه المرأة على التلفزيون”.

وتفيد تقارير بأن العديد من الصحافيين الأفغان تواروا عن الأنظار أو يحاولون مغادرة البلاد على متن الرحلات المخصصة لعمليات الإجلاء من كابول.

وغادر العديد من العاملين لدى وسائل إعلام أجنبية، لكن الوضع صعب للغاية بالنسبة إلى أولئك الذين لا يتمتعون برعاية أجنبية.

العديد من الصحافيين الأفغان تواروا عن الأنظار أو يحاولون مغادرة البلاد على متن الرحلات المخصصة لعمليات الإجلاء من كابول

وقال الصحافي الأفغاني المخضرم بلال سارواري، الذي غادر الأحد، إن الوضع خرج عن السيطرة.

وأفاد على تويتر أن ما يحصل يعد بمثابة “مجزرة لأحلامي وتطلعاتي. إنه يوم مأساوي في حياتي”.

وفي ولاية جوزجان الشمالية أفادت إذاعة “سلام وطندار” الاثنين بأنه سيسمح لها ببث محتواها بعدما جرت مراجعته في مكتب محلي لطالبان.

وداهم مسلحو طالبان منزل رئيس التلفزيون المحلي “انعكاس”، وصادروا ثلاث سيارات وكمبيوترات تابعة للتلفزيون بعد تفتيش المنزل بكامله.

وكانت المحطة تبثّ نشراتها في شرق البلاد منذ عدة أعوام، لكنها أوقفت أعمالها منذ أيام بسبب التهديدات الأمنية.

18