الآلاف من الأفغان يتسابقون للفرار عبر مطار كابول

كابول - أطلقت القوات الأميركية النار في الهواء وألغيت الرحلات الجوية التجارية الاثنين في مطار كابول بعد أن اجتاح آلاف الأفغان المدرج على أمل اللحاق برحلة والفرار من نظام طالبان بعد سيطرة الحركة على البلاد.
تُظهر لقطات فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد من الفوضى العارمة على مدرج المطار حيث يحاول أفغان تسلق السلالم المؤدية إلى الطائرات.
إنهم يحاولون يائسين الفرار من أفغانستان -بعد أن استولت طالبان على السلطة الأحد- خوفًا من العيش في ظل النظام المتشدد الذي حكم البلاد بين عامي 1996 و2001.
تحت أنظار مئات الأشخاص حاول أولئك الذين تمكنوا من صعود السلالم -ومعظمهم من الشباب- مساعدة آخرين على اللحاق بهم وقد تشبث بعضهم بالقضبان.
وتزداد مخاوف الشباب من تجنيدهم قسرا من قبل طالبان، وتورد تقارير إعلامية محنة عبدالله البالغ من العمر 17 عاماً والذي لم يتوقع أن المتمردين سيجندونه للقتال إلى جانبهم بالقوة.
تدافع كبير لدرجة حملت القوات الأميركية التي تؤمن المطار على إطلاق النار في الهواء للسيطرة على الحشد
يستعيد عبدالله تفاصيل مرعبة من يومه الأخير حين كانت قندوز محاصرة، ووجد نفسه في قبضة المتمردين الذين أوقفوه في الشارع واصطحبوه إلى تلة قريبة لتزويده بالسلاح: حقيبة مملوءة برؤوس قاذفات “أر بي جي” على ظهره يتجاوز وزنها 20 كلغ وعلبة ذخيرة في كل يد.
ويقول عبدالله إنه تعرّف خلال وجوده مع المتمردين على طلاب مدرسة قرآنية قريبة من المدينة. وجنّدت الحركة ثلاثين إلى أربعين شاباً بالكاد لامس عمر بعضهم 14 عاماً.
ويروي أنهم “طلبوا منهم حمل السلاح والانضمام إلى صفوفهم. وعندما حضر أهاليهم مطالبين بتحريرهم تم تهديدهم بالأسلحة”.
واستمرت محنة عبدالله ثلاث ساعات قبل أن يحضر أقاربه ويتمكنوا من إقناع طالبان بتركه. إثر ذلك قررت العائلة الفرار إلى كابول.
كانت عائلات مذعورة بأكملها مع أطفالها الخائفين ومحملة بأمتعة ثقيلة تحاول الفرار.
وقال شاهد عيان إن التدافع كان كبيرًا إلى درجة أن القوات الأميركية التي تؤمّن المطار أقدمت على إطلاق النار في الهواء للسيطرة على الحشد، في حين ألغيت جميع الرحلات التجارية المغادرة.
وقال شاهد عيان “أشعر بخوف شديد. إنهم يطلقون النار في الهواء”، رافضًا الكشف عن اسمه خشية أن يؤثر ذلك على فرصه في المغادرة.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه تم تأمين محيط المطار. وأرسل الأميركيون ستة آلاف جندي لإجلاء حوالي 30 ألف دبلوماسي أميركي ومدني أفغاني تعاونوا مع الولايات المتحدة ويتخوفون من انتقام طالبان.
وطلبت السفارة الأميركية في كابول عبر تويتر من المواطنين الأميركيين الذين ما زالوا في البلاد ومن الأفغان “عدم التوجه إلى المطار”.
لكن الآلاف من الأفغان تدفقوا على المطار، حتى ممن لم يعملوا مطلقًا مع الأميركيين وليست لديهم فرصة للحصول على تأشيرة على هذا الأساس.
جرى ذلك بعد ساعات من نشر طالبان مقاتليها في كابول للحفاظ على النظام وسيطرتها على القصر الرئاسي في حين فر الرئيس أشرف غني إلى الخارج.
وقال شاهد آخر عرف عن نفسه باسم أحمد سقيب من المطار “نخشى العيش في هذه المدينة ونحاول الفرار من كابول. قرأت على فيسبوك أن كندا تقبل طالبي اللجوء من أفغانستان. وآمل أن أكون واحدًا منهم. خدمت في الجيش والآن خسرت وظيفتي وبقائي هنا خطر لأن طالبان ستستهدفني، هذا مؤكد”.
اعتبرت الولايات المتحدة و65 دولة أخرى في بيان مشترك أن المواطنين الأفغان والأجانب الذين يريدون الفرار من أفغانستان “ينبغي أن يُسمح لهم بذلك”، مؤكدةً أن حركة طالبان يجب أن تُظهر حسّ “المسؤولية” في هذا الشأن.
وأكدت الولايات المتحدة أنها أجلت جميع موظفي سفارتها إلى المطار. لكن الدبلوماسيين فُصلوا عن المدنيين الأفغان الذين يحاولون مغادرة البلاد بأي وسيلة كانت.
وتُظهر مقاطع فيديو أخرى نُشرت ليلاً على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصًا يتشاجرون من أجل ركوب طائرة شحن مزدحمة.
وساد الخوف أيضاً بين عشرات الآلاف من الأشخاص الذين لجأوا إلى كابول في الأسابيع الأخيرة هرباً من أعمال العنف في مناطقهم.
وقال طبيب -طلب عدم الكشف عن هوّيته ووصل من قندوز (شمال) مع 35 من أفراد عائلته- “أخشى وقوع معارك كثيرة هنا. أفضّل العودة إلى دياري حيث أعرف أنّ القتال توقّف”.
عندما حكمت طالبان البلاد بين 1996 و2001 فرضت رؤيتها المتطرّفة للشريعة الإسلاميّة، فمنعت النساء من الخروج دون محرم ومن العمل، كما منعت تعليم البنات. وكانت النساء اللواتي يُتّهمن بالزنا يتعرّضن للجلد والرجم.
غير أنّ طالبان الحريصة اليوم على إظهار صورة أكثر اعتدالاً تعهّدت مرارا -إذا عادت إلى السلطة- باحترام حقوق الإنسان، خصوصاً حقوق المرأة، بما يتوافق مع “القيَم الإسلاميّة”.
لكن في المناطق التي سيطر عليها مقاتلو طالبان في الفترة الأخيرة اتُّهموا بارتكاب الكثير من الفظائع، من قتل مدنيّين وقطع رؤوس وخطف مراهقات لتزويجهنّ بالقوة.
وتعيد مشاهد الفوضى في المطار ذكرى مؤلمة للأميركيين هي سقوط سايغون في فيتنام عام 1975، حتى وإن رفض وزير الخارجية أنطوني بلينكن مثل هذه المقارنة عندما أكد لشبكة “سي أن أن” أن “هذه ليست سايغون”.