ميسي ينهي حقبة 21 عاما بألوان البلوغرانا

باغت نادي برشلونة، الجميع بإعلان عدم استكمال أسطورته ليونيل ميسي بقية مسيرته داخل ملعب كامب نو، رغم توصل الطرفين إلى اتفاق بشأن التوقيع على عقد جديد. صاحب الـ34 عاما انتهى عقده مع النادي في يونيو الماضي، لكن تقارير صحافية أفادت بموافقة ميسي على التوقيع، بعدما أبدى مرونة في التنازل عن نصف راتبه. ورغم ذلك، أعلن البارسا عدم قدرة البرغوث على الاستمرار مع الفريق، نظرا لصعوبة خروج العقد بصيغة تحافظ على القيود التي فرضتها رابطة الليغا. وبذلك، ينهي ميسي رحلة دامت نحو 21 عاما بألوان البلوغرانا، منها 17 سنة مع الفريق الأول.
لندن – كشف خوان لابورتا رئيس نادي برشلونة الإسباني عن تفاصيل رحيل نجم الفريق ليونيل ميسي المفاجئ عن الفريق. وبين النادي الكتالوني أن ميسي، الذي انتهى عقده مع النادي، سيرحل عن النادي بعد أكثر من عقدين في صفوف الفريق، وذلك بعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق بشأن تجديد العقد، لكنهما لم يستطيعا توقيعه رسميا بسبب القواعد واللوائح المالية لرابطة الدوري الإسباني لكرة القدم (لا ليغا).
وخاطب لابورتا وسائل الإعلام، بعد ساعات قليلة مضطربة في تاريخ النادي الحديث، بدأت ببيان على موقع النادي الرسمي بالإنترنت. وذكر بيان برشلونة على موقعه “رغم توصل نادي برشلونة وليونيل ميسي إلى اتفاق والنية الواضحة لكل من الطرفين لتوقيع عقد جديد، إلا أن هذا لا يمكن أن يحدث بسبب العقبات المالية والهيكلية (لوائح الدوري الإسباني)”.
وأوضح البيان “نتيجة لهذا الموقف، لن يبقى ميسي في نادي برشلونة. يأسف الطرفان بشدة لأن رغبات اللاعب والنادي لن تتحقق في النهاية”. وأضاف “يعرب نادي برشلونة عن خالص امتنانه للاعب لمساهمته في رفع مكانة النادي ويتمنى له كل التوفيق في المستقبل في حياته الشخصية والاحترافية”. وتردد أن ميسي وافق على خفض راتبه بنسبة 50 في المئة للبقاء مع النادي المثقل بالديون، وكانت هناك آمال كبيرة لدى الطرفين بإمكانية التوصل إلى اتفاق والتغلب على سقف رواتب لاعبي الدوري الإسباني حتى جاء إعلان برشلونة أمس كالقنبلة.
اسم ميسي ارتبط بإمكانية الرحيل لعدد من الأندية، وعلى الأرجح سيكون باريس سان جرمان، ليخرج الأسطورة الأرجنتيني من قائمة أوفياء كرة القدم، الذين لعبوا لفريق واحد طوال مسيراتهم الاحترافية
ويأتي هذا بعد عام واحد من إبلاغ ميسي لبرشلونة في صيف العام الماضي برغبته في الرحيل عن النادي، معتقدا أنه قادر على القيام بذلك في صفقة انتقال حر، لكنه لم يتمكن من القيام بذلك، بعدما تبين وجود شرط جزائي في عقده، الذي انتهى في يونيو الماضي، بقيمة 700 مليون يورو (828 مليون دولار)، يتعين على النادي الراغب في شرائه دفعها إذا أراد اللاعب الرحيل خلال السنة الأخيرة من هذا العقد.
إمكانية الرحيل
ارتبط اسم ميسي بإمكانية الرحيل لعدد من الأندية منها مانشستر سيتي الإنجليزي الذي أعلن عن استكماله صفقة شراء اللاعب الإنجليزي الدولي جاك غريليش صانع ألعاب فريق أستون فيلا مقابل 100 مليون جنيه إسترليني (139 مليون دولار). ومن بين هذه الأندية أيضا، برز اسم باريس سان جرمان الفرنسي. كما ارتبط اسم ميسي بإمكانية الانتقال لأحد أندية الدوري الأميركي للمحترفين أو العودة إلى ناديه القديم نيويلز أولد بويز الأرجنتيني وسط هذا الجدل الدائر حاليا بشأن مستقبله.
والتحق ميسي بنادي برشلونة في عام 2000 عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، وتدرج سريعا عبر صفوف الناشئين بالنادي، قبل أن يسجل أول ظهور له كبديل في وقت متأخر من مباراة برشلونة أمام جاره إسبانيول، وكان ذلك في أكتوبر 2004 عندما كان في السابعة عشرة من عمره ليثبت بعد ذلك وجوده في الملاعب كأحد أبرز وأفضل اللاعبين في جيله. وحفلت مسيرة ميسي مع برشلونة بالعديد من الألقاب والإنجازات، وخاض اللاعب مع الفريق 778 مباراة أحرز خلالها 672 هدفا مذهلا، ولعب دورا بارزا في التتويج بـ35 لقبا منها عشرة ألقاب بالدوري الإسباني، وأربعة ألقاب بدوري أبطال أوروبا وسبعة ألقاب في كأس ملك إسبانيا وثلاثة ألقاب بكأس العالم للأندية وثلاثة ألقاب في كأس السوبر الأوروبي وثمانية في كأس السوبر الإسباني. كما ساهمت إنجازات وبطولات ميسي في فوزه بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم ست مرات بفارق مرة عن منافسه اللدود البرتغالي كريستيانو رونالدو.
صدمة الرحيل
فرضت صدمة الإعلان عن رحيل النجم الأرجنتيني عن صفوف فريق برشلونة، سيطرتها بشكل كبير على الصفحات الأولى للصحف الإسبانية. وفي إطار محاولة الامتثال لقواعد اللعب المالي النظيف، لم يكن أمام برشلونة خيار سوى الاستغناء عن قائد الفريق ونجمه الأول. وأبدت الصحف الإسبانية صدمة ودهشة إزاء رحيل ميسي، مع التركيز على كمّ إنجازاته مع الفريق الكتالوني.
ونشرت صحيفة “ماركا”، ومقرها في العاصمة مدريد، عنوانا ذكرت فيه “برشلونة ترك ميسي يهرب”، وأضافت في عنوان فرعي، إن النادي فقد “أعظم لاعب في تاريخه”. بينما نشرت صحيفة “موندو ديبورتيفو” عنوانا حمل كلمات “قنبلة! ميسي سيرحل!”، وأشارت إلى أن باريس سان جرمان الفرنسي هو المرشح الأوفر حظا في أي صراع على ضم النجم البالغ من العمر 34 عاما.
ونشرت “موندو ديبورتيفو” صورة لميسي على ملعب “كامب نو” وهو يستعد لتنفيذ ضربة حرة لبرشلونة، معلقة أن هذا المشهد قد لا يتكرر مجددا. كذلك نشرت صحيفة “آس” صورة لميسي على صفحتها الأولى وهو يحدق للكاميرا، وعلقت بعبارة “إنه لن يبقى”، وأضافت “برشلونة يعلن أن ميسي لن يجدد ويلوم الدوري الإسباني”. ولدى إعلانه عن رحيل ميسي أمس، تحدث برشلونة عن “عقبات مالية وهيكلية” تمنع النادي واللاعب من استمرار شراكتهما.
وسجل ميسي ظهوره الأول مع الفريق الأول لبرشلونة وهو في السابعة عشرة من عمره، وتوج بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم ست مرات، وقد ساعد برشلونة في التتويج بلقب الدوري الإسباني عشر مرات ولقب دوري أبطال أوروبا أربع مرات. ونشرت صحيفة “سبورت” عنوانا مبسطا ذكرت فيه “دراما. ميسي يغادر” وذلك مع خلفية سوداء قاتمة وصورة لميسي بوجه متأمل. كذلك نشرت صحيفة “إل بريوديكو دي كتالونيا” خلفية سوداء وعنوانا يحمل كلمة “لا يصدق”. ونشرت الصحيفة صورة لميسي والكرة أمام قدمه وظهره للكاميرا، في إشارة إلى رحيله المحزن عن النادي الوحيد الذي لعب له في مسيرته الاحترافية. وأضافت الصحيفة في صفحتها الأولى “برشلونة يعلن فجأة أن ميسي سيرحل ويلقي باللوم على الدوري الإسباني”.
أبرز لحظات المجد لميسي مع برشلونة الذي دافع عن ألوانه في 788 مباراة، تتمثل أساسا. في الهاتريك الأولى ضد ريال مدريد، ففي 10 مارس 2007، تعادل برشلونة وريال مدريد 3-3 في ملعب “كامب نو”. سجّل الفتى الذهبي هدفين بقدمه اليسرى ليعيد فريقه إلى أجواء المباراة بعدما كان الهولندي رود فان نستلروي وضع الغريم التقليدي ريال في المقدمة 2-0. إلا أنّ ميسي أدرك التعادل بهدف سحري في الدقيقة القاتلة. نجح الأرجنتيني الشاب، ابن الـ19 عاما حينها، في سرقة الكرة من سيرجيو راموس وإيداع الكرة في الشباك بطريقة قاتلة ليصبح هذا الهدف حديث العالم.
النادي الكتالوني أوضح أن ليونيل ميسي، الذي انتهى عقده مع الفريق، سيرحل بعد أكثر من عقدين في صفوف برشلونة
وفي 2 مايو 2009، حقق برشلونة فوزا ساحقا على ريال مدريد 6-2 في عقر داره. كان ميسي في صميم ثلاثة أهداف سجلها فريق بلاوغرانا ليلحق هزيمة ثقيلة بالفريق الملكي، هي الأسوأ على الإطلاق من غريمه البرشلوني.
كان ميسي وفريقه يعيشان أفضل أيامهما، حيث قدّم آنذاك فريق المدرب بيب غوارديولا أداء خالدا في الذاكرة، سمح لبرشلونة مع نهاية الموسم بإحراز ثلاثية تاريخية بفوزه بالدوري والكأس ودوري الأبطال، في طريقه لإحراز سداسية تاريخية حيث أضاف كأس السوبر الأوروبية والمحلية وكأس العالم للأندية.
وفي 6 أبريل 2010، سحق برشلونة على ملعبه “كامب نو” أرسنال الإنجليزي 4-1 في إياب الدور ربع النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا. دخل برشلونة حينها المباراة بعد تعادل ذهابا في لندن 2-2، وزادت الأمور سوءا مع تخلفه بهدف، حيث باغت النادي اللندني خصمه بأداء هجومي مفاجئ. لكنّ هذه الإستراتيجية سرعان ما أسقطها ميسي ورفاقه، فتمكن النجم الأرجنتيني من التسجيل بعد تسديدة بعيدة تبعها بهدفين آخرين بسهولة تامة، وأكمل مهرجان أهدافه الشخصية بهدف رابع ليخطف الأضواء ويُثبت من جديد علو كعبه. نجح ميسي في ما بعد في تسجيل خمسة أهداف ضد باير ليفركوزن الألماني في الفوز 7-1 عام 2012، الذي شهد تسجيله 91 هدفا. لكنّ عرضه الخرافي أمام المدفعجية بقي محفورا في الأذهان.
وفي 27 أبريل 2011، فاز برشلونة خارج دياره على ريال مدريد 2-0 في الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا. في مواجهته الأولى أمام ريال في المسابقة القارية، سجّل ميسي ثنائية مذهلة ومتأخرة في مباراة الذهاب، ليقتل لاعبو المدرب غوارديولا المواجهة التي استحوذت على العناوين كلها وتركزت الأنظار عليها عالميا. وفي 28 مايو 2011، أحرز برشلونة لقب مسابقة دوري أبطال أوروبا على حساب مانشستر يونايتد الإنجليزي بنتيجة 3-1 في لندن.
شكلت تلك المباراة إعادة لنهائي 2009 والذي فاز بها النادي الكاتالوني أيضا. قاد ميسي فريقه إلى اللقب بتسديدة مذهلة من خارج منطقة الجزاء، مسجلا هدفه الـ53 في 55 مباراة في تلك الفترة من الموسم. كما توج هدافا للمسابقة القارية الأم بـ12 هدفا.
وفي 6 مايو 2015، فاز برشلونة بثلاثية نظيفة على بايرن ميونخ الألماني في ذهاب الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا على ملعب “كامب نو”. واجه ميسي في تلك المباراة مدربه السابق غوارديولا، فأكرمه بتسجيله هدفين في ثلاث دقائق (77 و80). كانت اللقطة الأبرز مراوغته للمدافع جيروم بواتينغ الذي سقط إلى الخلف، منهيا مراوغته بهدف مميز. ومن ثمّ مرر ميسي كرة حاسمة إلى زميله البرازيلي نيمار الذي اختتم الثلاثية في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدل الضائع للشوط الثاني.
أحدث المنشقين
ومن المتوقع أن يرتدي ميسي، قميص فريق آخر في الموسم المقبل، وعلى الأرجح سيكون باريس سان جرمان، ليخرج الأسطورة الأرجنتيني من قائمة أوفياء كرة القدم، الذين لعبوا لفريق واحد طوال مسيراتهم الاحترافية.
ومن أبرز الأسماء في قائمة أوفياء الملاعب، التي انشق عنها ميسي المدافع الإيطالي المعتزل باولو مالديني الذي أمضى 31 عاما داخل ميلان، وانضم إلى ناشئيه في 1978، ليحصل على فرصة اللعب للفريق الأول بعدها بـ6 سنوات فقط. وظل مالديني مرتديا ألوان الروسونيري طوال 25 عاما على المستوى الاحترافي، حتى حان اعتزاله في 2009 دون أن يغير القميص، ليبقى أحد أوفياء ميلان على مدار تاريخه.
كذلك فرانشيسكو توتي أسطورة نادي روما، ظل داخل ملعب الأولمبيكو لسنوات طوال دون أن يرضخ للإغراءات الآتية من مختلف الجهات، أبرزها ريال مدريد. وظل توتي محافظا على قميص الجيالوروسي طيلة ربع قرن منذ تصعيده للفريق الأول عام 1992، ليودّع الملاعب دون أن يلعب لأي فريق آخر. وكذلك صخرة برشلونة ومدافعه الأسبق كالريس بويول يعد أحد أبرز الأوفياء بملعب كامب نو، نظرا لارتدائه القميص الكتالوني لمدة 19 عاما منذ انضمامه للناشئين عام 1995. ونال بويول، فرصة اللعب للفريق الأول بعد 4 سنوات لاحقة، ليظل محافظا على قميصه دون تغيير حتى اعتزاله في 2014.
إضافة إلى المدافع الألماني المخضرم مارسيل شميلزر الذي لم يلعب لأي فريق آخر سوى بوروسيا دورتموند، الذي تدرج ضمن صفوف ناشئيه حتى ظهوره مع الفريق الأول عام 2008 إلى الآن. الدولي الإسباني سيرجيو بوسكيتس لعب طوال مسيرته بقميص برشلونة، وبجوار ميسي طيلة 13 عاما حتى الآن، ومن المتوقع أن يستمر لفترة أخرى قادمة حال تجديد عقده. المهاجم الألماني توماس مولر كان على مشارف الرحيل عن بايرن ميونخ في مستهل مسيرته الاحترافية، وذلك على سبيل الإعارة لناد آخر. ورغم ذلك، استقر النادي البافاري في النهاية على الإبقاء عليه مع الفريق الأول، ليحافظ مولر على الظهور بقميص واحد منذ عام 2008.