تحرك دولي لدعم لبنان في الذكرى الأولى لانفجار بيروت

بيروت - وعدت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأربعاء بتقديم مساعدات للبنان بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، فيما يحشد المجتمع الدولي لإنقاذ البلاد من أسوأ انهيار اقتصادي وضع نصف اللبنانيين تحت خط الفقر.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمة له أن باريس ستخصص في الأشهر المقبلة 100 مليون يورو دعما مباشرا للشعب اللبناني.
وأوضح أن هذه المساعدات تتوزع في قطاعات التعليم والتربية والدعم الغذائي والصحي، مع تقديم 500 ألف جرعة لقاح مضاد لفايروس كورونا خلال أغسطس الجاري، إضافة إلى المساهمة في إعادة إعمار مرفأ بيروت.
ويهدف مؤتمر المانحين الدوليين إلى جمع 350 مليون دولار للاستجابة لاحتياجات اللبنانيين.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن "مساعدات إنسانية من الولايات المتحدة بـ100 مليون دولار، تضاف إلى قرابة 560 مليون دولار قدمتها واشنطن كمساعدات إنسانية خلال السنوات الماضية".
ومنذ نحو عامين يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مع تدهور مالي ومعيشي، وانهيار للعملة المحلية مقابل الدولار، وشح في السلع الغذائية والأدوية والوقود.
ودعا بايدن إلى تشكيل حكومة لبنانية بشكل سريع للعمل على وضع البلاد على طريق النهوض.
ومنذ أيام يعمل رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي على تشكيل حكومة جديدة، بعد أن حالت خلافات بين القوى السياسية دون تأليف حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب، والتي استقالت بعد 6 أيام على انفجار المرفأ.
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون حاجة بلاده إلى مساعدة المجتمع الدولي، للاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، بحسب بيان الرئاسة.
وأضاف أن "إعادة التشغيل الكامل لمرفأ بيروت، الشريان الحيوي للاقتصاد اللبناني، ضرورة ملحة، ولبنان الذي يضع في قمة أولوياته تأهيل وتطوير هذا المرفق، يرحب بأي جهد دولي في هذا الإطار".
واتهم الرئيس ماكرون الطبقة السياسية في لبنان الأربعاء بمراهنتها على "اهتراء" الوضع مع تعطيلها تشكيل حكومة جديدة منذ أشهر واعتماد إصلاحات، مهددا مجددا بفرض عقوبات عليها.
وقال ماكرون لدى افتتاحه المؤتمر الذي يأمل أن يجمع من خلاله 350 مليون دولار على الأقل، "يراهن زعماء لبنان فيما يبدو على استراتيجية المماطلة، وهو أمر مؤسف، وأعتقد أنه فشل تاريخي وأخلاقي".
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن "الأزمة التي يشهدها لبنان لم تكن حتمية بل أتت نتيجة إفلاس شخصي وجماعي"، في إشارة إلى مماطلة الساسة اللبنانيين في تشكيل حكومة وإجراء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
وشدد ماكرون على ضرورة تشكيل حكومة وإيجاد تسويات وتطبيق خارطة الطريق، مشيرا إلى أن "مؤتمر الأربعاء إنساني ولن يكون هناك شيك على بياض"، مضيفا "اتخذنا تدابير صارمة ضد السياسيين اللبنانيين الفاسدين".
وذكّر ماكرون بأن "الشعب اللبناني ينتظر نتائج التحقيق بالمرفأ" وأن فرنسا "مستعدة للتعاون التقني".
وناشد هايكو ماس، وزير الخارجية الألماني، الأطراف السياسية الفاعلة في لبنان تحمل مسؤولياتهم بعد هذه الكارثة، وقال "نقص الإصلاحات يعد أيضا السبب وراء عدم التئام الكثير من جروح الماضي. الميناء المدمر لا يزال قائما كرمز على ذلك".
وأضاف ماس أن البنك الدولي دق ناقوس الخطر مؤخرا، عندما وصف الوضع في لبنان بأنه أحد أسوأ الأزمات العالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقال "أرغب في أن أكون صريحا تماما، هذه الأزمة من صنع الإنسان بشكل كبير. الأطراف الفاعلة السياسية بلبنان لم تف بمسؤولياتها ولم تتعامل بشكل مناسب مع التوقعات المشروعة من المواطنين اللبنانيين".
وتابع أنه لهذا السبب سوف يتم ربط أي دعم آخر - بغض النظر عما إذا كان مساعدة فورية أو دعما للإصلاحات - بتشكيل حكومة شرعية فاعلة وإصدار برنامج إصلاح موثوق به.
وتعهدت ألمانيا بتقديم 40 مليون يورو أخرى من أجل دعم الأشخاص في لبنان، ومن بينهم اللاجئون السوريون.
ويضرب اللبنانيون الأربعاء موعدهم مع الذكرى السنوية الأولى لأكبر انفجار غير نووي عرفه العالم، كانت عاصمتهم بيروت أبرز ضحاياه، ومعها 216 شخصا سقطوا بنتيجته، إضافة إلى أكثر من 6500 جريح، فيما لم تصدر حتى الآن أي نتائج لتحقيقات ولم تحدد المسؤوليات، وسط غياب لأي مؤشرات تدل على بوادر عدالة قريبة.
واندلعت مواجهات الأربعاء قرب مقر مجلس النواب في وسط بيروت بين القوى الأمنية اللبنانية والعشرات من المحتجين الغاضبين، على هامش تظاهرات لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت.
وفي وقت تجمع فيه الآلاف من اللبنانيين قرب المرفأ المدمر، توجه المئات إلى الشوارع المؤدية إلى مجلس النواب، الذي انتشرت في محيطه تعزيزات أمنية مكثفة.
وحاول العشرات من الشبان اجتياز الحواجز الأمنية المؤدية إلى البرلمان من جهات عدة، وألقى المحتجون الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي ردت باستخدام القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفرقهم.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن نقل ستة جرحى من وسط بيروت إلى المستشفيات، وإسعاف العشرات في المكان.
ووسط انتشار لقوى الجيش والأمن، انطلقت تظاهرات ضخمة من نقاط عدة في بيروت باتجاه المرفأ المدمر، استجابة لدعوات أطلقها أهالي ضحايا الانفجار وأطباء ومحامون ومهندسون وأحزاب معارضة ومجموعات تأسست خلال احتجاجات 2019 ضد الطبقة الحاكمة للتظاهر، رافعين شعار "العدالة الآن".
ودعت أحزاب ومجموعات إلى التوجه إلى المرفأ بداية، قبل التظاهر في محيط مجلس النواب.
ويطالب أهالي الضحايا والمتظاهرون برفع الحصانات عن مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق البيطار ليمثلوا أمام القضاء في قضية الانفجار، الذي نتج عن كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في العنبر رقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها ولم يحركوا ساكنا.