تطوير المناطق الصناعية الأجنبية يدعم تنمية محور قناة السويس

القاهرة تستهدف تعظيم الاستثمارات والصادرات وزيادة التوظيف.

الثلاثاء 2021/08/03
في قلب خطط التنمية

يُظهر الاهتمام المتزايد بتطوير محور قناة السويس الجديدة أن القاهرة عازمة على جعلها محطة وحاضنة أساسية لربط التجارة الدولية من خلال الاستمرار في دفع شركائها إلى تطوير المناطق الصناعية في المنطقة من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف تتمحور جميعها حول إعطاء زخم لمسار التنمية.

القاهرة - أكد خبراء مصريون أن المناطق الصناعية الأجنبية ستدفع مشروع تنمية محور قناة السويس إلى الأمام، لكونها تعمل على خلق مجتمعات صناعية متكاملة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية ويعزز الصادرات وفرص العمل.

ووقعت الحكومة المصرية قبل أيام على اتفاقية مع موسكو لتوسيع نطاق عمل المنطقة الصناعية الروسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وكان من المقرر أن يتم إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد، شمال شرق القاهرة، لكن بموجب الاتفاقية الجديدة سيتم تنفيذها أيضا في مدينة العين السخنة، شرق العاصمة المصرية.

وسيتم إنشاء المنطقة على مساحة 5 ملايين متر مربع، على أن تبدأ المرحلة الأولى على مساحة مليون متر مربع بشرق بورسعيد ونصف مليون متر مربع بالعين السخنة، وسيبدأ العمل فيها مع نهاية العام الجاري.

ويأتي توقيع اتفاقية توسيع نطاق عمل المنطقة الصناعية الروسية بعد قرابة شهرين من توقيع القاهرة اتفاقية إطارية مع بولندا لإنشاء منطقة صناعية بولندية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالعين السخنة.

وتأتي هاتان الاتفاقيتان بعد نجاح المنطقة الصناعية الصينية (تيدا) بالعين السخنة، والتي اعتبرها الخبراء “نموذجا يحتذى به”.

وليد جاب الله: المناطق الصناعية إحدى آليات جذب الاستثمار الأجنبي

ويؤكد الخبير الاقتصادي وليد جاب الله أن المناطق الصناعية والاستثمارية المتخصصة إحدى آليات جذب الاستثمارات الأجنبية. وقد استخدمت مصر هذه الآلية من ضمن الكثير من الآليات المتنوعة لجذب رؤوس الأموال، خاصة في المجال الصناعي الذي تستهدف مصر التوسع فيه وتعميقه وزيادة تنافسيته.

ونسبت وكالة شينخوا الصينية إلى جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، قوله إن “تخصيص مناطق صناعية لدول معينة يشجع تلك الدول على ضخ استثمارات وخلق مجتمعات صناعية متكاملة، تعود بالمكاسب على كافة الأطراف”.

وفي هذه الحالة تستفيد مصر من تلك الاستثمارات بتشغيل العمالة وزيادة الناتج المحلي وتلبية احتياجات الداخل المصري والتصدير أيضا، أما شركاؤها الذين ينشئون تلك المناطق فسيستفيدون من الحوافز والضمانات التي يتحصلون عليها في مصر.

ويرى جاب الله أن الوجود في مصر يحقق مزايا متعددة للشركاء الأجانب عند إنشائهم مناطق صناعية متخصصة، منها وجود سوق كبيرة يزيد حجمها عن 100 مليون مستهلك، فضلا عن كون مصر مدخلا لأفريقيا، وترتبط معها باتفاقات تجارية تسهل نفاذ المنتجات المصنعة بها إلى السوق الأفريقية مثل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية واتفاقية الكوميسا وغيرهما.

ويخفض الإنتاج في المناطق الصناعية بمصر من تكلفة الأجور واللوجستيات اللازمة للوصول إلى المستهلكين، وسط مزايا كثيرة تقدمها مصر للمستثمرين وفق قانون حوافز وضمانات الاستثمار.

وسيكون لهذه المناطق الصناعية دور مهم، خصوصا في تلك المرحلة، لكونها ستشجع دولا وكيانات أخرى على التواجد في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وستخلق الآلاف من فرص العمل، وستدفع مشروع تنمية محور قناة السويس خطوات إلى الأمام.

واستدل المتابعون على أهمية هذه المناطق بنجاح المنطقة الصناعية الصينية في العين السخنة، ويقولون إن المنطقة سيكون لها دور مهم في الدفع نحو المزيد من الاستثمارات الصينية في مصر والمزيد من التعاون الشامل بين البلدين.

واعتبر رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن توجه مصر إلى إنجاز شراكات مع دول أخرى لإقامة مناطق صناعية في الأراضي المصرية “جيد جدا”.

وقال إن “هذه الدول تقوم بالترويج وجذب الشركات للعمل في هذه المناطق الصناعية، بينما مصر تقوم بتوفير المرافق والبنية التحتية، وهي بالفعل لديها أفضل بنية تحتية في أفريقيا والشرق الأوسط”.

وتابع أن “المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالتأكيد أحد أهم المشروعات لتطوير الاقتصاد المصري وجذب المزيد من الاستثمارات العالمية للدولة المصرية، وتتمتع المنطقة بكافة المزايا التي تجعلها مركزا لوجستيا عالميا، وهناك استراتيجية لاستهداف أكثر من 250 منطقة صناعية في المنطقة”.

رشاد عبده: محور السويس يتمتع بمزايا تجعلها مركزا لوجستيا عالميا

ورأى أن استثمار الدول في إنشاء مناطق صناعية في مصر من شأنه زيادة الصادرات المصرية، وهذه ميزة لمصر، وأيضا توفير فرص عمل كبيرة. ووصف المنطقة الصناعية الصينية في العين السخنة بأنها “جيدة وفي تطور مستمر”.

وتعمل القاهرة على جذب الدول التي لديها علاقات جيدة معها من أجل الاستثمار خاصة في الصناعة، وهو القطاع الأهم الذي يستطيع أن يحقق أكبر قيمة مضافة للاقتصاد المصري.

وعزا كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد الدولي، توجه مصر نحو توقيع شراكات مع دول أخرى لإنشاء مناطق صناعية إلى “رغبة مصر في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة”.

وقال إن “المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي منطقة اقتصادية عالمية لموقعها المتميز وأيضا للتسهيلات التشريعية واللوجستية التي تقدمها الدولة المصرية لها، وإنشاء مناطق صناعية أجنبية بها يحقق فوائد كبيرة لمصر”. ومن هذه الفوائد زيادة الناتج المحلي وحجم الاقتصاد المصري والصادرات، وتوفير فرص العمل.

وعن الأسباب التي تدفع بعض الدول إلى إنشاء مناطق صناعية في مصر قال العمدة إن اقتصادات هذه الدول “في حالة تشبع، وحينما تصل إلى هذه المرحلة العائد الاقتصادي ينخفض، لكن هذا العائد في دولة مثل مصر سيكون كبيرا، خاصة أن مصر وقعت على عدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة، ولديها بنية تحتية قوية وسوق كبيرة”.

وأوضح أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جذابة ويمكن عبرها تأسيس عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية وتصديرها للدول الأفريقية، لاسيما أن مصر بوابة أفريقيا، مشيرا إلى أن المنطقة الصناعية الصينية في العين السخنة “نموذج يحتذى به”.

 

11