الوشق الأيبيري المهدد بالانقراض يعود إلى التكاثر في إسبانيا

السبب الرئيسي لنفوق الوشق في موطنه الطبيعي مرتبط بالأنشطة البشرية فهو يتعرض للدوس بالسيارات والصيد الجائر.
الثلاثاء 2021/08/03
فصيلة تعود إلى موطنها

متنزه دونيانا الوطني (إسبانيا) – تنام أربعة صغار من الوشق الأيبيري إلى جانب والدتها “نوتا”، وهو مشهد نادر من نوعه لم يكن ممكنا لولا برنامج للتكاثر والتربية في الأسر لهذه الحيوانات المنتشرة في إسبانيا والتي شارفت على الانقراض.

وبعيدا عن أشعة الشمس الحارقة، يستلقي سيسمو وسيتشيليا وسنغال وسوسورو في مركز إل أثيبوتشي الواقع في متنزّه دونيانا الوطني، وهو كناية عن محمية مترامية الأطراف في جنوب إسبانيا.

وهذا المركز هو أحد المواقع الخمسة الكبيرة (أربعة في إسبانيا ومركز في البرتغال) التي أنشئت في مطلع الألفية الثالثة لتربية هذا الصنف المعروف علميا بـ“لينكس باردينوس” في الأسر بهدف إعادة إطلاقه في الطبيعة.

وفي العام 2002 لم يكن عدد هذه الحيوانات يتخطى المئة، في مقابل أكثر من 100 ألف في مطلع القرن الماضي، وهي كانت “مهددة بشدّة بالانقراض”، بحسب تصنيف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إثر وقوعها ضحية الصيد غير القانوني وندرة الأرانب البرية التي تشكّل قوتها الأساسي.

وكانت سياسة الحكومة الإسبانية إبان القرن الماضي في التخلص من الحيوانات الضارية سببا أساسيا بتدهور أعداد الوشق الأيبيري بجانب انتشار الأمراض بين الأرانب التي تشكل 90 في المئة من غذاء الوشق.

وبذلت السلطات من جديد جهودها بالإضافة إلى  نشاط المنظمات غير الحكومية سمحت بقلب المعادلة، من خلال التصدّي لممارسات الصيد وإعادة إطلاق أرانب في المنطقة وخصوصا من خلال التربية في الأسر. وفي العام 2020 أحصي للمرّة الأولى 1100 حيوان من هذا النوع.

صحيح أن هذه الحيوانات المعروفة أيضا باسم الوشق الإسباني المتمايزة بآذانها المدبّبة وشواربها البيضاء الكثيفة لا تزال معرضة للخطر، غير أنها تكاثرت في الأندلس وعادت إلى مناطق إسبانية أخرى كانت قد اختفت منها مثل إكستريمادورا وكاستييا – لا مانتشا، بالإضافة إلى البرتغال.

Thumbnail

وأكد أنتونيو ريباس منسّق إل أثيبوتشي “نحن راضون ومتفاجئون جدّا بنتائج البرنامج”، مشبّها شبكة المراكز هذه “بمصنع لإنتاج حيوانات الوشق”.

وتعيش حيوانات الوشق وتتكاثر في متنزّه شاسع مغلق الحدود تُحاكى فيه ظروف عيشها في موطنها الطبيعي، في حين يحرص المعالجون على عدم إزعاجها قدر المستطاع لتفادي أن تعتاد على وجود البشر.

ويقول ريمون ديالة من صندوق الحياة البرية الإسبانية إن وجود الوشق ضروري للحفاظ على التوازن البيئي، إذ بغيابه تزدهر مجتمعات الثعالب والنمس المصري الضارية، وبجانب ذلك فالوشق جزء أصيل من الثقافة الإسبانية وليس من الجيد اختفاءه عن المنطقة.

وصرّح ريباس أن “السبب الرئيسي لنفوق الوشق في موطنه الطبيعي مرتبط بالأنشطة البشرية. فهو يتعرض للدوس والصيد الجائر. ومن ثمّ، كلما كانت التفاعلات مع البشر محدودة، كان الوضع أفضل”.

وتقتات هذه السنوريات على أرانب حيّة تُقدّم لها بانتظام. ويخبر أنتونيو باردو، وهو أحد المعالجين، “نضع أرنبين أو ثلاثة” في ما يشبه الصندوق الذي ينفتح تلقائيا بعد عدّة ساعات “كي لا تقيم الحيوانات رابطا بينه وبين وجود المعالج”.

وتخضع هذه السنوريات إلى مراقبة على مدار الساعة بواسطة شبكة من الكاميرات ومكبّرات الصوت التي تسمح بدراسة النمط السلوكي لهذا الحيوان الأقرب إلى النمر منه إلى الهرّ.

Thumbnail

ولا يخفى أيّ تفصيل على بيانكا رودريغيز الجالسة أمام شاشات ومكبّرات صوتية. وتقول “حان وقت القيلولة”، وهي تشير إلى الشاشة حيث تظهر “نوتا وصغارها في سبات عميق”.

وبغية حماية هذه السنوريات “المعرّضة بشكل خاص للإصابة بكوفيد – 19”، اتُّخذت تدابير صحية معزّزة وفُرض وضع الكمامة على الدوام في المركز، بحسب ما تقول الطبيبة البيطرية ياسمين البويفروري.

وفي مارس 2015 كسب مركز إل أثيبوتشي رهانه على ولادة صغار في الأسر. فقد ولدت ثلاثة صغار وبقي اثنان منها على قيد الحياة.

وبقيت هذه الحيوانات لسنوات طويلة في الأسر كي تلد بدورها صغارا، لكن اعتبارا من 2011 أعيد إطلاق هذه السنوريات في الطبيعة وحتّى العام 2020 كانت 305 حيوانات قد عادت إلى موطنها الطبيعي.

ويقول ريباس “عندما تصبح بحدود السنة نضع لها طوقا مزوّدا بنظام عالمي للتموضع الجغرافي (جي.بي.إس) ونطلق سراحها”. وتناهز حظوظ بقائها على قيد الحياة 70 في المئة وقد تضع الأنثى ستة صغار كحدّ أقصى في السنة.

ويطلب الخبراء توخي الحذر ويشددون على الحاجة إلى مواصلة الجهود وبرامج الحفظ الحالية لأن هذه السنوريات ليست خارج منطقة الخطر.

ويبقى الاتحاد العالمي للطبيعة “لينكس باردينوس” في عداد الأنواع “المعرّضة للخطر” ويعتبر الصندوق العالمي للطبيعة أنه لا بدّ من تخطي سقف 3 آلاف حيوان كي يزول هذا الخطر.

Thumbnail
20