دمشق تحمي موظفي الدولة من الأزمة الاقتصادية بزيادة في الرواتب

دمشق - أقرت الحكومة السورية الأحد رفع الحد الأدنى لرواتب العاملين في القطاع الحكومي والعسكريين بالتزامن مع بدء العمل بسعر جديد لمادتي الخبز والمازوت، بعد رفع ثمنهما مرة جديدة وسط أزمة اقتصادية خانقة متسارعة في البلاد.
وهذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها الحكومة السورية سعر المازوت أو الخبز في بلد يشهد منذ العام 2011 نزاعا داميا وأزمة اقتصادية، فاقمها مؤخرا الانهيار الاقتصادي في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم.
وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وقت متأخر ليل السبت أنها عدلت سعر لتر المازوت ليصبح 500 ليرة سورية، بعدما كان محددا بـ180 ليرة لمعظم القطاعات و135 ليرة للأفران، أي بزيادة تجاوزت 170 في المئة.
كما ضاعفت الوزارة سعر ربطة الخبز ليصبح مئتي ليرة سورية مقارنة بمئة ليرة سابقا.
وعزا معاون مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية مصطفى حصوية هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار النفط عالميا والعقوبات الغربية المفروضة على دمشق.
وقال، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن "ثمانين في المئة من احتياجات سوريا من المشتقات النفطية يتم تأمينها بالقطع الأجنبي عن طريق الاستيراد".
وخلال سنوات الحرب، رفعت الحكومة السورية مرات عدة أسعار مواد أساسية أبرزها الوقود.
ورفعت الحكومة السورية الأسبوع الماضي سعر البنزين غير المدعوم بنسبة 25 في المئة، بعدما كانت رفعت في مارس أيضا سعر البنزين المدعوم وغير المدعوم بأكثر من 50 في المئة.
ورفعت الحكومة اللبنانية قبل نحو أسبوعين أسعار المحروقات بنسبة تجاوزت ثلاثين في المئة، في خطوة تندرج في إطار رفع الدعم جزئيا عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان. ويردّ مسؤولون لبنانيون أزمة المحروقات في جزء منها إلى عمليات تهريبها إلى سوريا نظرا إلى الفرق في الأسعار.
ومن شأن الخطوة اللبنانية أن تضاعف المصاعب الاقتصادية على السوريين، الذين كان الكثير منهم يعتمدون على البنزين المهرب من بيروت.
ومن شأن زيادة سعر المازوت اليوم أن تنعكس على قطاعات عدة، بينها الزراعة والصناعة فضلا عن وسائل النقل العام.
ومنذ بدء النزاع العام 2011، مني قطاع النفط والغاز في سوريا بخسائر كبرى تقدّر بـ91.5 مليار دولار، جراء المعارك وتراجع الإنتاج مع فقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى، فضلا عن العقوبات الاقتصادية الغربية.
وبسبب انهيار أسعار الصرف، سجلت معدلات التضخم زيادات متسارعة تجاوزت 20 في المئة خلال العام الماضي في بعض المحافظات السورية.
واختبر الاقتصاد السوري سقوطا حرا خلال معظم 2020، وسط انخفاض غير مسبوق في قيمة العملة الوطنية، وفرض المزيد من العقوبات الدولية، والأزمات في بلدان الجوار، وفق تقرير حديث لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
وغداة إعلان رفع أسعار الخبز والمازوت، أصدر الرئيس بشار الأسد قرارا يقضي بزيادة رواتب العاملين المدنيين والعسكريين في الدولة بنسبة 50 في المئة، ورفع "الحد الأدنى العام للرواتب والحد الأدنى لرواتب المهن لعمال القطاع الخاص" ليصبح71 و515 ليرة سورية مقارنة مع 47 ألف ليرة في السابق.
وأصدر الأسد مرسوما يقضي بزيادة الرواتب التقاعدية بنسبة 40 في المئة.
ورأى محللون في قرار الأسد محاولة لحماية الموظفين الحكوميين والعسكريين من تداعيات الأزمة الاقتصادية وتراجع مستوى المعيشة في البلاد.
كما أن تجاهل أصوات الآلاف من الموظفين جراء غلاء المعيشة وتدهور ظروفهم الاقتصادية، قد يضع النظام السوري في مواجهة ثورة جديدة في داخل مناطق سيطرته، قد لا يستطيع هذه المرة وأدها، ذلك نظرا لكونها نابعة من رحم القاعدة الشعبية التي لطالما ساندته واصطفت معه خلال السنوات الماضية من عمر الصراع.
وكان تقرير لوزارة التنمية الإدارية السورية كشف أواخر العام 2020 أن الموظفين في الدوائر الحكومية السورية يعانون من عدم القدرة على توفير الضروريات الحياتية، حيث لا تكفيهم رواتبهم لمدة أسبوع نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، في ظل حالة تضخم كبيرة جراء انهيار قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار الأميركي، ونضوب خزينة النظام.
وحصلت آخر زيادة للرواتب في 21 نوفمبر من العام 2019، بعد صدور مرسومين تشريعيين قضى الأول بزيادة رواتب العاملين المدنيين والعسكريين الشهرية 20 ألف ليرة، ورفع الثاني المعاشات التقاعدية الشهرية للمدنيين والعسكريين بـ16 ألف ليرة.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 صراعا متعدد الأوجه ومتداخل الأبعاد أودى بحياة الآلاف من السوريين، وشرد الملايين في الداخل والخارج، فيما بات اليوم أكثر من 80 في المئة يرزحون تحت خط الفقر.