السودان: قضية سد النهضة تعقدت وأصبحت سياسية

الخرطوم - أكد السودان الاثنين أن قضية سد النهضة تعقدت وأصبحت سياسية أكثر منها فنية، رافضا في ذات الوقت الدخول في أي جولة مفاوضات بشأن السد ما لم تتغير منهجية التفاوض، ومنح دور أكبر للخبراء والمراقبين.
ودعا ياسر عباس، وزير الري السوداني، خلال لقاء مع السفيرة الفرنسية بالخرطوم إيمانويل بلاتمان إلى ممارسة "ضغوطات خارجية على إثيوبيا لحثها على العودة إلى المفوضات وعدم الإقدام على الملء الأحادي للسد دون اتفاق مع دولتي المصب"، بحسب بيان صدر عن الوزارة.
وشدد الوزير السوداني على أن الخرطوم ترفض بشكل قاطع مناقشة حصص المياه من خلال المفاوضات، مؤكدا أنها مخصصة لمناقشة التعبئة وتشغيل السد.
وتسعى إثيوبيا لإعادة التفاوض بشأن توزيع حصص المياه، رافضة الاعتراف باتفاقيات تاريخية حول تقاسم المياه باعتبارها تعود إلى الحقبة الاستعمارية، وهو ما يرفضه السودان ومصر على نحو قاطع.
وحذر عباس من أن تتحول فوائد سد النهضة إلى ما وصفه بأضرار وكوارث، إذا لم يتم توقيع اتفاق قانوني.
وبحث الوزير مع السفيرة الفرنسية والتي ترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن، ملف مفاوضات سد النهضة والمعوقات التي تقف حجر عثرة فيها.
وأفاد عباس بأن السودان دعم سد النهضة من الوهلة الأولى لأن لإثيوبيا الحق وفق القانون الدولي للمياه وللفوائد المتوقعة للخرطوم من السد.
وكشف أن هنالك تحوطات فنية اتخذتها الوزارة لتقليل آثار الملء الأحادي خلال يوليو الحالي، للمحافظة على مخزون مليار متر مكعب في خزان الروصيرص وتغيير تشغيل خزان جبل أولياء لأول مرة وعدم تفريغه إلى أدنى منسوب.
وقال إن هذه التحوطات لها آثار على التوليد الكهرومائي، وتم اتخاذها لعدم توفر أي معلومات أو تبادل للبيانات مع أثيوبيا، وهذا هو السبب الذي يدعو السودان إلى المطالبة بتوقيع اتفاق مع الجارة إثيوبيا.
ويلوم السودان إثيوبيا على فشل التوصل إلى اتفاق بسبب "منهجيتها في التفاوض"، وهو ما ترد عليه أديس أبابا باتهام مضاد للقاهرة والخرطوم.
والأحد أكد السودان التزامه بمفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي حول سد النهضة، مشددا على ضرورة تعزيز رقابة المجتمع الدولي للمفاوضات.
وتأتي التصريحات قبل أيام على جلسة لمجلس الأمن بطلب من القاهرة والخرطوم، حول الملف العالق منذ نحو عقد.
والمفاوضات متوقفة رسميا منذ أبريل الماضي بعد فشل مصر والسودان (دولتي المصب) وإثيوبيا (دولة المنبع) في التوصل إلى تفاهمات، قبل بدء الملء الثاني للسد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق.
وترفض الخرطوم إصرار إثيوبيا على ملء السد للمرة الثانية قبل التوصل إلى اتفاق ملزم حول ذلك، قائلة إن الملء الأول تسبب في أضرار بالغة وعرّض 20 مليون سوداني للخطر.
وتقلل أديس أبابا من مخاوف الخرطوم والقاهرة وتتعهد بمراعاة هواجس دولتي المصب خلال عملية الملء الثاني، التي تؤكد أن تأخيرها يكلف البلاد نحو مليار دولار.
وتأمل إثيوبيا في أن يلبي السد حاجة البلاد من الكهرباء.
وتتخذ الأزمة بعدا جديدا مع اقتراب موعد الملء الثاني، بعد رفع أديس أبابا مستوى تأهب قواتها المنتشرة في منطقة سد النهضة بهدف تأمين المرحلة الثانية من عملية ملئه.
وقال الجنرال أسرات دينيرو، القائد العسكري في منطقة متكل بإقليم بني شنقول (غرب) المقام بها السد، خلال اجتماع عقده مع عسكريين إثيوبيين، إن بلاده رفعت مستوى تأهب القوات المنتشرة في المنطقة التي يقع فيها سد النهضة بهدف تأمين المرحلة الثانية من ملئه.