تواتر الانسحابات من السباق الرئاسي قبل يومين من موعد الانتخابات الإيرانية

طهران – انسحب اثنان من المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية من سباق الرئاسة قبل يومين من موعد الانتخابات، فيما يبدو محاولة لتعزيز فرص المرشحين البارزين من المحافظين والمعتدلين.
وفي الشهر الماضي وافق مجلس صيانة الدستور المحافظ على سبعة مرشحين لخوض الانتخابات التي ستجرى الجمعة، واستبعد عدة مرشحين بارزين.
وأسفر القرار عن قائمة تضم اثنين من المعتدلين وخمسة من المحافظين المتشددين، أحدهم المرشح الرئيسي إبراهيم رئيسي رئيس القضاء وحليف الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وأدت قرارات تقليص عدد المرشحين إلى تقليل احتمالات الإقبال على التصويت بنسبة مرتفعة، وسط مشاعر الاستياء بسبب الاقتصاد الذي يئن تحت وطأة العقوبات الأميركية.
وقال التلفزيون الإيراني إن محسن مهر علي زاده (64 عاما) محافظ أصفهان السابق أعلن انسحابه في رسالة إلى وزارة الداخلية، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وكان مهر علي زاده يحتل المركز الأخير بين المرشحين السبعة الذين خاضوا انتخابات الرئاسة عام 2005.
ويوم الجمعة من المرجح أن يصوت أنصار مهر علي زاده لصالح المرشح المعتدل عبدالناصر همتي محافظ البنك المركزي السابق.
ويستبعد أن يؤثر انسحاب مهر علي زاده على المسار الانتخابي، إذ إن استطلاعات الرأي التي نشرت في الفترة الماضية، منحت مهر علي زاده أدنى نسبة من الأصوات. وأظهرت أحدث أرقام "مركز استطلاع الرأي العام للطلاب الإيرانيين"، "إسبا"، أن نسبة الذين قالوا إنهم سيصوتون لمهر علي زاده، بقيت دون الواحد في المئة.
لكن انسحابه قد يصب في صالح المرشح الآخر عبدالناصر همتي المعروف بقربه من الإصلاحيين.
وشغل مهر علي زاده منصب نائب رئيس الجمهورية خلال الولاية الثانية للإصلاحي محمد خاتمي (2001 - 2005)، واعتزل الشأن العام بعدما تولى منصب محافظ أصفهان (وسط) في 2017 - 2018. وخاض الانتخابات الرئاسية العام 2005، حيث نال أقل من خمسة في المئة من الأصوات.
وينتقد السياسي الإيراني المعتدل تشبث السلطات بالدفع نحو فوز رئيس السلطة القضائية، ما يعني تعزيز فرص رجال الدين الشيعة من المرتبة الوسطى لخلافة خامنئي في نهاية المطاف. وشغل خامنئي منصب الرئيس لفترتين قبل أن يصبح زعيما أعلى.
وفي تصريحات سابقة له، قال مهر علي زاده خلال مناظرة انتخابية بثها التلفزيون، "جمعوا الشمس والقمر والسماوات ليجعلوا شخصا واحدا محددا رئيسا".
وطالب 210 نواب من البرلمان الإيراني المرشحين المحافظين بالانسحاب من السباق الانتخابي واتحادهم في ترشيح رئيسي، لزيادة المشاركة وإمكانية تشكيل حكومة قوية.
وفي وقت لاحق الأربعاء، انسحب من السباق أيضا المحامي المحافظ علي رضا زكاني الذي استبعد من انتخابات الرئاسة في 2013 و2017، وذلك في خطوة تعزز فرص إبراهيم رئيسي أبرز المرشحين.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن رئيسي قوله "أتوجه بالشكر من قلبي لأخي العزيز الدكتور علي رضا زكاني الذي قرر أن يخوض الانتخابات على أساس واجبه الثوري… واليوم اتخذ قرارا انطلاقا من إحساس بالمسؤولية".
ومن شأن انسحاب المرشح المحافظ تعزيز حظوظ رئيسي المقرّب من خامنئي والمدعوم من الحرس الثوري الإيراني.
وفي عام 2016 اختار خامنئي رئيسي لتولي رئاسة مؤسسة أستان قدس رضوي، وهي مؤسسة دينية تدير المليارات من الدولارات وتملك مناجم ومصانع نسيج ومصنع أدوية، إلى جانب شركات نفط وغاز كبرى.
ويشغل رئيسي كذلك منصب نائب رئيس مجلس الخبراء، وهو هيئة دينية تشرف على أداء الزعيم الأعلى وتعينه، ونظريا يمكنها عزله كذلك.
وخلص استطلاع للرأي أجرته وكالة استطلاعات الطلاب الإيرانية الاثنين، إلى أن نحو 60 في المئة من بين 5 آلاف مشارك في الاستطلاع يدعمون التصويت في الانتخابات للمرشح المحافظ المتشدد رئيسي.
وبذلك، ينخفض عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية التي تجرى دورتها الأولى في 18 يونيو إلى خمسة مرشحين.
وكانت قائمة المرشحين الذين نالوا الأهلية من قبل مجلس صيانة الدستور، تتألف من سبعة هم اثنان من الإصلاحيين (مهر علي زاده وعبدالناصر همتي، الحاكم السابق للمصرف المركزي)، إضافة إلى خمسة من المحافظين المتشددين أبرزهم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي الذي يبدو الأوفر حظا للفوز بهذه الانتخابات.
وسيكون السباق لاختيار رئيس خلفا للبراغماتي حسن روحاني مقصورا على أربعة متشددين يعتنقون نهج خامنئي المناهض للغرب بشدة، منهم رئيسي وكبير المفاوضين النوويين سابقا سعيد جليلي، والمعتدل عبدالناصر همتي.
وتأتي الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية حادة في إيران، تعود بالدرجة الأولى إلى العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها اعتبارا من 2018، بعد قرار رئيسها السابق دونالد ترامب الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق حول برنامج طهران النووي.
وتوقعت استطلاعات الرأي القليلة التي أجريت في الفترة الماضية، أن تكون نسبة المشاركة بحدود 40 في المئة، علما بأن آخر عملية اقتراع شهدتها إيران (الانتخابات التشريعية لعام 2020)، شهدت نسبة امتناع قياسية بلغت 57 في المئة.
والأربعاء قال رئيس لجنة الانتخابات إسماعيل موسوي إنه من المتوقع إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية قبل ظهر السبت.
وبدأت الحملات الدعائية من 28 مايو الماضي وتنتهي الأربعاء، والخميس ستدخل البلاد فترة الصمت الانتخابي، لتتم عملية الاقتراع الجمعة 18 يونيو.
وتتزامن الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجرى الجمعة، مع الانتخابات النصفية لمجلس خبراء القيادة وانتخابات المجالس البلدية والقروية والعشائرية.