تداعيات الوباء تراكم الركود في سوق العقارات الكويتي

زيادة نسبة الشواغر تؤثر سلبا في قيمة العقارات وارتفاع أسعار المنازل بسبب قلة المعروض.
الجمعة 2021/06/04
آفاق ضبابية لقطاع حيوي

الكويت - تبدي أوساط قطاع العقارات في الكويت تفاؤلا حيال انتعاش هذه الصناعة فيما تبقى من العام مدفوعا بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة قبل أشهر حيث أظهرت نوعا من النشاط الطفيف منذ بداية 2021.

ويرى خبراء أن تلك المؤشرات وقتية ولا تدل على حقيقة نشاط القطاع، ولذلك فهي تحتاج إلى عملية تصحيح سريعة تفاديا للدخول في حالة ركود قد لا تنتهي قريبا.

واعتبر عقاريون كويتيون أن القطاع الاستثماري كان الأكثر تضررا في الأشهر الماضية بسبب تداعيات الجائحة وسط زيادة نسبة الشواغر في الشقق والمنازل السكنية وأيضا في العقارات التجارية والاستثمارية إثر مغادرة الكثير من الأجانب للبلاد.

وتشير الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت إلى أن عدد الوافدين تراجع بواقع 800 ألف شخص بنهاية العام الماضي إلى 3.1 مليون شخص قياسا بما كان مسجلا قبل عام، فيما يبلغ عدد سكان البلاد نحو 1.4 مليون نسمة.

ورغم عودة حركة الانتعاش في القطاع، الذي يساهم بأكثر من 7 في المئة من اقتصاد البلد الخليجي، بعد أن عانى متغيرات متباينة أثرت في أدائه بشكل عام خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2021، لكن تبقى مشكلة ارتفاع الأسعار الجنونية مهيمنة على السوق. وثمة تحذيرات من ظهور فقاعة عقارية إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

ونسبت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) إلى نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار عماد حيدر قوله إن “القطاع السكني من أكثر القطاعات طلبا وتداولا وارتفاعا في الأسعار منذ بداية العام وأثناء تفشي جائحة كورونا حيث بلغ متوسط سعر المتر المربع ما بين 800 و1200 دينار (نحو 2400 إلى 3600 دولار)”.

عماد حيدر: نتوقع استمرار وتيرة ارتفاع الأسعار في قطاع الإسكان

وكل منطقة لها سقف سعري من الصعب تجاوزه. وعلى سبيل المثال، تشكل منطقة صباح الأحمد البحرية إلى جانب مناطق شرق القرين والمسايل والفنيطيس وأبوفطيرة من أكثر المناطق جذبا للمستثمرين والمضاربين وطالبي السكن الخاص.

ويتوقع حيدر استمرار وتيرة ارتفاع الأسعار. وقال إنه “عند بلوغ السقف بعدها تستقر الأسعار ثم تبدأ مرحلة التصحيح”، لافتا إلى “زيادة نسبة الشواغر في المناطق الاستثمارية إثر مغادرة العديد من المقيمين البلد خلال فترة تفشي الجائحة”.

وعلى خلاف ذلك، تظهر المؤشرات تماسك القطاع التجاري رغم ما تعرض له من ضغوط مستمرة وسط الأوضاع التي شهدتها البلاد بسبب تداعيات الجائحة.

وتضرر الكثير من الأفراد والشركات العاملة بالبلد الخليجي بسبب الإغلاق الذي فرض لمحاصرة الفايروس وباتوا غير قادرين على سداد الإيجارات، ما تسبب في أزمات عديدة بين المُلاك الذين تراكمت عليهم الالتزامات وبين المستأجرين غير القادرين على الدفع.

وعدلت الحكومة في أغسطس الماضي قانون الإيجار وفق مقتضيات أزمة كورونا لحماية المستأجرين من إخلاء المساكن والمقرات المستأجرة في فترات الأزمات العامة التي تقررها السلطات، في محاولة لإحلال التوازن في سوق العقارات.

ويؤكد الخبير العقاري منصور العصيمي وجود “طلبات محدودة” في القطاع رغم انتعاش حركة السوق العقاري من مطلع يناير وحتى نهاية مايو الماضيين كانت “جيدة” في القطاعات السكنية والتجارية والاستثمارية.

وأشار العصيمي إلى أنه على الرغم من هذه الطلبات فإنه “لا يمكن إغفال حقيقة أن الاستثمارات العقارية كانت من أكثر القطاعات المتضررة بسبب تداعيات الجائحة”.

وأوضح أن هذه الشواغر ستؤثر سلبا على قيمة العقارات وبالتالي سيشهد سجل التخصيص الاستثماري انخفاضا ملموسا في النصف الأول من عام 2021 وربما يستمر حتى نهاية العام.

وتشير تقارير محلية منسوبة إلى بنك بيت التمويل الكويتي، الذي يصدر إحصائيات شهرية عن سوق العقارات إلى ارتفاع الأسعار في قطاع السكن الخاص منذ بداية العام الحالي بسبب كثرة الطلب وقلة المعروض.

كما أن التمويلات التي يتم ضخها في القطاع تراجعت خلال شهري يناير وفبراير الماضيين بواقع 16 في المئة بمقارنة سنوية ليصل إلى 448 مليون دينار (1.5 مليار دولار).

منصور العصيمي: الطلبات محدودة رغم انتعاش السوق منذ بداية 2021

ويتفق الوسيط العقاري فيصل اللوغاني مع رأي نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار، وقال لوكالة الأنباء الكويتية الرسمية إن “هناك ارتفاعا في أسعار العقارات السكنية لاسيما في المناطق السكنية القديمة لقلة المعروض وازدياد الطلب عليها”.

وفي ما يتعلق بالعقارات الاستثمارية والتجارية أوضح أنها تضررت جراء الأزمة الصحية إثر مغادرة العديد من المقيمين الكويت خلال فترة تفشي الفايروس.

ويشهد السوق العقاري الكويتي منذ منتصف العام الماضي ارتفاعا وتضخما غير مسبوق في أسعار العقارات السكنية، وما زال مستمرا على حاله طيلة الأشهر الخمسة الأولى من 2021 لتوجه العديد من المستثمرين لقطاع السكن الخاص لتعظيم العائد على الاستثمار.

ويقول الخبير العقاري فوزي حمادة إن هذه الوتيرة انعكست على حركة السوق وسط العزوف عن الاستثمار في القطاعين الاستثماري والتجاري بسبب التداعيات التي أفرزتها أزمة تفشي الوباء مما أدى في نهاية المطاف إلى انخفاض عدد المستأجرين لتلك الفئة من القطاعات التجارية.

وذكر أن هناك عوامل أخرى فاقمت تحديات السوق منها “بطء عملية تخصيص وتوزيع القسائم السكنية وتراخيص البناء وغلاء مواد البناء مما أدى إلى غلاء تكلفة البناء بالتالي رفع قيمة أسعار بيوت العقار السكني”.

وفرض بنك الكويت المركزي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في العام 2009 عدة قواعد على التمويل الموجه للقطاع العقاري للحد من المضاربات التي أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار.

ولكن في السنوات الخمس الأخيرة اتسعت موجة نزوح المستثمرين الكويتيين إلى الخارج بحثا عن فرص استثمارية، بسبب حالة الركود المؤلمة التي يعاني منها القطاع العقاري، الذي كان لعقود المتنفس الرئيسي للمستثمرين.

10