السلام يفوز في مباراة كرة قدم بين مسلمين ومسيحيين

الرياضات والفنون عناوين للسلام والتآخي والمحبة على الرغم مما فيها من تنافس باعتبار أنها تنهي الصراعات والأحقاد الموروثة، وهذا ما تفعله كرة القدم والموسيقى في غوس النيجيرية التي يُسيل الاحتقان الطائفي بين المسلمين والمسيحيين الدماء في شوارعها منذ سنوات طويلة.
غوس (نيجيريا) - على مدى سنوات كانت مدينة غوس الواقعة في وسط نيجيريا بؤرة صراع عرقي بين المسيحيين والمسلمين في أحياء متنافسة، لكن قادة من الطائفتين لجأوا إلى كرة القدم والموسيقى كوسيلة للتغلب على الانقسام ضمن برنامج لبناء الثقة بين الجانبين واستعادة السلام والتآخي بين الشباب.
انقلب الجار على الجار فيما لم يجرؤ المسلمون على دخول المناطق المسيحية، وابتعد المسيحيون عن الأحياء التي يسيطر عليها المسلمون.
ومن أجل تعزيز الوساطة والروح الجماعية انتقل ساليس محمد عبدالسلام ومجموعته من حي إلى آخر لتجنيد لاعبي كرة قدم في 20 قرية تابعة للمدينة.
وقد ساهمت هذه المبادرة التي تضم فرقا تحمل أسماء ذات مغزى، مثل فريق الحب وفريق الوحدة وفريق السماح، في إعادة توحيد غوس عاصمة ولاية بيلت الوسطى.
شباب مسلمون ومسيجيون تحوّلوا الآن إلى دعاة للسلام والوحدة بعد أن كانوا يتوجسون من بعضهم البعض في غوس
خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة التقى فريقا “بيشنس إف سي” و”فورغفنس إف سي” لإجراء مباراة النهائي على ملعب “روانغ بام تاونشيب” بمدينة غوس، في محاولة للتدليل على ضرورة توفير مناخ التعايش بين المجتمعات.
وقال عبدالسلام “هؤلاء الشبان تحولوا الآن إلى دعاة للسلام والوحدة” بعد أن كانوا يتوجسون من بعضهم البعض.
وأضاف “كل يوم يتدرب الشباب المسلمون والمسيحيون ويلعبون معا، فتنشأ بينهم روح الفريق وتتعزز الوحدة ونبني الروح الجماعية ونتّحد أثناء المنافسات الرياضية، ونحد من انعدام الثقة بينهم”.
ووقف لاعبان، واحد مسلم والآخر مسيحي، كتفا لكتف والكرة متوازنة بينهما، رامزين إلى الوحدة.
وقبل انطلاق المباريات تؤدي فرق موسيقية أغاني باللغات المحلية كوسيلة لجذب الشباب إلى الفعاليات. وعلّقت لافتة على جانب الملعب كتبت عليها عبارة “موسيقى + كرة قدم = سلام. إعادة توحيد الجيران المتخاصمين”.
بالنسبة إلى أمايشي جونسون، وهو لاعب مسيحي ينتمي إلى فريق “بيشنس إف سي”، فإنه كان يخاف دخول القرى المسلمة قبل انتشار فرق كرة القدم، وبعدها أصبح بإمكانه التجول في كل مكان ليجد ترحيبا من قبل الجميع.
وقال “يمكنك الآن دخول معظم الأماكن التي لم يكن بإمكانك دخولها في السابق، وهذا هو السلام والوحدة اللذان نتحدث عنهما”.
لعبة كرة القدم تدعو إلى التآخي والسلام وهي التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 عام قبل الميلاد، وأول من مارسوها الصينيون القدامى الذين كانوا يُقيمون احتفالات كبيرة للفريق الذي يفوز، ويُعاقبون الفريق الخاسر بالجَلد، وقد عرفها اليابانيون أيضا واليونانيون في عام 600 قبل الميلاد، وعرفها المصريون في عام 300 قبل الميلاد.
وتاريخيّا أيضا ظهرت لعبة كرة القدم المعروفة بشكلها الحالي في إنجلترا، حيث كان الإنجليز يقيمون المباريات بين فرق عديدة منذ 1863.
ويعود إلى إنجلترا أيضا الفضل في وضع قوانين الساحرة المستديرة، وقد تطوّرت هذه القوانين عبر الزمن وأُضيفت إليها قوانين أخرى أكثر صرامة.
وتمّ تخطيط شكل الملعب ووضع قواعد الحركة فيه وكل ما يخص اللاعبين والملعب والكرة وإحراز الأهداف، وأيضا وضع قواعد حراسة المرمى وأبعاد هذا المرمى، وما إلى ذلك من قوانين تخصّ اللعبة التي أصبحت الأكثر شعبية في العالم.
وأُقيمت أول كأس عالم لكرة القدم في الأوروغواي عام 1930، وتحديدا في مدينة مونتفيدو.
وتقع مدينة غوس القديمة، التي كانت ذات يوم ملاذا سياحيا بسبب مناخها الأكثر برودة من بقية المناطق النيجيرية، على الخط الفاصل بين الجنوب النيجيري الذي تسكنه غالبية من المسيحيين والشمال الذي تسكنه غالبية من المسلمين.
وارتبطت معظم أعمال العنف في المدينة المقسمة وأنحاء أخرى في ولاية بيلت بنزاع طائفي طال أمده بين مزارعين مسيحيين ورعاة مسلمين.
وقال إيرميا وير (عمدة بالمنطقة وأحد مفوضي الولاية النيجيرية) “قبل ست أو سبع سنوات كانت غوس من أكثر المدن التهابا في المنطقة، ولكن الوضع يتجه إلى الهدوء والفضل يعود إلى مثل تلك المبادرة”.
وأوضح “هذه البرامج (…) هي التي تروج لهذا السلام، وهي وراء استدامة هذا السلام”.
يذكر أن الساحرة المستديرة أوقفت الحرب الطائفية في نيجيريا لمدة يومين من أجل مشاهدة الأسطورة البرازيلية بيليه؛ ففي بدايات عام 1969 توجه فريق بيكسي سانتوس بقيادة بيليه إلى أفريقيا في جولة رياضية، على الرغم من أن القارة السمراء كانت في خضم اضطرابات دموية.
واندلع صراع وحشي قبل ذلك بسنتين بين نيجيريا ودولة انفصالية سابقة هي بيافرا، وقامت حرب أهلية بسبب رغبة شعب الإيبو في الانفصال عن الحكومة المركزية التي تهيمن عليها قبائل الهوسا – فولاني من شمال البلاد.
وعلى مدار عامين من العنف الداخلي فقدَ ما يقدر بنحو مليوني مدني حياتهم وتشرّد ما يصل إلى 4.5 مليون شخص، قبل أن يتم اجتياح بيافرا في نهاية المطاف وإعادة إدماجها في نيجيريا.
وصل بيليه مباشرة في منتصف الحرب، وكان على استعداد للعب مباراة في لاغوس في 26 يناير من ذلك العام، وعندما دخل بيليه وزملاؤه إلى المدينة سكت صوت المدافع لمدة 48 ساعة، وأبرمت نيجيريا وبيافرا هدنة لمشاهدة المباريات، حيث تعادل سانتوس بهدفين مع منتخب نيجيريا، وسجل بيليه الهدفين وصفقت له الجماهير الحاضرة تصفيقا حارا.