روحاني ينتقد "ديمقراطية المرشد" في الانتخابات الرئاسية

رأى مراقبون في مطالبة الرئيس حسن روحاني المرشد الأعلى علي خامنئي بمراجعة قائمة المرشحين لخوض غمار الانتخابات رسالة مثيرة للاهتمام في هذا التوقيت لأنها تنم عن مخاوف من سيطرة المتشددين على كافة مفاصل السلطة باعتبار أن المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي يسلك طريق الرئاسة دون ضغوط بدعم من المرشد والحرس الثوري.
طهران- تثير اللائحة النهائية بأسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية التي أقرها مجلس صيانة الدستور في إيران انتقادات من أطراف مختلفة في توجهاتها السياسية وخاصة التيار المعتدل، حيث اعتبروها ميلا لصالح التيار المتشدد على حساب الإصلاحيين.
وانتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني قرار استبعاد أسماء بارزة من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المزمعة بعد أسابيع قليلة. وقال في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الأربعاء إن “هذا القرار يقوّض دور الناخبين في انتخابات ديمقراطية”.
وأكد توجيهه رسالة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بشأن الترشيحات، طالبا مساعدته في توفير “منافسة” أكبر فيها بعد استبعاد شخصيات بارزة من الترشح. وكتب يطالبه بمراجعة القرار خاصة وأن الدستور الإيراني يجعل المرشد هو صاحب القول الفصل بشأن كافة الأمور السياسية.

إبراهيم رئيسي في طريق مفتوح لتولي المنصب بعد إقصاء أهم المرشحين
ويُعتبر الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين على مسك زمام السلطة في البلاد بأنه أمر تقليدي بينهما، وهذا التجاذب لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يخرج عن سلطة ولاية الفقية المتمثلة في المرشد الأعلى.
وتجرى الدورة الأولى للانتخابات في 18 يونيو، لاختيار خلف للمعتدل روحاني الذي لا يحق له دستوريا الترشح هذه المرة بعد ولايتين متتاليتين في منصبه.
وتأتي هذه المحطة السياسية الهامة بينما تواصل إيران مراوغة المجتمع الدولي بتعمدها إطالة أمد تحقيق أي تسوية مع إدارة الرئيس جو بايدن ضمن مفاوضات فيينا بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وكذلك تهديدها لأمن جيرانها الخليجيين والتدخل في شؤونهم.
ويقول مراقبون إن المرشد الأعلى لطالما أيّد استبعاد الخائفين من مواجهة “أعداء الخارج، في إشارة إلى الولايات المتحدة ولديه قناعة بأنه بفسح المجال أمام مرشح متشدد للفوز بالرئاسة سيجعل طهران تفرض شروطها في أي تسوية خارجية”.
ونشرت وزارة الداخلية الثلاثاء الماضي لائحة من سبعة مرشحين بينهم خمسة من المحافظين المتشددين، صادق مجلس صيانة الدستور على خوضهم المنافسة.
واستبعد المجلس، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون وتتألف من 12 عضوا، أسماء بارزة مثل المحافظ المعتدل علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الذي ترأس مجلس الشورى مدة 12 عاما، والمحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي إسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني.
وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد تكرارا لما واجهه في انتخابات 2017، شكل إقصاء لاريجاني، الذي سبق له خوض الانتخابات الرئاسية عام 2005، إضافة إلى جهانغيري، خطوة مفاجئة.
وكان لاريجاني وجهانغيري قد تعهدا بمواصلة النهج الوسطي لروحاني، ولذلك فإن استبعادهما من المنافسة قد يتسبب في خروج احتجاجات أو حتى مقاطعة الانتخابات.
وبقي الأبرز بين المرشحين النهائيين، رئيس السلطة القضائية رئيسي الذي يبدو الطريق ممهدا أمامه للفوز، والذي نال 38 في المئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017 التي انتهت باحتفاظ روحاني بمنصبه لولاية ثانية.
وأبدى مسؤولون وصحافيون في إيران خشيتهم من أن يؤدي اقتصار المرشحين بشكل كبير على توجه سياسي واحد، إلى امتناع كبير عن الاقتراع.
وتعد نسبة المشاركة نقطة ترقب في الانتخابات المقبلة، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 في المئة في انتخابات البرلمان مطلع 2020، التي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور الآلاف من المرشحين، العديد منهم كانوا من المعتدلين والإصلاحيين.
ولفت روحاني إلى “ما حصل لنسبة 98 في المئة” في إشارة إلى نسبة المشاركة الرسمية في استفتاء اعتماد مبدأ الجمهورية الإسلامية في العام 1979 بعد الثورة التي أطاحت بنظام الشاه. وتساءل بالقول “لماذا تستمر هذه النسبة بالتناقص؟ 98 في المئة من الناس قالوا إنهم يريدون الجمهورية الإسلامية. لماذا على هذا الرقم أن ينخفض مع مرور الوقت”؟
ويؤكد المتابعون أن هناك دائما مخاوف في إيران من أن المشاركة المنخفضة في الانتخابات ربما تُفسّر على أنها تصويت بحجب الثقة عن النظام بأكمله.

وسبق لخامنئي أن دعا مرارا خلال الفترة الماضية، إلى مشاركة واسعة في الانتخابات. وتخوّل القوانين للمرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الكبرى، إجازة تقديم مرشحين استبعدهم مجلس صيانة الدستور. وسجّل ذلك في حالتي اثنين من الإصلاحيين في انتخابات 2005.
وشدد روحاني على أن خامنئي “يمكنه أن يتصرف كما يرى مناسبا، لأن الأمر يتعلق بمصالح البلاد، والعمل الذي يقوم به مجلس صيانة الدستور”، مضيفا أن “ما كان يمكن لنا القيام به هو الطلب منه، واذا رأى الأمر مناسبا، اتخاذ خطوة بهذا الشأن”.
وطرحت الصحف الإصلاحية والمعتدلة أسئلة حول مصير “الإصلاحات” في إيران بعد هيمنة المحافظين المتشددين على المرشحين السبعة، بينما دافعت تلك المحافظة عن اختيارهم.
وبينما اعتبرت صحيفة “شرق” الإصلاحية في مقال بعنوان “وداعا للإصلاح”؟ أنه حتى أشد المشككين لم يتخيل أن يتم إبعاد جبهة سياسية بهذا الشكل، رأت “كيهان” القريبة من المحافظين المتشددين، أن “مجلس صيانة الدستور لا يمكن أن يتصرف على قاعدة المفاضلات الشخصية”.
وقالت “كيهان” في افتتاحيتها “من المهم أن تكون نسبة المشاركة في أقصاها في يوم الاقتراع، لكن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق مجلس صيانة الدستور بمفرده”.
وكررت انتقاداتها للسياسة الاقتصادية لحكومة روحاني التي تجمع بين المعتدلين والإصلاحيين، قائلة إن “المسؤولين عن المشاركة هم الذين يتسببون بصفوف الانتظار أمام متاجر” بيع المواد الغذائية المدعومة.
يُعتبر الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين على مسك زمام السلطة في البلاد بأنه أمر تقليدي بينهما، وهذا التجاذب لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يخرج عن سلطة ولاية الفقية
واعتمد روحاني منذ توليه منصبه عام 2013 سياسة انفتاح على الغرب، كان أبرز نتائجها إبرام اتفاق مع القوى الكبرى عام 2015 بشأن البرنامج النووي.
وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها.
لكن مفاعيله انعدمت تقريبا منذ قرار واشنطن الانسحاب أحاديا منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، انعكست سلبا على وضعها الاقتصادي وسعر صرف العملة المحلية.