السودان يلتمس سلاما شاملا بمفاوضات صعبة مع الحلو

الخرطوم - انطلقت في جوبا عاصمة جنوب السودان الأربعاء الجلسة الافتتاحية للمفاوضات المباشرة بين السلطة الانتقالية السودانية والحركة الشعبية شمال – جناح عبدالعزيز الحلو التي لها نفوذ عسكري واسع بجنوب كردفان، في خطوة تعزز مسارات الخرطوم نحو إحلال السلام الشامل، بانتظار انطلاق مباحثات مماثلة قد تبدأ قريباً مع حركة جيش تحرير السودان – جناح عبدالواحد نور.
وأعرب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عن عزم بلاده تحقيق السلام مع كافة الأطراف، ومواصلة الحوار إلى حين الوصول إلى اتفاق يرضي جميع السودانيين، داعيا إلى الوحدة بين قوى الثورة من أجل السلام.
وتشارك السلطة الانتقالية بمكونيها المدني والعسكري في افتتاح المباحثات بجوبا، بما يشي أن هناك رغبة لتأسيس سلام يحظى بقبول جميع المكونات ويقوّض محاولات بعض القوى الرافضة لمبدأ فصل الدين عن الدولة، وهو شرط أساسي وضعته حركة الحلو لنجاح المباحثات، وسوف يكون بديلها استخدام حق تقرير المصير الذي يشكل هاجسا للسلطة الحالية الباحثة عن تماسك الدولة في مرحلة الانتقال الصعب.
وتجد الخرطوم نفسها أمام اختبار دقيق لتجاوز محطة المباحثات مع الحركة الشعبية من دون أن تؤدي إلى غضب داخلي جراء عدم التوافق على علمانية الدولة، وعليها إقناع الأطراف المختلفة بمناقشة المبدأ في المؤتمر الدستوري الذي لم يتحدد موعد انعقاده.
وفي الوقت ذاته تبدو السلطة أكثر حرصاً على ألا يكون السلام خصماً من رصيد الشركاء الحاليين في مكوناتها، أي قيادات الجبهة الثورية التي تضم عددا من الحركات المسلحة والتنظيمات السياسية التي وقعت على اتفاق جوبا في أكتوبر الماضي.

خالد الفكي: هناك رغبة صادقة في الوصول إلى اتفاق سلام
وتشكل المحطة الحالية في مفاوضات جوبا أهمية كبيرة للسلطة الانتقالية التي تسعى لإثبات جديتها أمام المجتمع الدولي وأنها ماضية في طريق السلام الشامل، وتعول على أن يكون التفاهم المنتظر مع الحلو مساعداً لتحريك الجوانب المجمدة في اتفاق جوبا حيث يواجه مشكلات أهمها الترتيبات الأمنية بين قوات الجيش والحركات المسلحة، والتي أوقفت تنفيذ بعض بنوده على الأرض.
وقال المحلل السياسي خالد الفكي لـ”العرب” إن السلطة الانتقالية إلى جانب حركة الحلو لديهما الرغبة الصادقة في الوصول إلى اتفاق سلام، بما يسهل عملية المفاوضات التي تتجاوز ملف علمانية الدولة المتفق عليه في إعلان المبادئ السابق، وتركز على الترتيبات الأمنية وتقاسم السلطة والثورة.
وأضاف أن الشيطان يكمن في التفاصيل التي قد تكون سبباً في تعطيل مباحثات السلام، وأن الطرفين عليهما إدراك المرحلة الدقيقة التي يمر بها السودان والأزمات المتفاقمة في ملفات الاقتصاد والسياسية والأمن، فأي تعنت يقود إلى فشل المفاوضات.
وحذر متابعون من توصل الطرفين إلى اتفاق قد يصعب إنزاله على الأرض، أو معرفة موقف حركة الحلو حال رفضت المكونات السياسية في المؤتمر الدستوري إقرار مبدأ العلمانية، وهو ما يفتح الباب أمام الحديث عن انفصال جزء جديد من السودان، الأمر الذي يتطلب الحصول على ضمانات تمنع هذا المأزق.
وأشارت الكاتبة والمحللة السياسية إيمان عثمان إلى أن السودانيين لديهم هواجس من أن تكون المباحثات صورة طبق الأصل من التي جرت في السابق مع الجبهة الثورية ولم يجر تطبيق بنودها على الأرض، وهناك شكوك بأن بعض أطراف السلطة الحالية يفتقرون لجدية الوصول إلى سلام شامل في الولايات لأن ذلك يخصهم من نفوذهم.
وأكدت في تصريح لـ”العرب” أن “جناحا مؤثرا في المكون العسكري ليست لديه قناعة تامة بتنفيذ مبدأ علمانية الدولة، لكنه لا يريد أن يكون طرفاً معرقلاً للمباحثات، ما ينعكس سلباً على تمرير نتائج المباحثات في ظل الإصرار على أن يكون العسكريون حاضرين في تفاصيلها، وأن المكون المدني لن يستطيع فرض وجهة نظره بعد أن أضحى مهلهلاً”.