"ريسايكل".. بشر يعاد تدويرهم بعد انتهاء صلاحيتهم

العرض يوظّف الأنماط الكوميدية والدراما الحركية لنقد العديد من الظواهر السلبية المستشرية في المجتمع المصري.
الجمعة 2021/05/21
نقد لعدد من السلوكيات والعادات الاجتماعية

القاهرة - قال المخرج عادل حسان مدير فرقة مسرح الطليعة بالبيت الفني للمسرح إن عرض “ريسايكل” من إنتاج الفرقة يعود من جديد، ليقدم على المسرح العائم الصغير بالمنيل بالتعاون مع فرقة مسرح الشباب، ابتداء من السبت 22 مايو في تمام السابعة مساء، وسيستمر عرض المسرحية لمدة عشرة أيام لاحقة يوميا ما عدا الثلاثاء.

ويناقش العرض متناقضات المجتمع في قالب كوميدي ويتناول من خلال مجموعة من الأسكتشات فكرة إمكانية إعادة تدوير الإنسان المنتهية صلاحيته، وهل من الممكن أن يعود إلى إنسانيته مرة أخرى.

وموسيقى العرض لأحمد حمدي رؤوف، والدراما الحركية لمناضل عنتر، والأزياء لعبير البدراوي، والصياغة والإخراج لمحمد الصغير.

وقد وظّف منتجو العمل عددا من الأنماط الكوميدية والدراما الحركية لنقد العديد من الظواهر السلبية المستشرية في المجتمع المصري، مثل التحرش وأزمة تأخر سن الزواج، والإسفاف في الفن، على وجه التحديد الأغاني الهابطة التي تُقدِم كلمات بلا معنى وبضجيج فارغ من اللحن.

كذلك ما يسمى بـ“كابوس الثانوية العامة” الذي يؤدي إلى إصابة الطلاب وأسرهم بأمراض وضغوط نفسية وعصبيّة، وتراجع أخلاقيات الوفاء، واحترام الآخر، ومساعدة المحتاجين.

احتل الزواج بفصوله المختلفة مكانة في عدد من الأسكتشات المتتالية في العرض، للإشارة إلى جاذبية العلاقة بين الطرفين في بداياتها والتحولات التي تطرأ عليها مع مرور السنوات، وتلك المستجدات الضاغطة التي تقود إلى التحول إلى نمط حياة روتينية، ما يقود إلى المشكلات بين الطرفين التي قد تتطور إلى الانفصال.

Thumbnail

عبّرت المسرحية عن نقد لعدد من السلوكيات والعادات الاجتماعية، مثل المبالغة في الاحتفالات وما يعقبها من تبذير، خاصة في الأعياد التي تشهد مظاهر كرنفالية مبالغا بها، ورفض نفاق الموظفين لرؤسائهم في العمل، وهي ظاهرة باتت سمة غالبة عبر أدوات عديدة من التهكم والتورية، بأدوات ومعالجات كوميدية.

استخدم العرض المسرحي المحاكاة الساخرة بشكل جيد ليُبين تلك الهوة بين طبقات المجتمع، والإعلانات الدعائية التي تروج لأماكن سكنية بمدن جديدة ذات مواصفات تميزها عن غيرها من الأماكن وتقطع بأفضلية قاطني تلك الأماكن وما سواهم، وفي الآن ذاته السخرية من ثقافة الموت التي صارت تُعرض في كل مكان بحيث صارت الإعلانات التلفزيونية تروج لمقابر بمواصفات مثالية، ومبالغ طائلة تجعل حتى “الموت الكريم” بعيد المنال.

كانت الكوميديا السوداء حاضرة في مشاهد أخرى، فهناك الفتاة التي تُشبه الكثيرات، وقُمعت منذ طفولتها حتى صارت أضعف من أن تدفع عن نفسها الأذى إلى أن ماتت وانصرف عنها الجميع، ولم يهتم أحد بوجودها كما رحيلها.

وظهرت هذه الكوميديا في الحديث عن الأم المصرية التي تفني نفسها في تربية أولادها حتى ينصرف كلّ منهم إلى حياته الخاصة لتصير وحيدة تتسول سؤالا أو اهتماما عابرا، والتعبير عن أحلام الشباب المتهاوية واحدا تلو الآخر حتى تصير الحياة مجرد دوران في حلقة مفرغة بلا معنى.

وللوهلة الأولى قد يبدو عنوان المسرحية “ريسايكل” غريبا عن عوالم المسرحة والفن عموما حيث إنه مرتبط أساسا بالنفايات ومعالجتها وإعادة تدويرها، ولكن هذا التمشي انتشر في الفن المعاصر الذي يحاول إعادة تدوير للمواضيع والمواد المتناولة فيه لإنتاج أفكار ناقدة ورؤى تحاول رسم معالم حياة الإنسان اليوم وما يعانيه.

ولم تعد ثيمة التدوير التجميعية التركيبية مقتصرة على التيارات والحركات التشكيلية كالكولاج والدادية والسريالية التي تستثمر النفايات والمواد المهملة والقمامة وغيرها، وإنما امتدت إلى المسرح والرواية والقصة والحرف التراثية والتقليدية والكوميكس والكاريكاتير والشعر.

Thumbnail

ويهدف مؤيدو هذا الاتجاه إلى إلقاء الضوء على الهامش والهامشيين، وقراءة المسكوت عنه في المشهد الحياتي، وإحياء مفردات وعناصر مجانية ومنسيّة وربما قبيحة، في سياقات جمالية جديدة صادمة، قد تبدو مدهشة ساحرة أو غرائبية أو مثيرة أحيانا، دون إنجاز إضافة حقيقية.

ويذكر أن عرض “ريسايكل” افتتح رسميا في أكتوبر الماضي على مسرح الطليعة، وهو من إنتاج ورشة الارتجال بالمسرح والتي أقيمت قبل فترة جائحة الكورونا لمدة أربعة أشهر، ودرب فيها عدد من المدربين المحترفين وهم

محمد الصغير، ومناضل عنتر، وأحمد حمدي رؤوف، وسما إبراهيم، ومصطفى سليم، وتوقفت أثناء الجائحة لتعود مرة أخرى عقب تخفيف الإجراءات الاحترازية.

14