هل تشكل استقالة المشيشي مخرجا للأزمة في تونس

أحزاب تونسية تحمل حكومة هشام المشيشي مسؤولية سوء إدارة الأزمة الصحية واحتواء الوضع الوبائي مع تفاقم الوضع الذي تُنذر بانهيار تام للمنظومة الصحية.
الأربعاء 2021/05/12
تونس لم تتجاوز بعد عقدة استقالة المشيشي

يواجه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي دعوات متزايدة إلى ضرورة تقديم استقالته على خلفية تأزم الأوضاع على جل المستويات في البلاد وسط تشبث الحزام السياسي والبرلماني الداعم له ببقائه على رأس الحكومة وهو ما يطرح تساؤلات عما إذا كانت استقالته فعلا قد تشكل مخرجا للأزمة التي تعرفها البلاد.

تونس- تصاعدت خلال الساعات الماضية الدعوات المنادية بضرورة استقالة الحكومة التونسية برئاسة هشام المشيشي إثر تدهور الأوضاع العامة في البلاد وهو ما يطرح تساؤلات عما إذا كانت استقالة الرجل ستُنهي الأزمة الحالية التي ترزح تحت وطأتها تونس.

وطالب حزب التكتل من أجل العمل والحريات باستقالة المشيشي والانطلاق فورا في حوار وطني شامل يجمع كل الأطياف السياسية والاجتماعية ولا يُقصي أحدا بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد ومساندة الرباعي الراعي للحوار.

وبرر الحزب في بيان دعوته بفشل الحكومة في إقرار الإجراءات الصحية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية في مواجهة الجائحة الصحية والتأخير والتخبط والتراجع عنها مرارا وفق قوله، علاوة على عجزها ورئيسها عن تطبيق الإجراءات التي قررتها.

وبالفعل تعيش تونس وضعا صحيا حرجا بات يُنذر بانهيار تام للمنظومة الصحية خاصة أن الإجراءات التي أقرتها الحكومة المرتبطة بالحجر الصحي العام تم التمرد عليها في مختلف مناطق البلاد.

وبدوره حمل حزب آفاق تونس برئاسة فاضل عبدالكافي رئيس الحكومة هشام المشيشي مسؤولية سوء إدارة الأزمة الصحية واحتواء الوضع الوبائي مشيرا إلى أن “قواعد المسؤولية السياسية في الأنظمة الديمقراطية تفرض الاستقالة في صورة العجز عن إيجاد الحلول”.

وتطرح هذه الدعوات التي يرفضها الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي تساؤلات عن المسؤول عن الأزمة التي باتت تعصف بتونس سواء اقتصاديا أو سياسيا.

شهادات

وتنقسم الطبقة السياسية التونسية بين داعين إلى استقالة المشيشي معتبرين أنه فشل في الاختبارات التي اعترضته وفريقه الحكومي، والحزام السياسي والبرلماني الداعم للرجل والذي يتألف من حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة وكتلة الإصلاح الوطني وتحيا تونس.

وحمل الناشط السياسي الصحبي بن فرج المشيشي مسؤولية الأزمة معتبرا أن خروجه قد يشكل بداية انفراجة في البلاد ويجنبها مطبات أخرى حيث يمثل الرجل خطرا على البلاد، وفق قوله.

وقال بن فرج في تصريح لـ”العرب”، “ماذا سيقدم المشيشي إذا بقي؟ هذا هو السؤال (…) الرجل أثبت فشله على مختلف الأصعدة ذهب إلى واشنطن للتفاوض مع المانحين دون أي برنامج، أعلن إجراءات صحية عمقت الأزمة عوض الحد منها، هو أيضا بصدد تكديس جماعة (حركة) النهضة وقلب تونس في مواقع حساسة (…) باختصار بقاؤه خطر يهدد البلاد”.

وتابع “المشكلة تبقى في حزامه البرلماني والسياسي الذي يتشبث به فالرجل يعتبر أداة لدى هذا الحزام في مواجهته ضد الرئيس قيس سعيد الذي لا يمكنه هو الآخر التنصل من المسؤولية، هو يتحمل جزءا كبيرا منها أيضًا”.

في المقابل تعتبر أوساط تونسية أخرى أن المشكلة لا تكمن فقط في حكومة المشيشي رغم شبه الإجماع حول ضعف أدائها، مشيرين إلى أن الحل في انتخابات رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها.

تطرح هذه الدعوات التي يرفضها الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي تساؤلات عن المسؤول عن الأزمة التي باتت تعصف بتونس سواء اقتصاديا أو سياسيا

وقال المحلل السياسي هشام الحاجي إن “ضعف أداء حكومة المشيشي أمر مفروغ منه وهو أمر في الواقع يرجع إلى سوء اختيار الوزراء الذين يشكلون فريقه الحكومي، إضافة إلى ضعف أداء المشيشي نفسه حيث أثبت أنه دون التحديات التي تمر بها البلاد، لكن في نفس الوقت هناك مناخ عام يؤثر على أداء حكومة المشيشي فهي لا تزال منقوصة من عدد كبير من الوزراء الذين زكاهم البرلمان لكن لم يلتحقوا بها إلى الآن”، مضيفا أن “هناك تطورا لحالة الميل إلى التمرد والاحتجاج وهذا مؤثر، إضافة إلى الصراع بين الرئاسات الثلاث، والأحزاب الداعمة للحكومة لا تقدم دعما ميدانيا إذ ركزت على البيانات فقط علاوة على تداعيات الجائحة”.

واستطرد الحاجي في تصريح لـ”العرب”، “لكن لا أعتقد أن استقالة المشيشي لوحدها تكفي للخروج من الأزمة، لأن تلك الدعوات لا تخلو من حسابات سياسية حيث تريد بعض الأحزاب وأعني تحديدا حزب التكتل الذي يدور في الكواليس أن أحد قيادييه مرشح لخلافة المشيشي لذلك بادر بالدعوة لاستقالته وهذا الحزب فقد كل وزن حقيقي”.

وأردف “الحل الحقيقي يكمن في الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها تتم على أساسها صياغة توازنات سياسية جديدة من خلال إعادة الكلمة إلى الشعب”.

وترفض مكونات الحزام السياسي الداعم للمشيشي وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية هذه الدعوات مطالبة بضرورة التعجيل بإطلاق الحوار الوطني ولو باستثناء الرئيس قيس سعيد الذي يبدو أنه اشترط استقالة المشيشي كشرط لإطلاق وقيادة الحوار.

وقال رفيق عبدالسلام وهو وزير خارجية تونس الأسبق وصهر رئيس النهضة راشد الغنوشي إن “حكومة المشيشي مستمرة واستقالتها غير مطروحة”. وأضاف عبدالسلام في تدوينة نشرها بموقع فايسبوك:

ومن جهته دعا وزير الصحة السابق والقيادي بالنهضة عبداللطيف المكي إلى تفعيل مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل المركزية النقابية في البلاد “بمن حضر” مشيرا في تصريحات لإذاعة محلية إلى أنهم في حركة النهضة دعاة حوار.

4