كورونا يعرقل مكافحة الأوبئة في المناطق المنسية

الأمراض الطفيلية تفتك بأفقر بلدان العالم بعد توقف المبادرات الصحية لعلاجها.
الخميس 2021/05/06
داء التنينات سببه شرب المياه الملوثة

لا تزال الأمراض الطفيلية الناتجة عن المياه الملوثة تفتك بسكان أفقر بلدان العالم وتقتل الملايين منهم، وتؤدي إلى إعاقتهم وتجعلهم معزولين وغير قادرين على كسب لقمة العيش، وأدى تفشي جائحة كورونا إلى تعميق المعاناة، بعد أن عرقل الجهود المبذولة لمعالجة الأوبئة في المناطق الاستوائية المنسية.

أديس أبابا - يضطر أوكيلو أبالا أوغنوم إلى السير بانتظام في أعماق أدغال جنوب غرب إثيوبيا لتعقيم برك المياه التي تحتوي على مرض طفيلي.

ويقيس حجم الماء بكل دقة لتحديد مقدار المواد الكيميائية التي يجب استخدامها للتخلص من مجذافيات الأرجل، وهي مجموعة من الكائنات الصغيرة التي تحمل يرقات دودة غينيا.

إذا ابتلع الإنسان هذه المجذافيات، يمكن أن تنمو اليرقات ليصل طولها مترا قبل أن تخرج من الجلد، مما يؤدي إلى إعاقة خطيرة وبتر في أسوأ الحالات.

إن قتل هذه الطفيليات ليس سوى جزء من وظيفة أوكيلو، فهو يعلّم المجتمع أيضًا مخاطر شرب مياه البركة غير المفلترة.

وفي اتصال هاتفي مع وكالة رويترز، قال أوكيلو البالغ من العمر 24 عاما من مقاطعة غوغ في منطقة غامبيلا بإثيوبيا، “نقول لهم إننا نعالج البرك لكننا لا نقتل كل مجذافيات الأرجل، فلا تعتقدوا أنه يمكنكم الشرب فقط لأن الماء معقم”.

وقبل 35 عاما، أصابت دودة غينيا 3.5 مليون شخص. ولكن، وفقا لمركز كارتر، المنظمة التي أنشأها جيمي كارتر والتي تقود حملة الاستئصال الدولية، أبلِغ عن 27 إصابة بشرية فقط في عام 2020، معظمها في إثيوبيا وتشاد.

كان هذا أقل بنسبة 50 في المئة عن عام 2019، وقال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر البالغ من العمر 97 عامًا إنه يأمل أن يعيش لرؤية الحالة الأخيرة لدودة غينيا، والتي ستكون المرض الثاني بعد الجدري الذي يُقضى عليه في تاريخ البشرية.

دودة غينيا

الماء وسيلة مجذافيات الأرجل للانتقال إلى البشر
الماء الملوثة وسيلة مجذافيات الأرجل للانتقال إلى البشر

يعد القضاء على دودة غينيا أحد الأهداف التي حددتها منظمة الصحة العالمية في يناير عندما نشرت خارطة الطريق لمعالجة 20 مرضًا استوائيًا مهملًا بحلول عام 2030.

وتؤثر هذه الأمراض التي يمكن علاجها أو الوقاية منها على أكثر من 1.7 مليار شخص في بعض أفقر بلدان العالم، وغالبًا ما تؤدي إلى إعاقتهم وتجعلهم معزولين وغير قادرين على كسب لقمة العيش.

جاء هذا التقدم في العام الماضي بشأن دودة غينيا على الرغم من التأثير على أنظمة الصحة العامة من جائحة كوفيد – 19، الذي أضر بالجهود المبذولة لمعالجة بعض أمراض المناطق المدارية المهملة، لاسيما عندما كان يُطلب من العاملين في مجال الصحة السفر إلى المصابين.

قال آدم فايس مدير برنامج القضاء على دودة غينيا في مركز كارتر إن منهج الارتكاز على المجتمع كان مفتاح النجاح في القضاء على مرض لا يوجد له لقاح أو علاج.

وقال فايس إن “وجود البرنامج متوقف على مشاركة المجتمع وقادته، فالأماكن التي سجلت نجاحا أكبر من غيرها. هي تلك التي كانت تشمل قادة فاعلين، ومتطوعين ديناميكيين في المجتمع”.

نهاية الطريق

في غامبيلا، حيث أبلغ عن 11 حالة إصابة بشرية في عام 2020، حُشد العشرات من أفراد المجتمع مثل أوكيلو لمعالجة البرك وتوفير مياه الشرب ونشر الوعي حول مخاطر شرب المياه الملوثة.

يؤثر المرض بشكل غير متناسب على المجتمعات الريفية الفقيرة التي لا تصلها المياه النظيفة لذلك يعمل ضباط مكافحة دودة غينيا مع قادة المجتمع والمتطوعين، للبحث عن الحالات المشتبه فيها في كل بيت وتوزيع مرشحات المياه.

وقال فايس “علينا أن نتذكر أن هذا الطفيلي مصمم للبقاء على قيد الحياة. لقد وجد طريقة للحفاظ على نفسه بين سكان وصلوا إلى ما بعد نهاية الطريق”.

1.7

مليار شخص في أفقر بلدان العالم يعانون من الأمراض الطفيلية، التي تؤدي غالبا إلى إعاقتهم

كانت العدوى الحيوانية إحدى العقبات الرئيسية أمام التقدم في العقد الماضي.

قضت تشاد 10 سنوات دون الإبلاغ عن أي حالات إصابة بدودة غينيا قبل ظهور المرض فجأة في البشر عام 2010، وعلى ما يبدو نقل المرض عن طريق الكلاب التي تستهلك الأسماك النيئة ثم تصيب مصادر المياه.

شجع المتطوعون المدربون في إطار برنامج الاستئصال الوطني الناس على دفن الأسماك المرتجعة، بينما تُمنح المكافآت النقدية لأولئك الذين يبلغون عن حيوانات مصابة ويبعدونها عن مصادر المياه.

وفقًا لكساهو نديميسي، منسق البرنامج الإثيوبي لاستئصال داء التنينات، اكتشفت إثيوبيا الديدان في قرود البابون في عام 2013.

وقال عبر الهاتف “هذا يجعل مهمتنا للقضاء على هذا المرض صعبة، لأننا لا نعرف ديناميكية عدوى الحيوانات البرية”.

تحديات الأميال الأخيرة

الفرق المحلية تسعى إلى ضمان اتخاذ المجتمع المحلي الاحتياطات اللازمة
الفرق المحلية تسعى إلى ضمان اتخاذ المجتمع المحلي الاحتياطات اللازمة

أشار أوار أوجولو أبالا المنسق الميداني لمركز كارتر في منطقة غامبيلا إلى مشكلة أخرى، فالقرويون الفقراء يتعمدون نقل العدوى لأنفسهم للحصول على تعويض قدره 10 آلاف بر (240 دولارًا)، وهو يعتبر مبلغا كبيرا في واحدة من أكثر مناطق إثيوبيا حرمانًا.

تسعى الفرق المحلية الآن إلى ضمان اتخاذ المجتمع المحلي الاحتياطات، من استخدام المرشحات إلى استئجار حراس البرك وتوفير صهاريج المياه النظيفة.

يمكنهم أيضًا الاعتماد على القرويين للمساعدة في تثقيف المجتمع، مثل أوبانغ أودول أوكيلو، 25 عاما، الذي أصيب في أبريل من العام الماضي وكان يعاني من ألم شديد حتى تمت إزالة الدودة ببطء بعصا خشبية.

كان الأب لطفلين بالكاد قادرًا على المشي ولم يتمكن من زراعة الذرة أو منع قرود البابون البرية من أكل محاصيله، وهي تجربة مؤلمة ساعدته كمتطوع في برنامج الاستئصال.

يتقاضى أوبانغ 7.12 دولار (300 بر) مقابل الانتقال من منزل إلى آخر، لحث الناس على استخدام فلاتر المياه المصنوعة من القماش والأنابيب. وفسر ذلك قائلا “دائمًا ما أقضي الوقت لأظهر لهم ما حدث لي العام الماضي”.

وأضاف في اتصال هاتفي من منطقة غوغ في إثيوبيا “للقضاء على مرض دودة غينيا في الوقت الحالي، يجب أن تكون هناك مياه مأمونة”، مشيرا إلى أنه يمكن القضاء على المرض على الفور إذا تمكن الجميع من الحصول على مياه نظيفة.

وقال فايس من مركز كارتر “النهاية تلوح في الأفق. لكن علينا أيضًا أن نضع في اعتبارنا أن المزيد من البحث، والمزيد من الاستثمار في المجتمعات، تبقى أمورا مطلوبة للتغلب على بعض تحديات الميل الأخير”.

17