نُذر حرب ثانية في جنوب اليمن تهدد بنسف جهود السلام

تصعيد جديد بين "الشرعية" والمجلس الانتقالي الجنوبي إثر اندلاع مواجهات مسلحة بين الطرفين بالتزامن مع اعتقالات لشخصيات من الجانبين ما قد ينذر بحرب مفتوحة.
الخميس 2021/04/29
تصعيد غير مسبوق

اندلاع حرب جديدة في جنوب اليمن بين "الشرعية" والمجلس الانتقالي الجنوبي، سيكون أمرا مربكا لجهود إحلال السلام في البلد رغم الزخم الذي اكتسبته بانخراط الولايات المتّحدة فيها. فالجهود التي يقودها المبعوثان الأميركي والأممي تيم ليندركينغ ومارتن غريفيث تتجه بشكل كامل صوب الصراع بين "الشرعية" والحوثيين ولا تكاد تلتفت لنُذر الصراع الذي قد يتجدّد بين "الشرعية" والمجلس الانتقالي الجنوبي.

عدن- ينذر التوتّر المتصاعد في جنوب اليمن بين “الشرعية” والمجلس الانتقالي الجنوبي بمزيد من تعقيد المشهد اليمني، حيث أن اندلاع حرب ثانية في الجنوب إلى جانب الحرب الدائرة على أشدّها في محافظة مأرب بشمال البلاد بين القوات الحكومية والمتمرّدين الحوثيين، سيدخل جهود السلام الجاري العمل عليها بدفع أميركي وأممي في متاهة سيكون من الصعب الخروج منها في أمد منظور.

وبينما تشهد معركة مأرب تصعيدا غير مسبوق بسبب مضاعفة الحوثيين لجهودهم الحربية أملا في الاستيلاء سريعا على مركز المحافظة الاستراتيجية الغنية بالنفط، عاد التوتر مجددا بين “الشرعية” والمجلس الانتقالي الجنوبي إثر اندلاع مواجهات مسلحة بين الطرفين بالتزامن مع اعتقالات لشخصيات من الجانبين ما قد ينذر بحرب مفتوحة، تسقط مخرجات اتّفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية وتمكنّت من خلاله من فض الاشتباك الدامي الذي دار بين الطرفين في 2019.

ومنحت رغبة الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن في إنهاء الصراع اليمني لأسباب إنسانية، جهود السلام التي تعمل عليها الأمم المتّحدة زخما استثنائيا. لكنّ تلك الجهود تنصبّ جميعها على الصراع بين السلطة اليمنية المعترف بها دوليا والمتمرّدين الحوثيين، ما يعني أن اندلاع حرب أخرى في جنوب اليمن يقع بالكامل خارج حسابات القوى التي تحاول إطلاق مسار سلمي في البلد.

وجاءت التوتّرات المستجدّة بين “الشرعية” اليمنية والمجلس الانتقالي على الرغم من التوافق والهدوء الذي ساد بعد تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب نهاية العام الماضي، بناء على اتفاق الرياض.

ومطلع أبريل الجاري قتل شقيق قائد القوات الخاصة في أبين العقيد محمد العوبان كما أصيب ثلاثة جنود إثر مواجهات مع قوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي في المحافظة الواقعة شرقي العاصمة المؤقتة عدن. وجاءت هذه المواجهات بعد توقف الاشتباك بين الطرفين منذ أكثر من أربعة أشهر تنفيذا لإعلان الرياض.

لن يكون هناك أي استقرار ما لم يحسم أي طرف المعركة لمصلحته

وفي نوفمبر 2019 وُقّع اتفاق الرياض برعاية سعودية ودعم أممي بهدف حل الخلافات بين “الشرعية” بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وتمّ بموجب الاتفاق تشكيل حكومة المناصفة في ديسمبر الماضي لكنّ تعثّر تنفيذ الشقّ المتعلّق بالوضع العسكري والأمني في عدن والمناطق الأخرى التي شهدت مواجهات بين الطرفين مثل محافظة أبين.

ولا يزال المجلس الانتقالي مسيطرا أمنيا وعسكريا على عدن ومناطق جنوبية أخرى.

واستمرت المواجهات المتقطعة بين الجانبين في أبين في ظل اتّهامات من قبل المجلس الانتقالي لحزب الإصلاح الإخواني المنضوي ضمن الشرعية بالتصعيد وحشد قوّاته في المحافظة. وإضافة إلى المواجهات بين الطرفين تبادلت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي اتهامات متبادلة بشأن اعتقال شخصيات من الجانبين.

والثلاثاء الماضي قالت شرطة محافظة أبين إنّ مجموعة مسلحة في عدن يقودها فضل باعش القيادي الأمني في المجلس الانتقالي برتبة عميد اعتقلت الضابط في قوات الأمن الخاصة الخضر معرجي. وأضافت الشرطة في بيان أن “باعش نفذ اختطافات من دون أي مسوغ قانوني، وبصورة تنمّ عن الميليشاوية والعبث بلا أي رادع”.

وتم الاثنين نشر وثيقة موقعة من الرئيس عبدربه منصور هادي بتاريخ 19 مارس الماضي تنص على إقالة اللواء فضل باعش، قائد قوات الأمن الخاص بمحافظات عدن ولحج والضالع وأبين، من دون توضيح الأسباب. لكن المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن الثلاثاء الماضي رفضه للقرار متعهدا بمنع تنفيذه.

كما أعلنت القوات الحكومية أن قوات الحزام الأمني داهمت في محافظة لحج منزل العقيد نزيه العزيبي قائد عمليات لواء النقل العام في 7 مارس الماضي، وقامت باعتقاله وإخفائه قسرا.

وفي المقابل اتهم المجلس الانتقالي في 17 أبريل الجاري قوات “الشرعية” بتنفيذ عمليات اعتقال لعدد من عناصره والموالين له آخرها احتجاز الشاب عبدالمنعم شيخ شقيق عبدالرحمن شيخ عضو هيئة رئاسة المجلس.

وحول مستقبل الصراع في الجنوب اليمني يقول الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب “جراء الأهداف المتعارضة للأطراف المتصارعة.. لن يكون هناك أي استقرار ما لم يحسم أي طرف المعركة لمصلحته أو أن يكون هناك توافق وتنازلات واسعة لإحلال السلام”.

اندلاع حرب أخرى في جنوب اليمن يقع بالكامل خارج حسابات القوى التي تحاول إطلاق مسار سلمي في البلد

ورغم تفاؤل الكثير من اليمنيين بتشكيل الحكومة الجديدة، فإن حالة الثقة بين الشرعية والانتقالي لم يتم تثبيتها ما يؤدي إلى استمرار الاضطراب في الجنوب.

ويقول الكاتب السياسي يعقوب العتواني “من الواضح أن هناك شعورا مشتركا بالإجحاف بين طرفي اتفاق الرياض، فالمجلس الانتقالي يجد أن التراجع عن إعلان الإدارة الذاتية للمناطق الجنوبية كان تنازلا أكبر من أن تعوّضه المشاركة في الحكومة التي نتجت عن الاتفاق، فيما الحكومة تعتقد أن شراكتها مع الانتقالي يجب أن تمنح الوزراء على الأقل القدرة على المكوث في عدن وأداء مهامهم”.

ويوضح متحدّثا لوكالة الأناضول “هذا الشعور بالإجحاف تمت ترجمته إلى اشتباكات متقطعة طوال المدة الماضية وهو مرشح لأن يتطور إلى حرب مفتوحة”.

3