روما تقدم مغريات لسكانها للتنقل بالدراجات الهوائية

دفع الإغلاق المستمر في إيطاليا بسبب انتشار جائحة كورونا إلى دخول الدراجات الهوائية على الخط في شوارع روما المكسوة بالحصى والحفر، ممهدة وراكبيها لثورة تقود إلى تغيير صورة المشهد المروري في مدينة أهلها مهووسون بركوب الـ”فيسبا” والسيارات القديمة.
روما - لم تكن روما بهضابها السبع وحركة المرور المجنونة والطرق المرصوفة بالحصى، أبدا المدينة المثالية لراكبي الدراجات الهوائية، لكن مع جائحة فايروس كورونا، تغيرت الأمور.
وأعطت الشوارع التي أفرغها الفايروس فرصة لراكبي الدراجات للتنفس، حيث تم إحداث شبكة من الممرات للدراجات، إلى جانب تقديم الحكومة إعانات سخية لشراء الدراجات ساعدت أيضا في دفع هذا الازدهار.
وتعد فاليريا بيتش، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 36 عاما، من المتحولين نحو الاتجاه الجديد، إذ باعت سكوترها العام الماضي واشترت عوضا عنه دراجة إلكترونية مع مقطورة للأطفال.
وقالت بيتش “أشعر وكأنني طائر نادر.. ينظر الناس إلينا، وأطفالي مبتهجون، أصبحنا من المشاهير في الحي”.
ولا يزال الكثيرون في روما يرفضون فكرة الانطلاق على دراجة هوائية وسط حشد “فيسبا” الصاخب، ومجموعة سيارات فيات القديمة وغيرها من ملوك غابة المرور الرومانية.
ويتعين على راكبي الدراجات الهوائية في المدينة الأبدية أيضا أن يتجولوا في الشوارع المليئة بالحفر، التي تستعين بها لكثرتها هوندا وبيجو وأغلب مصنعي الدراجات النارية الآخرين لاختبار حدود تعليق طرازاتهم الجديدة.
اقتنعت بيكي بحقيقة أنها تستطيع القيام بالكثير من تنقلاتها بواسطة الدراجة، لاسيما أن مدرستها تقع بالقرب من ممر مناسب للدراجات، وبذلك تكون محمية من حركة المرور الخانقة، وهو امتياز محروم منه معظم سكان روما، على الأقل في الوقت الحالي.
الكثير من أهالي روما لا يزالون يرفضون فكرة الانطلاق على دراجة هوائية وسط شوارع المدينة
كما تبنت بيكي مخططا حكوميا يقدم ما يصل إلى 500 يورو (600 دولار) للأشخاص الذين يشترون دراجة جديدة أو مستعملة أو سكوتر كهربائي، والتي تلقت 119000 طلب في العام الماضي.
ووافقت الحكومة الإيطالية، العام الماضي، على تقديم دعم مادي للأشخاص الذين يشترون دراجة جديدة أو دراجة كهربائية أو يسجلون للحصول على خدمات مشاركة الدراجات.
ويهدف هذا الإجراء إلى دعم التحول للطاقة النظيفة في مرحلة ما بعد إجراءات الإغلاق في إيطاليا، حيث سوف يعود المواطنون تدريجيا للعمل، ولكن سيتم تقييد تنقلهم بوسائل النقل العامة.
وبسبب قواعد التباعد الاجتماعي المفروضة لاحتواء تفشي فايروس كورونا، من المقرر أن تحمل الحافلات والقطارات وعربات مترو الأنفاق عددا أقل من الركاب.
وأضافت بيكي “ثورة جارية وأنا جزء منها” صاحت وهي تقود دراجتها حول حديقة فيلا ليوباردي في منطقة نومينتانو الشمالية في صباح ربيعي مشمس ولكنه بارد.
وتابعت “لسنا الدنمارك، نحن بحاجة أيضا إلى ثورة في طريقة تفكيرنا، لكننا سنصل إلى هناك تدريجيا”.
ويعتقد البعض أن التقدم بطيء للغاية، فقبل خمس سنوات لم تشاهد أي دراجات في روما.
وأشار روبرتو سكاتشي، الرئيس الإقليمي لمنظمة ليجامبينتي المؤيدة للبيئة، “لم يستخدم أحد الدراجات باستثناء ركوبها أيام الآحاد في الحديقة”.
لكنه أضاف من طريق رئيسي بالقرب من محطة قطار تيرميني، حيث أضيف مؤخرا ممر للدراجات “لا أرى أي ثورة.. لا تزال دراجة واحدة لكل مئة سيارة”.
ووفقا لاتحاد راكبي الدراجات الأوروبي، الذي جمع البيانات حول العواصم الأوروبية من سنوات مختلفة، فإن 0.6 في المئة فقط من الرومان يتنقلون بانتظام بالدراجات الهوائية، مقابل 49 في المئة من سكان كوبنهاغن.
وأعلنت عمدة روما فيرجينيا رادجي، العام الماضي، عن إضافة 150 كيلومترا (90 ميلا) من ممرات الدراجات الجديدة، وهو ما ينضاف إلى الشبكة الحالية التي تبلغ حوالي 250 كيلومترا، ويقرّب المدينة من هدفها المثالي البالغ 500 كيلومتر.
إلا أن منظمة ليجامبينتي تشكو من أنه تم الانتهاء حتى الآن من حوالي 15 كيلومترا فقط، ومعظمها “مؤقت”، مما يعني وجود خط من الطلاء على جانب الطريق، مع عدم وجود حواجز لحماية راكبي الدراجات من السيارات.
ويتحول أحد ممرات الدراجات الرئيسية في شمال المدينة بشكل مفاجئ إلى أحجار مرصوفة عند النقاط – بدلا من استبداله بمدرج مخصص، فقد تم طلاؤه ببساطة.
وكشف جوليو ماسيلي، صاحب متجر دراجات في وسط روما، عن قفزة في المبيعات بنسبة 50 في المئة على الأقل العام الماضي، لكنه قال إن روما بحاجة ماسة إلى تحديث البنية التحتية لركوب الدراجات لمواكبة الطلب.
وتصر السلطات المحلية على أنها تعمل على ذلك.
وأكد ستيفانو برينشي، رئيس وكالة النقل بلبلدية روما موبيليتا، أن المدينة تعمل على تعزيز تحول “لا رجعة فيه” نحو التنقل الأكثر مراعاة للبيئة.
وأضاف “نحن بحاجة إلى تبديد الأسطورة القائلة بأن روما يجب اعتبارها مدينة غير صديقة للدراجات”، مشيرا إلى الخطة الكبرى لطريق دائري بطول 45 كيلومترا حول المدينة.
وسينضم ما يسمى بـ”جي.آر.أيه.بي” (الطريق الدائري العظيم للدراجات) من الكولوسيوم ومنطقة الفاتيكان ومنطقة الورك تراستيفيري إلى مناطق أقل شهرة في شرق روما، مثل تور بينياتارا، والحدائق الكبيرة في الشمال، مثل محمية أنيان الطبيعية.
ووفقا للناشطين، يتم تمويل المشروع بالكامل، والمصادقة عليه رسميا من قبل مدينة روما، ويمكن أن يكون جاهزا بحلول نهاية عام 2022.
وقال سكاتشي “سيكون أجمل مسار دراجات في العالم.. اليوم، للأسف، إنه أجمل مسار للدراجات، لكن في العالم الافتراضي”.