الانتخابات المبكرة حل للأزمة التونسية ترفضه النهضة

تونس - صعّد رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي مع الداعين لحل المجلس النيابي بسبب الأحداث المتواترة التي يشهدها والتي تعطل أشغاله، حيث وصف الغنوشي تلك الدعوات بـ”الدكتاتورية”.
وأثار رفض الغنوشي الذي يرأس أيضًا حركة النهضة حل البرلمان والذهاب في انتخابات مبكرة تُنهي الأزمة المتفاقمة التي تعرفها تونس الكثير من التساؤلات.
ويُرجع متابعون ذلك الرفض إلى مخاوف الغنوشي وحزبه من صعود الحزب الدستوري الحر المعارض الذي يناهض حركة النهضة، وبات يتصدر نوايا التصويت في استطلاعات الرأي بفارق كبير مع الحركة الإسلامية، إلى الحكم.
ويضيف هؤلاء أن الذهاب في انتخابات مبكرة وحل البرلمان سيفرز بالضرورة وضع حد لنظام الحكم الحالي الذي تعارضه العديد من القوى والأطراف السياسية في تونس وفي مقدمتها الرئيس قيس سعيد، وتتشبث به حركة النهضة الإسلامية.

زهير حمدي: النهضة ضد حل البرلمان لأنه ليس من مصلحتها تغيير نظام الحكم
واستنكر الغنوشي الدعوات لحل البرلمان قائلا خلال ندوة سياسية نظمها منتدى الحركة الوطنية لشباب حركة النهضة بمناسبة الذّكرى 65 للاستقلال التونسي إنه “لا سبيل اليوم لحل البرلمان مهما كانت الأسباب”.
وجاءت تصريحات الغنوشي في أعقاب تظاهر العشرات من أنصار الرئيس قيس سعيد السبت في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة تونس للمطالبة بحل البرلمان واستقالة حكومة هشام المشيشي.
وتطالب العديد من القوى السياسية بتعديل النظام الانتخابي والسياسي والذهاب إلى انتخابات مبكرة تُفرز وضعا سياسيا مستقرا، حيث ترى تلك القوى أن نظام الحكم الحالي فشل لكن حركة النهضة ورئيسها يتمسكان به لأسباب يرى مراقبون أنها تتعلق بتمسك الحزب بنظام الحكم الحالي والتوجس من هزيمة في الاستحقاق المقبل.
واعتبر الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي أن النهضة متخوفة من تغيير النظام السياسي قائلا لـ”العرب”، إن “الحركة ليس من مصلحتها لا تغيير نظام الحكم ولا القانون الانتخابي لذلك هي تعارض حل البرلمان والذهاب في انتخابات مبكرة”.
وتابع حمدي أن “النهضة كذلك مستعدة للقيام بكل شيء من أجل منع الذهاب في انتخابات قد تخرجها من الحكم لأنها تخشى محاسبة الشعب لها”، مستدركا “لكن الأمر لا يعنيها هي فقط والتمسك بالشرعية والمشروعية لا أهمية له لأن هناك من الآليات ما يسمح بحل البرلمان على غرار استقالة الحكومة الحالية أو استقالة 73 نائبا برلمانيا وهذا ممكن ووقتها يصبح بإمكان الرئيس سعيد حل البرلمان مباشرة، ونحن نقترح أن تسلم الأمور إلى حكومة انتقالية في مرحلة سنة أو سنة ونصف يقع فيها تغيير نظام الحكم والقانون الانتخابي وغيره تمهيدا لإجراء الانتخابات”.
والدعوات إلى حل البرلمان في تونس ليست وليدة اللحظة حيث دعت قوى سياسية في وقت سابق الرئيس إلى القيام بذلك استنادا على الفصل 80 من دستور البلاد الذي يتيح إعلان “حالة الاستثناء” لكن قيس سعيد لم يقدم على ذلك رغم احتدام أزمة المجلس النيابي.
وصرح النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي أمس الأثنين أن الأجواء داخل المجلس النيابي ”متعفّنة”، محمّلا المسؤولية في ذلك إلى الجميع وذلك بعد أن تظاهر المئات في العاصمة التونسية لدعوة الرئيس سعيد لحل البرلمان.
ويرى متابعون أن استماتة حركة النهضة في الدفاع عن البرلمان الحالي المنبثق عن انتخابات 2019 رغم الأحداث التي عرفها منذ تركيزه يعود إلى توجس الحزب من هزيمة في الاستحقاق المقبل في ظل تراجع شعبيته.

خليل الرقيق: النهضة تخشى صعود الدستوري الحر للحكم في أي استحقاق مبكر
وتظهر جل استطلاعات الرأي تراجع حركة النهضة أمام الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي.
وأظهر استطلاع للرأي تم الإعلان عن نتائجه في الحادي عشر من الشهر الجاري تصدر الدستوري الحر لنوايا التصويت بـ43.6 في المئة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بينما حلت النهضة التي عاشت اضطرابات داخلية في الأشهر الماضية بسبب تمسك الغنوشي بالتمديد له على رأس الحزب ثانية بـ18.4 في المئة من المستجوبين.
وينظم الحزب تجمعات حاشدة منذ فترة في محاولات لتكريس المزيد من الضغوط على حركة النهضة التي يعتبرها خصمه الأول.
ورأى المحلل السياسي خليل الرقيق أن معارضة الغنوشي لحل البرلمان هو دفاع عن حزبه، موضحا أن “النهضة لديها خشية حقيقية من صعود الدستوري الحر للحكم في أي استحقاق مبكر لذلك هي تعارض حل البرلمان وهو ما يعبر عنه الغنوشي، عندما ترى النهضة نفسها على بعد 22 نقطة على الدستوري الحر في استطلاعات الرأي وتتابع الاجتماعات الحاشدة لهذا الحزب تدرك أنها لن تنجح لذلك هي تلجأ اليوم إلى الدفع نحو شخصنة المشاكل والدفع نحو حدوث مناوشات مع عبير موسي فقط”.
واستنتج الرقيق في تصريح لـ”العرب” أن “مطلب حل البرلمان بدأت تقتنع به كتل وازنة في البرلمان، وهو لم يعد مطلب الشارع فحسب بمعنى أن النظر إلى انتخابات جديدة كمخرج للأزمة الحالية جدي ولكن الغنوشي يعارضه لأنه يدافع بذلك عن نظام سياسي خلقته جماعته السياسية. وغريب جدا أن يتحدث الغنوشي عن استحالة حل البرلمان في الوقت الذي يوجد فيه آليات دستورية، الأزمة التي تعيشها تونس تستوجب تغييرا سياسيا فوريا”.