"أعمال مبعثرة" معرض فني معاصر يقيم حوارا بين الهويات الثقافية

الشارقة- افتتحت مؤسسة الشارقة للفنون ضمن برنامجها لربيع 2020 معرض “أعمال مبعثرة”، الذي يستمر حتى الخامس عشر من يونيو المقبل، في مبنى الطبق الطائر بالشارقة.
ويضم المعرض مجموعة من الأعمال الفنية المعاصرة من مقتنيات المؤسسة، وهو من تقييم عمر خليف مدير المقتنيات وقيم أول في مؤسسة الشارقة للفنون، ويهدف إلى خلق حوارات متأتية من تجارب شخصية محفزّة للتفكير عبر أعمال فنية تتموضع وفق الشكل الدائري لجدران مبنى الطبق الطائر، كما يُقدَّمُ خلال فترة إقامة المعرض برنامج أفلام يقارب ثيمة المعرض وموضوعه الرئيسي.
وتشمل قائمة الأعمال مجموعة من مقتنيات المؤسسة سواء الجديدة منها أو تلك التي يندر عرضها، وتكشف عن أساليب فنية تشجّع المُشاهد على التفكير بماهية الخيال الإبداعي ومكوناته، حيث تعود العديد من الأعمال المعروضة إلى شخصيات نشأ نزاع حول أعمالها، جراء أصلها أو مصدرها على سبيل المثال، أو أعمال لفنانين تقمّصوا عدة هويات وشخصيات، أو فنانين سعوا لإعادة صياغة تاريخ الفن الكولونيالي عبر إضفاء تعددية شائكة من أقوام وثقافات بقيت مغيبة لفترة طويلة من الزمن.
ويستمد المعرض عنوانه من عمل يحمل الاسم نفسه للفنان المفاهيمي الألماني الراحل لوثار بومغارتن (1944-2018)، اقتنته المؤسسة حديثا، ويتكوّن من إسقاط ضوئي دائري لشريحة واحدة تكشف مميزات مختبئة خلف المعالم التي تقوم عليها مقتنيات المتحف الغربي.
وأنجز بومغارتن عمله المفاهيمي في العام 1969 مستخدما 81 صورة من متحف بيت ريفرز في أوكسفورد لتسليط الضوء على الطريقة التي تقوم فيها المتاحف الأوروبية والغربية بعرض “كنوزها” الإثنولوجية والأنثروبولوجية، وهو أول أعمال الفنان الألماني الذي لعب فيه على وتر مجاورة الصورة مع النص.
واستطاع بومغارتن خلال مسيرته الفنية التي امتدت زهاء نصف قرن من اكتساب مكانة واسعة جراء سطوة أعماله وحضورها الكبير، والتي ركّزت على الأجناس البشرية وعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا)، مستخدما طيفا واسعا من الوسائط في مساءلة أهم الأفكار والنظم الجوهرية في التمثيل الفني، كالمنحوتات والفوتوغراف وعروض الشرائح والأفلام 16 مم والتسجيلات الصوتية واللوحات والمطبوعات والكتب والقصص القصيرة، بالإضافة إلى الأعمال ذات الموقع المحدّد والجداريات والأعمال المرتبطة بالعمارة.
والفنان الألماني الراحل حاصل على جائزة “أم.أف.آي”، كونست أند باو إيسن، ألمانيا (2003)؛ وجائزة ليختوارك، هامبورغ (1997)؛ الأسد الذهبي، الجائزة الأولى في بينالي فينسيا، إيطاليا (1984)؛ جائزة ولاية شمال الراين-وستفاليا (1976)؛ وجائزة مدينة دوسلدورف، ألمانيا (1974).
ويُعرض إلى جانب عمل بومغارتن مقتنيات مهمة لكل من: يوكسل أرسلان، وداوود باي، وهوما بهابها، وهوغيت كالان، ومنى حاطوم، وتالا مدني، وليونيل ويندت، ولينيت يادوم بواكي، ولبينا حميد وآخرين.
والفنانة الأفريقية لبينا حميد تطرح عبر رسوماتها وأعمالها التشخيصية والتركيبية مسائل الهوية، من خلال الاحتفاء بالإبداع “الأسود” والتمثيل السياسي.
وهي في ذلك تتحدّى ممارستها كفنانة وقيّمة روايات مؤسسية، تجاوزت وأزالت بشكل منهجي تراث العبودية والمساهمات التأسيسية للمجتمع الذي صنعه الأفارقة في الشتات.
وتوسّعت مقتنيات مؤسسة الشارقة للفنون من خلال الاقتناء والتكليفات انطلاقا من بينالي الشارقة ومعارضها السنوية، ونمت منذ ذلك الوقت لتصبح من أبرز المقتنيات في منطقة الشرق الأوسط، وتهدف هذه المقتنيات إلى إثراء تجربة الجمهور من خلال المعارض المتكرّرة لأهم أعمال الفن الحديث والمعاصر على الصعيدين المحلي والدولي.
وتتراوح المقتنيات التي تتجاوز 1300 عمل فني بين جميع الحركات الفنية من عشرينات القرن الماضي إلى الوقت الراهن ضمن مجموعة دائمة التوسع من الأنماط والثقافات البصرية، لتعكس تاريخ إمارة الشارقة كطريق تجاري إقليمي رئيسي، وتجسّد حلقة الوصل التي تربط الثقافات المختلفة من خلال الفن الحديث والمعاصر، وتحفّز على إعادة كتابة تاريخ الفن، ووضعه ضمن سياق جنوبي/ جنوبي وشرقي/ شرقي، مع تقديم وجهة نظر بديلة تنتقل بمحاور هذا التاريخ إلى فصل جامع بين مختلف الثقافات والأجيال.
وتستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفا واسعا من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة والإمارات العربية المتحدة والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرّد، وفتح أبواب الحوار مع الهويّات الثقافية والحضارية كافة، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدّديتها الثقافية.
وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل “بينالي الشارقة” و“لقاء مارس”، وبرنامج “الفنان المقيم”، و“البرنامج التعليمي” و“برنامج الإنتاج” والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.