اللاجئون السوريون في الأردن يعيشون محنة لا تؤشر على العودة إلى الديار

1.39 مليون سوري في الأردن، نصفهم مسجلون بصفة "لاجئ" لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
الثلاثاء 2021/03/16
المعاناة متواصلة

المفرق (الأردن) – تتربع الأزمة السورية على رأس قائمة طويلة من الأزمات حول العالم، بعد أن خلفت الحرب الآلاف من القتلى والجرحى، وتركت وراءها الملايين من النازحين واللاجئين انتشروا في العديد من بلدان الشرق الأوسط وأوروبا.

ومنذ بداية الأزمة، التي دخلت عامها الحادي عشر الاثنين، مثقلة بالكثير من الأزمات السياسية والانتكاسات العسكرية، كانت قضية اللاجئين والنازحين موضوعا شد الاهتمام بالنسبة لمنظمات إنسانية دولية ودول معنية بالصراع السوري، وخاصة دول الجوار مثل الأردن ولبنان والعراق وتركيا.

وتمضي الأعوام، وما زال اللاجئون السوريون بالأردن، الذي يعتبر من أكثر الدول استقبالا للاجئين السوريين الهاربين من الحرب، ينتظرون زوال غمامة سوداء من الظلم والظلام، تغطي سماء حريتهم، وتنهي عمر حكم نظام بشار الأسد، لكن حتى الآن غاياتهم لم تتحقق.

وفي حين تحذّر منظمات دولية وباحثون يواكبون قضية اللجوء، التي تعتبر الأقسى منذ الحرب العالمية الثانية، من تداعيات التضييق على السوريين خصوصا في لبنان وتركيا، لا يشهد الأردن حملات منظمة، لكن الخطاب السياسي لا يختلف عمّا هو عليه في البلدين الآخرين لناحية تحميل اللاجئين مسؤولية الجمود الاقتصادي وتراجع فرص العمل، لاسيما مع اشتداد الأزمة بسبب جائحة كورونا.

ويوجد في الأردن نحو 1.39 مليون سوري قرابة نصفهم مسجلون بصفة “لاجئ” في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن 750 ألفا منهم يقيمون في البلاد قبل عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية، قبل افتتاح مخيم الزعتري للاجئين السوريين بشكل رسمي في يوليو 2012، الذي بات ينظم وجودهم داخل المخيمات وليس في المدن أو القرى الأردنية.

Thumbnail

وعلى سبيل المثال، تقاسم المواطنون الأردنيون في مدينة الرمثا على الحدود الشمالية المحاذية لمحافظة درعا السورية منازلهم، واستضافوا السوريين بحكم صلات القرابة والدم التي تجمع بين العائلات التي تعيش في المدينتين.

ويشكل هذا العدد الكبير من السوريين في الأردن ضغطا كبيرا على البلد، الذي يعاني من شح الموارد، خاصة في ما يتعلق بالمياه والطاقة. وقد انتقدت عمّان في الكثير من المرات تخاذل المجتمع الدولي في الإيفاء بتعهداته تجاه أزمة اللاجئين، إلا أنه لم يجد التجاوب المأمول.

وفضلا عمّا يثيره هذا العدد الضخم من الفارين من النزاع السوري على الدورة الاقتصادية للأردن، إلا أن ثمة عنصرا إضافيا لا يقل خطورة وهو التهديد الأمني، حيث كانت السلطات تخشى من تحول مخيمات اللجوء إلى بؤرة للاستقطاب، خاصة وأنها واجهت أخطار تمدد تنظيم داعش المتطرف حينما كان يستولي على أجزاء واسعة من العراق وسوريا.

ورغم بساطة الكلام واستخدام أسهل المفردات والتعابير، يؤكد أحد اللاجئين السوريين في الأردن ويدعى محمد الحريري للأناضول قائلا “لقد تكالبت علينا الدول الكبرى، وهي لا تأبه لقتل وسفك دماء السوريين، فكل ما تريده هو خيرات بلادنا، دون أدنى نظر لما حل بنا”.

وأضاف “كل عام ننتظر يوما يعلن فيه انتهاء ما يجري، إلا أننا نتفاجأ بسرعة مرور الأيام دون تحقيق أي شيء، وأصبحنا نعد الأعوام على انطلاقة ثورة أفشلها الظلم والطغيان”.

ولم يكن حديث خالد العودة يختلف كثيرا عما قاله الحريري، فقد بدأ حديثه بالتساؤل “أي ثورة؟ سرقوها”، متهما الدول والمعارضة السورية المدعومة من تركيا بالمتاجرة بهم على حساب طموحاتهم. وقال “أضاعوا علينا كل أمل. يجلسون بأرقى الفنادق ويأكلون ما لذ وطاب ويفاوضون باسمنا دون وجه حق، فمصالحهم تسمو على كل شيء”.

ومنذ منتصف مارس 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من خمسة عقود من حكم أسرة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها التداول السلمي على السلطة.

ولكن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ودفع البلاد إلى دوامة من العنف، جسّدتها معارك دموية بين قوات النظام والمعارضة لا تزال مستمرة حتى اليوم، وسقط خلالها الآلاف من القتلى.

ووفق حصيلة رسمية أعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد الماضي، فإن أكثر من 388 ألف سوري راحوا ضحية النزاع الدامي.

Thumbnail

ويعيش السبعيني أبوخالد مع أسرته الممتدة، من أبناء وبنات وأحفاد في الأردن منذ سنوات، مستذكرا وإياهم أياما لن تعود، فقد ألغت حرب بلادهم الطاحنة مفاهيم الفرح من قاموس حياتهم. ويقول “نحن نعلم أنهم لا يريدون لشلال الدماء أن يتوقف في سوريا، فهذا يسهل عليهم أمورا كثيرة”.

وأشار إلى أن “الكل يعلم بأن دولا كثيرة تحاول أن تعمق الأزمة، وتدفع باتجاه ذلك، بل إن بعضهم يمارسون ضغوطا كبيرة على المقاتلين الأحرار، وإن الكثير من الدول كانت تتغنى بما قام به ثوار سوريا الشرفاء، واعتبرت ما قاموا به أرقى أنواع التصرفات، مطالبات سلمية بلا تخريب ولا دماء”.

ورغم أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تسعى باستمرار للعمل على تقديم الخدمات اللازمة للسوريين داخل الأردن، لكن من الواضح أن العبء يزداد ثقلا عليها بسبب تقلص الدعم الدولي في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم.

ويقول المتحدث باسم المفوضية في الأردن محمد الحواري “نتمنى أن تحل الأزمة في سوريا خصوصا وقد أتمت عامها العاشر، ليعود كل أولئك اللاجئين إلى وطنهم وينعموا بحياة كريمة وآمنة، بعيدا عن أي مخاطر قد تطال حياتهم”.

وأكد على أن هناك دعما دوليا وإن كان خجولا في بعض الأحيان للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فالكل يعلم اليوم بأن ما يجري في سوريا أزمة رئيسية على مستوى العالم.

6