الجيش الأميركي أمام تحدي مكافحة التطرف في صفوفه

تحقيقات الأجهزة الأمنية المتعددة في هوية المعتدين على الكونغرس أبرزت تورط العديد من البيض وممن خدموا في القوات المسلحة الأميركية أو ما زالوا منتسبين إليها، وهذا ما أثار مخاوف القيادات العسكرية والأمنية في الولايات المتحدة.
واشنطن - بدأت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نقاشات داخلية تستهدف وضع خطط لمكافحة التطرف في صفوف العسكريين، بعد شهرين من مشاركة جنود وعسكريين سابقين في الهجوم على مبنى الكابيتول من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وتعمل وزارة العدل على محاسبة هؤلاء الأفراد، وقد يواجه العاملون في الخدمة العسكرية محاكمة عسكرية، لكن من ناحية أخرى يتعين على الجيش أيضا التصدي للقضية الأساسية والقيام بالمزيد لفهم التطرف في الخدمة ومعالجته.
وأمر وزير الدفاع الجديد لويد أوستن، أول أميركي أسود يتولى هذا المنصب، جميع الوحدات بإجراء يوم نقاشات حول التطرف.
وقال أوستن في تسجيل مصور مخصص لأيام المناقشات “يقلقني أن شخصا يرتدي زي جندي أو بحار أو طيار أو مشاة البحرية أو الحرس الوطني أو خفر السواحل يمكن أن يتبنى هذا النوع من الأمور”. وأضاف “لكنها موجودة والبعض لا يزال يفعلها الآن”.
وفي بلد يكرس فيه الدستور حرية التعبير، تم إرسال تعليمات إلى جميع قادة الوحدات حول كيفية إجراء المناقشات من دون التعدي على الحقوق المدنية لـ1.3 مليون عسكري أميركي.
وإذا أثار جندي هذه القضية أثناء المناقشات، على رؤسائه تذكيره بأن لديه إمكانية الوصول إلى معلومات وأسلحة حساسة، وبالتالي تحتفظ الحكومة بالحق في تقييم حكمه والقدرة على الوثوق به. وقالت الوثيقة التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية “في حال الشك، يتم تغليب الأمن القومي”.
وأوصى أوستن قادة الوحدات أيضا بإعادة تلاوة اليمين من قبل كل جندي عند دخوله الجيش. ويعد كل جندي خصوصا “بدعم الدستور والدفاع عنه ضد كل الأعداء، الخارجيين والداخليين”.
ويشعر بعض الجنود بالقلق من توجيه أصابع الاتهام إلى مهنتهم بينما ينتشر التطرف في المجتمع ككل. لكن محطة “سي.أن.أن” ذكرت أن 21 من أول 150 مثيرين للشغب أوقفوا منذ الهجوم على الكابيتول، هم عسكريون أو عسكريون سابقون، وهي نسبة أكبر بكثير من حجم تمثيلهم بين السكان.

هيذر ويليامز: الجيش لا يمكنه القضاء بشكل كامل على بلاء يتكاثر
وينتمي العديد منهم إلى حركة “حراس القسم” (أوث كيبرز) التي اتُهم قادتها بالتآمر في هجوم السادس من يناير.
ويرى الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات المنتشرة في أفغانستان أو العراق أو حتى في سوريا، أن هذا الأمر يفسر بأن الجنود الذين خاضوا حروبا يشعرون أحيانا بأنهم متفوقون على بقية السكان.
وقال ماكنزي “عندما تخدم في المعارك وعندما يحاول الناس قتلك، من السهل أن تشعر بأنك متفوق بطبيعة الحال على الآخرين”. وأضاف “لكن في الواقع نحن جميعا مواطنون عاديون”.
ولم يحاول الجيش يوما تحديد حجم التطرف داخل القوات المسلحة، وتم تجاهله لأكثر من عشر سنوات في تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف.بي.آي) ووزارة الأمن الداخلي حول اختراق قوات الأمن من قبل مؤمنين بنظرية تفوق البيض.
ويشير المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إلى أن “التطرف مشكلة متنامية في صفوف الجيش”. وأضاف “ما هو حجمه، لا نعرف (…) لكن الأرقام بلا شك أعلى مما نعتقد”.
ويروي ضابط كبير أن نجله الذي كان مترددا في اختبار واحدة من أكاديميتين عسكريتين لتعليمه العالي، زار إحداهما لتكوين فكرة عن الأجواء. وقد فتح الطالب الذي رافقه لزيارة المكان خزانة ملابسه ليريه ما قال إنه “كنزه” وكان بزة نازية.
واختار الشاب أكاديمية أخرى وأبلغ والده الإدارة عن الطالب المعجب بالنازية. ويرى الجنرال ماكنزي أن كل هذا يدل على أن الجيش يعاني من “مشكلة قيادة”. وقال إن “القائد الذي يقول لا توجد مشكلة هو القائد الذي لا يعرف ما يجري في وحدته”. وأضاف “عندما يكون هناك قادة سيئون، يجب تغييرهم”.
وتحظر السياسات على مستوى وزارة الدفاع والخدمة في الجيش والبحرية والقوات الجوية ومشاة البحرية بالفعل أي نشاط متطرف. ويتعارض التطرف في جوهره مع النظام الجيد والانضباط للوحدات العسكرية “يجب بطبيعة الحال أن يعارض القادة العسكريون الفاعلون الأفراد الذين يسعون إلى إخضاع فئات من الناس، وعدم احترام سيادة القانون، واعتناق الكراهية، وعزل أنفسهم عن مجتمعاتهم. لكن وضع السياسات وتطبيقها أمران مختلفان”.
وتقول الباحثة في مؤسسة راند غير الحكومية هيذر ويليامز “علينا أن ندرك أن الجيش لا يمكنه القضاء بشكل كامل على بلاء يتكاثر ويتوسع من حوله. يعاني الجيش من مشكلة تطرف متنامية لأن أميركا تعاني منها. أعضاء الخدمة الذين يتبنون التطرف العنيف هم قليلون لحسن الحظ، لكن المواطنين الأميركيين المنخرطين في ذلك كثيرون جدا للأسف، ونحن كأمة نحن بحاجة للتعامل مع كليهما”.