الموز سلاح الجزائر في معركة العجز التجاري

مطالب بضرورة الاعتماد على الزراعة من أجل تنويع الصادرات.
الجمعة 2021/02/12
أشجار مثمرة تنعش الزراعة

تقدم صادرات الموز الجزائرية للحكومة فرصة لالتقاط الأنفاس وتخفيف العجز التجاري الكبير بسبب انهيار عوائد النفط التي تمثل أكثر من نصف صادرات البلد، في وقت تتزايد فيه مطالب الأوساط الاقتصادية بالاعتماد على الزراعة لتنويع الصادرات.

الجزائر – في ظل تناقص إيرادات الطاقة وتزايد تكلفة الاستيراد، تلجأ حكومة الجزائر إلى المزارعين مثل مصطفى مزوزي للمساعدة في تقليص عجزها التجاري، فكان أن أقرضته هكتارا من الأرض بشرط زراعته موزا.

وشيد مزوزي، الذي يملك مزرعة بندورة (طماطم)، صوبا زراعية وجنى بالفعل محصولا من الموز على الأرض الجديدة قرب ساحل المتوسط.

عبد الحميد الحمداني : علينا تحديث القطاع الزراعي وتوفير التسهيلات للمزارعين
عبد الحميد الحمداني: علينا تحديث القطاع الزراعي وتوفير التسهيلات للمزارعين

وهو يقول إن المشروع “مربح للغاية”، وهو ما يرضي أيضا الحكومة التي تستفيد من المزروعات المحلية المبكرة لمحصول تكلف استيراده 35 مليون دولار في الربع الأول من 2019.

ويقول مزوزي إن الموز “يدر عليه ربحا أكبر من المحاصيل الأخرى لأن الفاكهة المستوردة أعلى ثمنا”. وهو يخطط لإقامة جمعية لمنتجي الموز ويريد من الحكومة أن تتوسع في زراعته على الساحل.

وقال من داخل مزرعته للموز غربي الجزائر العاصمة “زراعة الموز ستساعد الجزائر على كسب الوظائف والثروة.. نتطلع إلى دعم الاستثمار”.

وفي ضوء إخفاق الجزائر عضو أوبك في تطوير قطاعاتها غير المرتبطة بصناعة الطاقة قبل أن تهبط أسعار النفط، فإن الحاجة إلى دفع الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة صوب إنتاج السلع المستوردة من الخارج تصبح أشد إلحاحا من أي وقت مضى.

وبلغ إجمالي واردات الغذاء، التي تشكل نحو 20 في المئة من مشتريات الجزائر من الخارج، 8.07 مليار دولار في 2019، وتوفر الحكومة للمزارعين قروضا بأسعار فائدة منخفضة لزراعة محاصيل أخرى أيضا.

وأعلن وزير الزراعة عبدالحميد حمداني هذا الأسبوع خططا لخفض تلك الفاتورة السنوية بما لا يقل عن 2.5 مليار دولار من خلال زيادة الإنتاج المحلي وترشيد الإنفاق على الواردات.

وقال للبرلمان “من الضروري تحديث القطاع الزراعي وتوفير جميع التسهيلات للمزارعين”.

وانخفض إجمالي الواردات 18 في المئة في 2020 إلى 34.4 مليار دولار، إذ أثرت جائحة فايروس كورونا على التجارة العالمية، لكن العجز ظل كبيرا بسبب تراجع دخل التصدير 33 في المئة إلى 23.8 مليار.

وكان السبب الرئيسي وراء ذلك تراجع أسعار النفط الخام والغاز اللذين يسهمان بنسبة 94 في المئة من إجمالي إيرادات التصدير و60 في المئة من ميزانية الدولة.

وقال مصطفى جبان رئيس لجنة الفلاحة بمجلس الأمة “على الحكومة خفض الاعتماد على المحروقات والتوجه إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الزراعة لتكون بلادنا في منأى من الهزات المالية للأزمات النفطية”.

ويعتقد مزوزي أنه في حالة وفاء الحكومة بجميع تعهداتها للمزارعين، فإن القطاع قد يدعم في النهاية كفتي ميزان التجارة كلتيهما عن طريق تغطية الاستهلاك المحلي أولا ثم تصدير فائض الإنتاج إلى الخارج. وقال “بالنسبة إلى الموز، أهدافنا هي زيادة المساحات المنزرعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل الاتجاه للتصدير”.

Thumbnail

ولم تكن أزمة عجز الميزان التجاري وليدة أزمة كورونا، حيث تم ناقوس الخطر خلال العام 2019 بعدما تضاعف خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك لأول مرة منذ سنوات.

ويعاني الاقتصاد الجزائري من أزمة هيكلية مزمنة بسبب ارتباطه الكبير بالصناعة النفطية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد منذ عقود رغم جهود الحكومات المتعاقبة لتجاوز الوضع والتحول إلى اقتصاد متنوع.

وبدأت الجزائر تسجل تراجعا في ميزانها التجاري قبل سنوات بسبب الانهيار الكبير الذي شهدته أسعار النفط في الأسواق الدولية، ما أدى إلى انخفاض عائدات البلاد إلى النصف تقريبا.

وتراجعت العائدات النفطية إلى 27 مليار دولار في 2016 قبل أن ترتفع إلى 33 مليار دولار في 2019، بعد أن كانت تحقق نحو 60 إلى 70 مليار دولار سنويا.

وأدى اضطراب العائدات النفطية إلى عجز سنوي مستمر في الموازنة العامة مما تسبب في فقدان ما بين 25 و30 مليار دولار سنويا من احتياطات البلاد من العملة الصعبة.

وانخفضت الاحتياطات النقدية من 197 مليار دولار إلى أقل من 70 مليار دولار مطلع هذا العام. وتخشى السلطات من نضوب احتياطي الصرف الذي يغطي عجز الموازنة السنوية منذ عام 2014.

وهناك محاولات مضنية للحفاظ على التوازنات المالية عبر الإبقاء على مستوى معين من الإنفاق بحيث رصدت موازنة العام المقبل بما يفوق 118 مليار دولار. ويبلغ إنتاج البلد العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) حوالي 1.2 مليون برميل من النفط يوميا و130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.

10