التجاوزات الحقوقية في تركيا حجر عثرة أمام علاقة بايدن وأردوغان

أنقرة - رفضت تركيا الدعوات الأميركية إلى الإفراج عن رجل الأعمال والناشط البارز عثمان كافالا، ووصفت الأمر بأنه يتناقض مع "مبدأ سيادة القانون" في البلاد، في خطوة تفتح باب التوترات مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن.
وشددت وزارة الخارجية التركية على أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تحترم الإجراءات القانونية التي تتخذها المحاكم التركية ضد كافالا، مضيفة أنه لا "يمكن لأي دولة أو شخص إصدار أوامر للمحاكم التركية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي إنه "لا يمكن لأي دولة أو شخص توجيه أوامر لمحاكمنا".
ووصفت الوزارة التركية موقف واشنطن بأنه "غير متناسق"، مشيرة إلى رفضها تسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتحريض على محاولة الانقلاب في يوليو 2016، والمقيم في الولايات المتحدة.
وأضاف أقصوي أن الولايات المتحدة تقوم بذلك بغية إيجاد تبرير لعدم إعادة غولن، ومن ثم محاولتها التدخل في عملية محاكمة مستمرة بتركيا، وهذا تصرف بعيد عن المبادئ وغير متزن.
ويقول مراقبون إن إدارة بايدن بدأت حملة الضغط على أنقرة في ما يتعلق بملف الحريات العامة في البلاد قبل أن تتخذ توجها أكثر تشددا، خاصة وأن الرئيس الأميركي الجديد كان له موقف حاد من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إذ دعا بايدن بلاده في تصريحات سبتمبر الماضي إلى دعم المعارضة التركية للإطاحة بأردوغان الذي وصفه بـ"المستبد".
وخلال مقابلة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر 2019، وصف بايدن أردوغان بأنه استبدادي، وعبّر عن دعمه للناخبين الأكراد الذين تستهدفهم حكومة حزب العدالة والتنمية، وقال إنه يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ نهجا أكثر تشدّدا تجاه أردوغان من خلال دعم قادة أحزاب المعارضة.
وكانت واشنطن حثت أنقرة على "الإفراج الفوري" عن كافالا استجابة لقرار للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقالت الولايات المتحدة إن الاتهامات "المخادعة" ضد كافالا المعتقل لدوافع "مضللة" على خلفية الانقلاب الفاشل عام 2016 والتظاهرات المناهضة للحكومة في عام 2013 واحتجازه لفترة طويلة، "تقوض احترام سيادة القانون والديمقراطية".
وتحول كافالا إلى رمز لضحايا القمع الموجه ضد المجتمع المدني التركي، خاصة منذ الانقلاب الفاشل في صيف 2016، الذي أعقبته موجة اعتقالات واسعة.
ويقول منتقدون إن استقلال القضاء التركي عن السياسة يقوض بشدة في السنوات الأخيرة، في حين يقول أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه إن القضاء يتخذ قراراته بشكل مستقل.
وطالبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا في ديسمبر 2019 بالإفراج عن كافالا، وأكدت أن استمرار احتجازه يهدف إلى إسكاته. ورفضت المحاكم التركية الالتزام بقرار المحكمة، رغم أنه ملزم لتركيا من الناحية الفنية كونها عضوا في مجلس أوروبا.
ورفضت محكمة تركية طلبا لإطلاق سراح كافالا، بعد احتجازه لأكثر من ثلاث سنوات، ومن المقرر أن يمثل للمحاكمة في 21 مايو في اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم والتجسس.
وعثمان كافالا، أحد رموز المجتمع المدني في تركيا، وهو مسجون منذ أكتوبر 2017، ويواجه عقوبة السجن مدى الحياة في إطار محاكمة بتهمة "محاولة قلب الحكومة" تشير إلى الاشتباه بضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان في يوليو 2016 وبتهمة "التجسس السياسي".
وبُرئ كافالا قبل عام من تهم تتعلق باحتجاجات مناهضة للحكومة في 2013، لكن أُعيد القبض عليه على الفور بتهم تتعلق بالانقلاب الفاشل، ولاحقا ألغت محكمة استئناف حُكم براءته من تهم الاحتجاجات.
ورفض كافالا على الدوام الاتهامات الموجهة له، وتعتقد المنظمات غير الحكومية أن أنقرة تحاول أن تجعل منه عبرة لترهيب المجتمع المدني وقمع الحريات العامة في البلاد.