ضبط موعد التمارين مع إيقاع الساعة البيولوجية يرفع كفاءة الأداء الرياضي

توقيت ممارسة الرياضة يحدث فارقا في مدى الاستفادة من التمرين.
الأحد 2021/02/07
الظهيرة أفضل أوقات ممارسة الرياضة

ترتبط الساعة البيولوجية للجسم ارتباطا وثيقا بالهضم والتمثيل الغذائي بطرق عدة، من خلال مسارات نقل الإشارات بين الخلايا في الجسم، إلّا أن دراسات جديدة تضيف أدلة أخرى على أن الساعة البيولوجية تتحكم في قدرة الأجسام على أداء التدريبات بكفاءة أعلى في وقت معين من النهار.

لندن – تعود ممارسة التمارين بفوائد عديدة على الصحة والوظائف الإدراكية، وهو ما من شأنه أن يساعد في تحسين الحالة المزاجية واللياقة البدنية والأداء، لكن البعض ينتابهم تساؤل بشأن الأوقات التي من الممكن أن تعود عليهم بالفائدة أكثر.

وتقول بعض الأبحاث إن هناك أوقاتا معينة تعدّ الأفضل لممارسة الرياضة، حتى تأتي بنتائج ملموسة على المظهر الجسماني والصحة بشكل عام.

ووجدت إحدى الدراسات التي أجريت على عينة من الرجال المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، أن أولئك الذين مارسوا تمارين بعد الظهر زادوا من صحتهم الأيضية أكثر بكثير من أولئك الذين أجروا نفس التمرين في الصباح.

وأضافت الدراسة التي قام بها باتريك شروين، أستاذ التغذية ودراسات الحركة في المركز الطبي بجامعة ماستريخت، نتائج جديدة إلى الأدلة المتزايدة على أن توقيت ممارسة الرياضة يحدث فارقا في مدى الاستفادة من التمرين.

الجسم يحتوي على "ساعة جزيئية" مستقلة عن الجدول الزمني للأشخاص تتحكم في قدرة أجسامهم على أداء التدريب

ويميل معظم الناس إلى الاعتقاد بأن التدريبات الصباحية هي أفضل طريقة للحفاظ على لياقة الجسم، إلّا أن الدراسة الجديدة تدّعي خلاف ذلك.

ودرس شروين دور التمرينات لدى الرجال المصابين بمرض السكري من النوع الثاني والمعرضين لخطر الإصابة به، بعد أن طلب منهم ركوب دراجة ثابتة ثلاث مرات في الأسبوع لمدة 12 أسبوعا، مع تسجيل الأوقات التي مارسوها.

ووجد شروين أن الرجال الذين مارسوا الرياضة في وقت مبكر من اليوم، أي من الساعة 8:00 إلى 10:00 صباحا، جنوا فوائد صحية أقل من أولئك الذين استخدموا الدراجة الثابتة مساء، من الساعة 15:00 إلى 18:00، على الرغم من أنهم مارسوا تمارين متطابقة إلى حد كبير.

وتمكن الأشخاص الذين مارسوا الرياضة في فترة ما بعد الظهر من فقدان المزيد من الدهون، والتحكم بشكل أفضل في نسبة السكر في الدم وحساسية الأنسولين من راكبي الدراجات في الصباح.

وقال شروين “أعتقد أن ممارسة الرياضة أفضل من عدم ممارسة الرياضة، بغض النظر عن التوقيت”، وتابع “هو أمر مريح لأولئك الذين يؤمنون بضرورة القيام بالتمارين عندما يستطيعون ذلك، بغض النظر عن أي توقيت على مدى كامل اليوم”.

وأضاف “مع ذلك تشير هذه الدراسة إلى أن ممارسة الرياضة بعد الظهر قد تكون أكثر فائدة”، وفق ما ورد في الدراسة التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز.

 وأوضح شروين أن ممارسة الرياضة في وقت متأخر من اليوم قد “تساعد على زيادة التمثيل الغذائي للوجبات الأخيرة للناس بشكل أسرع”، خصوصا في فترة ما بعد الظهر أو في الليل. 

الرياضة المسائية

إيقاع العضلات وساعتها البيولوجية يتحكمان في الاستجابة للتمرينات
إيقاع العضلات وساعتها البيولوجية يتحكمان في الاستجابة للتمرينات

وعلى الرغم من أن الدراسة لم تشمل النساء وركزت على الرجال المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، إلا أنها كشفت عن شيء مهم، يجب على الناس وضعه في الاعتبار، وقد تكون بمثابة تشجيع إضافي للأشخاص الذين عادة لا يستيقظون مبكرا على ممارسة الرياضة المسائية التي تحقق لهم فوائد صحية أكثر.

ويقول بعض العلماء إن الجسم يحتوي على "ساعة جزيئية" مستقلة عن الجدول الزمني اليومي للأشخاص تتحكم في قدرة أجسامهم على أداء التدريب بكفاءة أعلى في وقت الظهيرة بدلا من أوقات أخرى، مع ذلك، لا يُعرف إلا القليل عن التفاعل بين الساعة البيولوجية للجسم ومواعيد ممارسة الأنشطة الرياضية، وعلى وجه التحديد، تأثيرها على الصحة بشكل عام.

وتشير الدراسات التي أجريت على كل من الحيوانات والبشر إلى أن كل نسيج في الجسم يحتوي على ساعة بيولوجية ترتبط ارتباطا وثيقا بالهضم والتمثيل الغذائي بطرق عدة، من خلال مسارات نقل الإشارات بين الخلايا في الجسم.

ويوجد بداخل كل خلية في الجسم “ساعة جزيئية” تنظم توقيت جميع السلوكيات والعمليات الفسيولوجية تقريبا، بدءا من إطلاق الهرمونات والنواقل العصبية ووصولا إلى ضغط الدم ونشاط الخلايا المناعية وحتى الأوقات التي يشعر فيها الناس بالنعاس أو النشاط أو الاكتئاب خلال اليوم.

وتنظم عمل هذه الساعات إشارات ترسلها النواة فوق التصالبية في الدماغ، للحفاظ على تناغم الساعات مع بعضها البعض وتطابقها مع التوقيت الخارجي. وتستشعر هذه الساعات النور والظلام في العالم الخارجي من خلال الخلايا العقدية المستقبلة للضوء في شبكية العين.

والهدف من كل هذه الساعات داخل الخلايا هو توقع الأنشطة التي تحدث بانتظام، مثل وصول الطعام، والاستعداد له. ولهذا يفضل حدوث التفاعلات الكيميائية الحيوية في الجسم في مواعيد محددة على مدار اليوم حتى تستعيد أعضاء الجسم نشاطها وتنفذ بانتظام الوظائف المختلفة.

وكشفت بعض الأبحاث أن الأشخاص الذين يعملون في نوبات ليلية، على سبيل المثال، تتغير عادات النوم لديهم، فتميل أجسامهم إلى أن تكون أكثر عرضة لمشاكل التمثيل الغذائي مثل السمنة ومرض السكري من النوع 2.

 ويرجح الباحثون أن التعرض للضوء الاصطناعي خلال الليل يعرقل عمل الساعة البيولوجية للجسم، ما يحد من إفراز هرمون الميلاتونين، الذي يعرف بهرمون النوم. وهرمون الميلاتونين ينظم دورة النوم عند الإنسان، وقد يضر عدم إفرازه بصورة منتظمة بعملية الأيض، فيؤدي بالجسم إلى اكتساب وزن زائد.

وينطبق الشيء نفسه على الأشخاص الذين يأكلون في وقت متأخر من الليل، وخارج ساعات العشاء المعتادة.

الاستجابة للتمرينات

الوقت الأمثل للتمارين هو في ضوء النهار
الوقت الأمثل للتمارين هو في ضوء النهار

غير أن الكثير من الأبحاث ركزت على مواعيد تناول الطعام أو الذهاب إلى الفراش للنوم، فيما تجاهل معظمها توقيت ممارسة التمارين الذي قد يؤثر بشكل كبير على الصحة الأيضية، كما أن النتائج التي توصلت إليها البعض منها كانت في معظمها متضاربة. ومنها ما أكد على أهمية التدريبات الصباحية ودورها في زيادة حرق الدهون وفقدان الوزن، ما جعل من الصعب استخلاص الآثار اليومية الخاصة بالتمارين المسائية.

وتشير أدلة جديدة إلى أن إيقاع العضلات وساعتها البيولوجية يتحكمان في الاستجابة للتمرينات، مشيرة إلى أن عامل تحديد الوقت في اليوم مهم للحصول على أفضل النتائج من التمرينات.

وأكدت دراسة أجراها باحثون من جامعة نورث وسترن في شيكاغو الأميريكية، أن استجابة الجسم للتمرين تختلف باختلاف أوقات النهار.

وبحسب الدراسة، فإن الوقت الأمثل للتمارين هو في ضوء النهار، حيث تكون القدرة على الأداء لدى معظم الأشخاص على أشدها.

وعزت الدراسة ذلك إلى بروتينات معينة تحافظ على ثبات عملية الاستقلاب داخل الجسم حين تنخفض مستويات الأوكسجين في الخلايا العضلية أثناء ممارسة الرياضة. وتكون هذه البروتينات حين يكون المرء مستيقظا جدا. لذلك يوصي الباحثون بأن تستغل استراحة ما بعد الغداء لممارسة التمارين الرياضية.

18