أزمة منتصف الموسم تعجل برحيل لامبارد عن تشيلسي

ودّع فرانك لامبارد مقعد المدير الفني لتشيلسي سريعا بعد مسيرته المتعثرة مع الفريق اللندني، وإخفاقه في الاستفادة من الدعم الكبير الذي وفرته إدارة البلوز في ما يتعلق بالصفقات، مطلع الموسم الجاري. وبدأت الصحف الإنجليزية في التحري عن أسباب الإقالة، واتضح أن أحد أهم عوامل التعجيل بهذا القرار كان خلافا بين المدرب الإنجليزي مع مارينا غرانوفسكايا، المديرة التنفيذية للنادي اللندني. صحيح أن تشيلسي عانى في هذا الموسم من سلسلة النتائج المخيبة للآمال، لكن هذا لم يكن السبب الوحيد في إقالة لامبارد.
لندن – طوى نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم صفحة مدربه فرانك لامبارد بسبب سوء النتائج، وذلك بعد نحو سنة ونصف من تعيينه. ودفع لامبارد ثمن النتائج السيئة التي حققها الفريق بإشرافه هذا الموسم وخسارته لست مباريات من بين 19 مباراة خاضها في الدوري. وقال مالكه الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش معللا الخطوة التي قام بها ناديه “كان قرارا صعبا جدا للنادي، خصوصا لأني أتمتع بعلاقة شخصية ممتازة مع فرانك وأكن له احتراما كبيرا”.
وأضاف “يملك هذا الشخص (لامبارد) درجة عالية من النزاهة وأخلاقيات كبيرة في العمل، لكن في المقابل نعتقد بأنه في ظل الظروف الحالية من الأفضل تغيير المدرب من أجل تحسين الأداء والنتائج خلال الموسم الحالي”.
وتابع “نيابة عن مجلس إدارة النادي، وعني شخصيا أود توجيه الشكر إلى فرانك الذي قام بعمل رائع على رأس الجهاز الفني وأتمنى له النجاح في مستقبل مشواره”.
ونوّه مالك النادي بمسيرة لامبارد كلاعب في صفوف نادي غرب لندن بقوله “إنه أيقونة هامة في تاريخ هذا النادي العظيم ومكانته محفوظة فيه. سيظل مصدر ترحيب دائم في ستامفورد بريدج (ملعب تشيلسي)”.
وذكر تشيلسي في بيان له “كان قرارا صعبا للغاية، لم يتخذ بسهولة من جانب المالك ومجلس الإدارة”.
وأضاف “نحن ممتنون لفرانك على ما أنجزه خلال فترة توليه منصب المدير الفني في النادي… ومع ذلك، لم تحقق العروض والنتائج الأخيرة آمال النادي، وهبطت بالفريق إلى منتصف جدول الدوري دون وجود أي مسار واضح للتحسن”.
أسوأ معدل نقاط
كان لامبارد قد استلم تدريب الفريق في يوليو 2019 موقعا على عقد لمدة ثلاثة أعوام خلفا للإيطالي ماوريسيو ساري ونجح خلال موسمه الأول في احتلال مركز مؤهل لدوري أبطال أوروبا معتمدا بنسبة كبيرة على لاعبين شبان من خريجي أكاديمية البلوز أمثال مايسون ماونت وتامي أبراهام، ولاسيما أن النادي كان ممنوعا عليه إجراء التعاقدات من قبل الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) بسبب مخالفته قوانين اللاعبين القصّر. كما بلغ الفريق نهائي كأس إنجلترا وخسره أمام جاره أرسنال.
الخسارة أمام المدفعجية والخروج أمام بايرن ميونخ الألماني الذي مضى وحقق اللقب بمجموع 7-1 في الدور ثمن النهائي من دوري الأبطال، حثّا النادي على إبرام الصفقات حينما إن يتمكن من ذلك.
بالاستغناء عنه أصبح لامبارد المدرب رقم 12 الذي يقال من تدريب النادي منذ انتقال ملكيته إلى الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش في 2003
وعندما رفع الاتحاد الدولي الإيقاف أبرم النادي اللندني صفقات بقيمة تناهز 250 مليون يورو خلال الصيف الماضي، أبرزها مع الثنائي الألماني المهاجم تيمو فيرنر وصانع الألعاب كاي هافيرتس اللذين لم يظهرا بعد بالمستوى المطلوب، الأمر الذي قد يساهم مواطنهما توخيل في تصحيحه بالإضافة إلى الجناح المغربي حكيم زياش والظهير الأيسر بن تشيلويل، لكن الفريق مني بخمس هزائم في آخر ثماني مباريات له في الدوري تحت قيادة لامبارد.
وحقق لامبارد معدل 1.67 نقطة في المباراة الواحدة مع تشيلسي وهو أدنى معدّل بين جميع المدربين الذين تناوبوا على الفريق منذ وصول أبراموفيتش عام 2003.
وكان لامبارد قد بدأ مسيرته التدريبية مع فريق دربي كاونتي من المستوى الثاني “تشامبيونشيب” في مايو 2018، حيث بلغ في موسمه الأول الملحق الفاصل للصعود إلى
الدوري الممتاز قبل أن يخسر أمام أستون فيلا. وهذه المرة هي الرابعة عشرة التي يغير فيها تشيلسي مدربا منذ وصول أبراموفيتش إلى ستامفورد بريدج.
ولامبارد هو الهداف التاريخي لتشيلسي وقد سبق له الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز ثلاث مرات وبلقب دوري أبطال أوروبا مرة واحدة قبل الاعتزال. وبالاستغناء عنه أصبح لامبارد المدرب رقم 12 الذي يقال من تدريب النادي منذ انتقال ملكيته إلى الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش في 2003.
وبدأت نتائج تشيلسي في التراجع في منتصف ديسمبر الماضي بعد أن خاض 17 مباراة في كل المنافسات لم يعرف خلالها طعم الهزيمة وتأهل لمرحلة خروج المهزوم في دوري أبطال أوروبا متصدرا مجموعته بينما كان يحتل المركز الثالث بين فرق الدوري الممتاز.
لامبارد اللاعب
بدأ مسيرته بين ناشئي وست هام يونايتد وبعد فترة إعارة مع سوانزي سيتي عاد ليكون حجر أساس وسط وست هام من 1996 حتى 2001 تحت قيادة هاري ريدناب. وبدأ مسيرته مع منتخب إنجلترا في 10 أكتوبر 1999، وخاض معه 106 مباريات. وشارك في كأس العالم مرتين وبطولة أوروبا 2004 كما كان نائب قائد المنتخب في كأس العالم 2014.
وانتقل من وست هام إلى تشيلسي مقابل 11 مليون جنيه إسترليني في 2001 وبعد أول موسمين متواضعين أصبح أحد أبرز لاعبي خط الوسط الهدافين في العالم. وفاز بلقب الدوري الإنجليزي مع تشيلسي في 2005 و2006 مع جوزيه مورينيو و2010 مع كارلو أنشيلوتي.
وقاد تشيلسي إلى لقب دوري أبطال أوروبا 2012 والدوري الأوروبي 2013 بالإضافة إلى كأس الاتحاد الإنجليزي أربع مرات وكأس رابطة المحترفين مرتين.
وأصبح هداف تشيلسي على مر العصور بعد وصوله إلى الهدف 211 في جميع المسابقات. ورحل عن تشيلسي في 2014 وانتقل إلى نيويورك سيتي بعقد يمتد لموسمين قبل الانضمام إلى مانشستر سيتي على سبيل الإعارة. وفي 2017 اعتزل اللعب نهائيا.
ثم بدأ مسيرته التدريبية في الدرجة الثانية مع ديربي كاونتي في 2018. قاد الفريق إلى ملحق الصعود في نهاية موسمه الأول. وتولى المسؤولية بدلا من ماوريسيو ساري في 2019 ونال الإعجاب في موسمه الأول على الرغم من عدم تدعيم صفوف الفريق بسبب الحظر الذي فرضه الاتحاد الدولي (الفيفا) على الانتقالات. وقاد تشيلسي إلى المربع الذهبي في الدوري ونهائي كأس الاتحاد حيث خسر أمام أرسنال.
وأنفق أكثر من 220 مليون جنيه إسترليني (300.94 مليون دولار) لتدعيم صفوف تشيلسي هذا الموسم وتعاقد مع كاي هافرتس وتيمو فيرنر وبن تشيلويل وحكيم زياش وإدوار ميندي، إذ سعى النادي إلى تقليص الفجوة مع ليفربول ومانشستر سيتي. وبدا أن الحفاظ على سجله الخالي من الهزيمة في 17 مباراة متتالية عزز مكانة لامبارد وآماله في المنافسة على اللقب لكنه تعرض لضغوط متزايدة بعد تراجع أداء تشيلسي بحلول منتصف الموسم في ديسمبر المنقضي. وجاءت الهزائم أمام إيفرتون وولفرهامبتون وأرسنال ومانشستر سيتي وليستر سيتي لتزيد من الضغوط على لامبارد، وأقيل بعد أقل من 24 ساعة من الفوز 3-1 على لوتون تاون وبلوغ الدور الخامس لكأس الاتحاد الإنجليزي.
ردود فعل حزينة
خلّفت إقالة الإنجليزي لامبارد من تشيلسي ردود فعل واسعة، وعبر الكثير من خبراء كرة القدم عن حزنهم لهذا القرار، الذي برره مالك النادي اللندني رومان أبراموفيتش. حيث قال جوزيه مورينيو مدرب توتنهام الحالي وتشيلسي السابق “أكون حزينا دائما عندما يفقد زميل منصبه وبكل تأكيد فإن فرانك ليس مجرد زميل بل هو شخص مهم في مسيرتي لذا أشعر بالأسف بكل تأكيد. هذه قسوة كرة القدم الحديثة. عندما تصبح مدربا فهذا الأمر تعرف أنه سيحدث سواء عاجلا أو آجلا”.
وقال مايكل أوين مهاجم إنجلترا السابق “أعتقد أنه في الوقت الذي أنفق فيه النادي المال خلال هذا الصيف وتعاقد مع اللاعبين الذين ضمهم، فقد تسبب ذلك في المزيد من الطموحات، ونحن نعرف ما يحدث في تشيلسي عند وجود مطالب عالية”.
وأضاف روي هودجسون مدرب كريستال بالاس “هذا محزن. أعتقد أنه (لامبارد) أدى عملا رائعا في الموسم الماضي، كنت أتمنى أن ينال معشوق المشجعين وأسطورة تشيلسي وقتا أطول من 18 شهرا”. كما صرح بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي “يتحدث الناس عن المشاريع والأفكار. هذا غير موجود. يجب الفوز أو سيتم استبدالك. أنا لا أحكم على قرار تشيلسي فأنا أحترم قراره لكن عالمنا يتعلق بضرورة تحقيق أكبر عدد من الانتصارات”.
حقق لامبارد معدل 1.67 نقطة في المباراة الواحدة مع تشيلسي وهو أدنى معدل بين جميع المدربين الذين تناوبوا على الفريق منذ وصول أبراموفيتش في العام 2003
من جانبه قال بريندان رودجرز مدرب ليستر سيتي “لقد امتلك الشجاعة لإنهاء مسيرة رائعة وكان يمكنه أن يسلك طريقا أسهل. هذا منصب لم يكن من الممكن رفضه حتى لو لم يكن يملك الكثير من الخبرة. النتائج لم تكن كما يريد، لكن أعتقد أن هذا منصب يحتاج إلى الوقت”. وقال ديفيد مويس مدرب وست هام يونايتد “هذا أمر مهم.. إننا نحاول أن نشجع مدربينا البريطانيين على الحضور في بطولات الدوري الكبرى إذا كان بوسعنا ذلك. أنا متأكد أنه سيتعلم من ذلك وسيعود”.
وأصدر المدرب المقال فرانك لامبارد، بيانا بشأن الإقالة على حسابه في موقع إنستغرام. وحسب مصادر صحافية، فقد ظل فرانك صامتا، بعد إقالته، قبل أن ينشر بيانه على موقع التواصل الاجتماعي.
وجاء في البيان “لقد كانت إدارتي لفريق تشيلسي امتيازا وشرفا كبيرا لي، إنه النادي الذي شكل جزءا كبيرا من حياتي لفترة طويلة”. وأضاف “أولا، أود أن أشكر الجماهير على الدعم الرائع الذي تلقيته منها على مدى الأشهر الـ18 الماضية.. آمل أن يدركوا ماذا يعني ذلك بالنسبة إليّ”.
وتابع لامبارد في بيانه على إنستغرام “عندما توليت هذا الدور، كنت أعي التحديات التي تنتظرنا في وقت صعب بالنسبة إلى ناد لكرة القدم”. وقال “أنا فخور بالإنجازات التي حققناها، وفخور أيضا بلاعبي الأكاديمية الذين اتخذوا خطواتهم في الفريق الأول وقدموا أداء جيدا.. إنهم مستقبل النادي”.
وأشارت إحصائية نشرتها صحيفة “ذا صن” عبر موقعها الإلكتروني، إلى تفوق مدرب تشيلسي السابق فرانك لامبارد، على مدرب ليفربول الحالي يورغن كلوب في جانب لافت.
ووفقا للإحصائية، فإن مشوار لامبارد مع تشيلسي في المباريات الـ84 التي قاد خلالها الفريق قبل إقالته، أفضل من بداية كلوب مع ليفربول بعد العدد نفسه من المباريات. بالنسبة إلى لامبارد، فقد حقق 44 انتصارا في 84 مباراة مع تشيلسي، مقابل 17 تعادلا و23 هزيمة، بمعدل انتصارات بلغ 52.4 في المئة. أما كلوب، فحقق مع ليفربول 41 انتصارا مقابل 25 تعادلا و18 هزيمة، بمعدل انتصارات بلغ 48.8 في المئة.
وبعد تلك البداية الصعبة، شق ليفربول طريقه بقيادة كلوب، ليفوز بلقب دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي الممتاز. لكن لامبارد لن يستطيع قلب الأمور مثل كلوب، بعدما أقيل من منصبه، ليستلم الألماني توماس توخيل المهمة بدلا منه.