مشكلات الأبناء العاطفية تؤرق الأمهات

الإحساس بانكسار القلب يفاقم متاعب الأبناء مع أسرهم.
الثلاثاء 2021/01/19
مشكلات الأبناء العاطفية تؤرق الأمهات

يدخل الأبناء في علاقات عاطفية تسبب لهم ولأسرهم في الكثير من الأحيان متاعب عديدة، وتعود أسباب تخوف الآباء من مشاعر أبنائهم خاصة في مرحلة المراهقة إلى عدم قدرتهم على استيعاب العلاقات العاطفية ومشكلاتها وما يمكن أن تخلفه من آثار نفسية تؤرق الأمهات خاصة.

لندن - تؤرق المشكلات العاطفية التي يعيشها الأبناء الآباء وخاصة الأمهات، لأنهم يخشون على مشاعرهم، حيث يصاب الأبناء في الكثير من الأحيان بصدمات عاطفية تتطلب الدعم والمساعدة من قبل الأسر للتغلب عليها وبذل قصارى جهدها لإنقاذهم.

وتعاني الكثير من الأمهات من الآثار السلبية التي قد تنشأ عن الحب غير الناضج لأبنائهن خاصة في سن المراهقة، ومنها الآثار النفسية والدراسية التي تنعكس على الأبناء بسبب علاقاتهم العاطفية في هذه المرحلة، وتعرضهم للضغوط النفسية والعقلية التي قد تدفعهم إلى سوء التصرف بسبب عدم استقرار مشاعرهم وعدم سير علاقاتهم العاطفية بشكل جيد، مما يؤرق الأمهات نظرا إلى أن الأبناء في المجتمعات العربية غالبا ما يصارحون أمهاتهم بعلاقاتهم العاطفية وبالمشكلات التي يتعرضون إليها.

بالإضافة إلى ذلك يصيب ضعف الأداء الدراسي وانخفاض نتائج الأبناء بسبب مشكلاتهم العاطفية والتركيز والتفكير فيها على حساب دراستهم، الأمهات بالقلق والحيرة. كما أن ظهور آثار القلق والتوتر الشديد، عند المراهق، والتي قد تتطوّر إلى الشعور بالاكتئاب وتفضيل العزلة والبقاء وحيدا بشكل مستمر، قد ينجم عنه انتهاج سلوكيات سلبية، بالإضافة إلى الشعور بالحزن والغيرة وعدم الثقة بالآخرين بسرعة بسبب تجاربه الشخصية التي قد تكون عرضته للصدمة والأذى والألم النفسي نتيجة انتهائها بالانفصال.

وأشار المختصون إلى أن العلاقات العاطفية للأبناء المراهقين من الخطوط الحمراء التي تتجنب الكثير من الأسر في المجتمعات العربية طرحها للنقاش، حيث يركز الأهل جهودهم كي يلتفت المراهق للدراسة، ويحيد الكثير من الآباء والأمهات عن أحاديث الحب المتعلقة بأبنائهم المراهقين.

وتظهر الاضطرابات العاطفية من خلال معاناة الأبناء من الإحباط والغضب المفرط، حيث يمكن أن تتداخل الأعراض في أكثر من اضطراب عاطفي مع تغييرات سريعة وغير متوقعة في المزاج، كما قد يصاب المراهقون الأصغر سنا بأعراض جسدية مرتبطة بالاضطرابات العاطفية مثل آلام في المعدة أو الصداع أو الغثيان.

ويعتبر الاكتئاب من أبرز الاضطرابات العاطفية في مرحلة المراهقة، والتي يمكن أن تؤثر عميقا على المراهق ودراسته والانتظام في المدرسة، كما أنها تسبب الانسحاب الاجتماعي، وتفاقم العزلة والوحدة وفي أسوأ الأحوال قد تؤدي إلى محاولة إيذاء النفس.

وأوضح الخبراء أن تدخل الآباء والأمهات السلبي وعدم دعمهم الإيجابي لأبنائهم في حل مشاكلهم العاطفية يمكن أن يفاقما معاناتهم ويؤثرا سلبا على تواصلهم وعلى صحتهم النفسية، مؤكدين أنه على الأهل وضع حدود وتوضيحها لأبنائهم وعدم تحذيرهم المبالغ فيه وتخويفهم من الحب واعتباره عيبا.

وشددوا على ضرورة مساندة الأبناء في هذه الفترة الصعبة من حياتهم وتجنب جزرهم وتوبيخهم واتباع أسلوب الحوار والإنصات لكسب ثقتهم لإبعادهم عن المخاطر والمشاكل التي من الممكن أن يقعوا فيها.

وقال الخبراء إنه من الطبيعي أن يعيش الأبناء بداية من سن المراهقة مشاعر مرهفة وأحلاما وعواطف متأججة، لكن هذه المشاعر تحتاج إلى توجيه حتى لا تتسبب بضغط نفسي وأزمات.

وأشاروا إلى أنهم يحتاجون في مختلف مراحل حياتهم إلى دعم أسرهم ومساندتها، من خلال احترام مشاعرهم وتقبلها، والاستماع إلى مشاكلهم واحتوائها، وتفهّم دوافعهم واحتياجاتهم النفسية والعاطفية، لافتين إلى أن كل شاب في هذه المرحلة يسعى لإقامة علاقة ناجحة، وتنعكس المشكلات التي قد تنجر عنها سلبا على حالته النفسية وتصيبه بصدمات حقيقية تنعكس على أسرته.

العلاقات العاطفية للأبناء المراهقين من الخطوط الحمراء التي تتجنب الكثير من الأسر في المجتمعات العربية طرحها للنقاش

وأكدوا أن العلاقات العاطفية للشباب تقوم على أسس غير دقيقة، وتصدر أحاسيسهم بشكل مندفع وعشوائي، أما بالنسبة إلى علاقات المراهقين العاطفية فهي عادة ما تمتلك مشاعرهم، وقد تؤدي إلى القلق والاضطراب، ويحتاجون بذلك إلى إشباع احتياجاتهم العاطفية وتحقيق الأمن والاستقرار النفسي داخل أسرهم.

وأوضحوا أن الشباب يواجهون المشكلات العاطفية ويحتاجون إلى دعم أسرهم، إلا أن المراهقين يكافحون لفهم هذا التعقيد الجديد، وعندما يكون الأبناء في فترات من الغضب والإحباط والألم بسبب مواجهة الصدمات العاطفية، يجب أن يشعروا بأن كل شيء على ما يرام دون أن يقلل الأهل من قيمة ما يمرون به.

وبينوا أن قلة من الشباب الذين يصارحون أسرهم بعلاقاتهم العاطفية في عمر مبكر، لافتين إلى أن مصارحة الأهل بالعلاقات العاطفية في سنوات الشباب الأولى غائبة، ويعتبر الحفاظ على سرية هذه العلاقات العاطفية ردة فعل من الشباب لأن الآباء لا يتقبلون الغوص في المواضيع العاطفية التي يخوضها الأبناء.

ولفتوا إلى أن مرحلة المراهقة من أصعب مراحل النمو التي يواجهها الطفل وكذلك أسرته وهي مرحلة مربكة، حيث يحاول المراهق فيها الموازنة بين مشاعره ووعيه الذاتي، ويحتار الأولياء في كيفية التعامل مع مشاعره وسلوكياته لوعيهم بصعوبة المرحلة التي يمر بها من جهة ولأن مشاعر المراهق تكون أكثر تعقيدا، ولا يصعب على الوالدين التعامل مع ابنهما المراهق فقط بل يصعب عليهما أيضا فهم مشاعره وتعبيراته عنها.

ويسبب الوقوع في الحب العديد من المشكلات والاضطرابات لدى الأبناء خاصة في مرحلة المراهقة، مثل التعلق بشخص لا يحمل لهم نفس المشاعر مما يسبب لهم الألم والضيق، ويواجه معظم الأبناء في سن المراهقة آلام وذكريات الحب الأول الذي تصاحبه مشاعر شديدة تجاه من يحبون ويترك بداخلهم أعباء عاطفية وأوجاعا قد تقف حائلا أمام قدرتهم على إقامة علاقات عاطفية أخرى في المستقبل.

وأشار الباحثون إلى أن التأثيرات السلبية لمشكلات العلاقات العاطفية لا تقتصر على الأبناء فقط، بل تنعكس على الآباء والأمهات، وذلك بسبب وجود صعوبة في التعامل مع المراهق بطريقة مناسبة؛ نظرا إلى حدة مزاجه وتقلبه المربك ما بين الفرح والسعادة، والحزن الشديد وشدة التعلق أحيانا.

وبينوا أن الآباء والأمهات يتعرّضون لضغط كبير عند مراقبة وتوجيه سلوك أبنائهم، وتقبل مزاجيتهم وردودهم العنيفة في بعض الأحيان، مشددين على أهمية دورهم في توعيتهم والوقوف إلى جانبهم ودعمهم في هذه المرحلة، ومصادقتهم دائما والاستماع لهم والتقرب منهم.

وترفض الكثير من الأسر علاقات الحب التي يمر بها أبناؤها في فترة المراهقة لأسباب عدة من بينها رفض الطرف الذي ارتبط به ابنهم أو ابنتهم أو تقصيرهم في الدراسة، بالإضافة إلى مخاوفهم تجاه جدية هذه العلاقة والآثار النفسية والصحية الناجمة عنها.

وحذرت دراسة أميركية حديثة المراهقين من الدخول في علاقات عاطفية؛ لما لها من أثر سلبي على نفسياتهم. ووجدت أن الطلاب الذين ليست لهم علاقات رومانسية يمتلكون مهارات اجتماعية أقوى، وأنهم أقل اكتئابا من أقرانهم.

وتوصلت نتائجها إلى أن الطلاب الذين لم يكونوا في علاقات حب، حصلوا على درجات أعلى بكثير من الآخرين الذين كانوا مشغولين في علاقات عاطفية، كما كانت مهاراتهم الاجتماعية والقيادية أفضل.

كما كشفت أن الطلاب الذين لم يكونوا في علاقات عاطفية، سجلوا درجات أقل من الاكتئاب مقارنة بأقرانهم. وأوضح الدكتور لورين كيلي، أحد المشاركين في الدراسة أن النتائج التي توصلوا إليها تثير المخاوف بشأن العلاقات التي قد تترك المراهقين أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وقد تعزز سلوكيات المشكلات مثل تعاطي المخدرات.

وأكدت أن المراهقين الذين لا يقعون في الحب في سن المراهقة، ينتهي بهم الحال بشكل جيد، وربما أفضل من أقرانهم في العلاقات الرومانسية المستقبلية.

وقال المختصون إن المشاكل المرتبطة بالحب والعلاقات العاطفية في مرحلة المراهقة تؤثر على نفسية المراهق من عدة نواحٍ، موضحين أن الإحساس بخيبة الأمل أو انكسار القلب يؤدي إلى الإصابة بالحزن والاكتئاب. كما أن إهمال الدراسة يفاقم مشاكل الأبناء مع أسرهم، إلى جانب أن كثرة التجارب السيئة والإحباطات في مجال العلاقات العاطفية تؤثر سلبا على العلاقات العاطفية المستقبلية وتنبئ بالمزيد من الفشل العاطفي.

21