غاب الزوار عن حدائق الحيوانات فتوقفت المداخيل

حدائق الحيوانات بألمانيا تضع خطة لمواجهة الأوقات الصعبة من خلال طرح عملية تبني الحيوانات التي تحتاج إلى الغذاء والرعاية الصحية مع تفشي وباء كورونا.
الاثنين 2021/01/18
الخوف من الجوع والعزلة

فرضت جائحة كورونا عزلا تاما للناس والحيوانات في حدائقها فتوقفت المداخيل. لكن إطعام هذه الحيوانات ورعايتها طبّيا متواصلان، الأمر الذي أرهق ميزانية إدارة الحدائق التي لجأت إلى طرح تبني ثدييات لإنقاذها من الجوع والعزلة القاتلة التي تصيبها بأزمات نفسية حادة.

هانوفر (ألمانيا)- على أي شخص يتطلع إلى الحصول على هدية لا تنسى أبدا أن يجرّب فأرا صحراويا سمينا، أو التفاخر برعاية حيوان الرنة الذي ينتمي إلى فصيلة الأيائل.

وتعرض حديقة هانوفر للحيوانات مجموعة من الثدييات للتبني بأسعار منخفضة يصل الحد الأدنى لها 15 يورو (18 دولارا)، وتبلغ تكلفة تبني الصرصور الهندي ذي البقع السوداء والبيضاء عشرة يورو فقط، بينما تبلغ تكلفة تبني حيوان الرنة المهيب 50 يورو.

ويواصل الفايروس الانتشار واقتحام مجالات عدة في الحياة اليومية. وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم لوقف زحف هذا الوباء الخطير، بدأت تبعاته تظهر جلية على حدائق الحيوانات في العالم التي أغلقت أبوابها، ما يعني توقف المداخيل. لكن التكاليف بقيت ثابتة، إذ يتوجب على المسؤولين في الحديقة توفير الطعام للحيوانات ورعايتها طبيا بالإضافة إلى تنظيف مستمر لأماكن عيشها حتى لو لم يحضر أي زائر إلى الحديقة، ما يثقل حقا كاهل صندوق الحديقة ويزيد من عنائه. وهو الوضع الذي تعيشه أغلب حدائق الحيوانات في العالم.

طرح عمليات التبني فرصة لتواصل الناس مع الحيوانات وإنقاذها من الجوع
طرح عمليات التبني فرصة لتواصل الناس مع الحيوانات وإنقاذها من الجوع

وطرحت حديقة هانوفر عمليات التبني، ما يمكن الزوار الشغوفين من أن يصبحوا آباءً روحيين للحيوانات كوسيلة للتواصل بينها وبين الناس على الرغم من الإغلاق المفروض في ظل اللوائح الصحية الحالية.

وتقول يوليا زفيهل التي تدير برنامج الرعاية للحديقة “الطلب على التبني يتزايد الآن، وهذا اتجاه نقدم حياله بالغ الشكر”.

وأي شخص ينفق 300 يورو على الأقل في تبني حيوان يصبح راعيا للحديقة، وتم بالفعل تبني مجموعة من بين 190 حيوانا تنطبق عليها شروط التبني، اعتبارا من الدببة القطبية إلى الأفيال. ومن بين الرعاة أحزاب سياسية ونجوم الرياضة.

وهناك أمثلة سابقة على هذا الاتجاه، حيث قدم الحزب المسيحي الديمقراطي بولاية ساكسونيا السفلى للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل طائر بطريق أفريقيا عام 2002 على سبيل المثال، بينما تبنى لاعب كرة القدم بير ميرتساكر زرافة في 2013، ومع ذلك يأتي نصف عدد الرعاة من الشركات.

ويتراوح عدد حدائق الحيوانات بألمانيا ما بين 600 و800 حديقة، وتم إغلاقها كلها لعدة أشهر بسبب جائحة كورونا. ويعاني الكثير منها ماليا حيث تحتاج الحيوانات إلى الغذاء والرعاية الصحية سواء جاء الزوار أم لا.

والآن، قام نحو نصف عدد حدائق الحيوانات بألمانيا بوضع برامج للتبني والرعاية، وفقا للرابطة الألمانية لحدائق الحيوان، حيث يقول سيبستيان شولزه المتحدث باسم الرابطة، إنه مع ذلك لم يتضح بعد حجم الأموال التي تولدت نتيجة هذه البرامج. ويشير إلى أن البرامج وجميع المنظمات المرتبطة بعمليات التبني تعني ضرورة القيام بأعمال إضافية كثيرة.

ومع ذلك يتشوق الزوار إلى تقديم تبرعات لهذه الحدائق خلال الجائحة، ويتزايد هذا الاتجاه على حد قول شولزه.

وأفضل نبأ بالنسبة إلى حديقة حيوانات هو أن يصبح شخص شهير راعيا لها، وقرر توماس جوتشالك مقدم برنامج تليفزيوني ألماني أن يرعى حيوانا ثدييّا لاحما يعرف باسم كواتي في أكتوبر 2020، وتم إطلاق اسم تومي عليه بحديقة كارلسروه.

حديقة الحيوانات هانوفر

وحيوان كواتي هذا يعيش في أميركا الجنوبية ويستخدم أنفه الطويل والمرن في البحث عن الطعام، وربما شعر جوتشالك الذي ظهر في فيلم عن مفتش الشرطة، أن الحيوان يتناسب مع هذه الشخصية.

ومن ناحية أخرى، تبنت السياسية من حزب الخضر رينيت كويناست طائر الحباري بحديقة برلين للحيوانات، وهي تدعم برنامجا لإعادة توطين الطيور في ولاية براندنبرغ القريبة.

واستقبلت حديقة هانوفر للحيوانات مليون زائر في 2019، وكانت تأمل في زيادة هذا الرقم خلال 2020 بفضل أول مولود للدب القطبي فيها، ومع ذلك ذهبت هذه الآمال أدراج الرياح بسبب إغلاقها في فصل الربيع لمدة استمرت 40 يوما.

وأغلقت الحديقة أبوابها مرة أخرى في أوائل نوفمبر الماضي، حيث سعت الحكومة إلى احتواء الموجة الثانية من عدوى فايروس كورونا. وتقول إيفونه ريدلت المتحدثة باسم الحديقة، إنه في عام 2020، استقبلت الحديقة 654 ألف زائر فقط، وتضيف “إننا افتقدنا مجموعات المدارس بشكل خاص”.

وتواجه حدائق الحيوان في جميع أنحاء العالم تحديات مماثلة، ففي ويلز يمكن لمحبي الحيوانات أن يتبنوا النمور السومطرية، والفهود التي تعيش وسط الجليد، وقرود العناكب ذات الوجوه الحمراء التي تتدلى من الأشجار كالعناكب، أو ببغاوات منطقة الأمازون، وذلك في حديقة جبل ويلز للحيوانات الكائنة في منتجع خليج كاولين شمالي ويلز.

الحدائق تطرح عمليات التبني ما يمكّن الزوار الشغوفين من أن يصبحوا آباءً روحيين للحيوانات في ظل الحجر الصحي

وقالت مارسيا أزيفيدو مديرة التسويق “إننا كنا محظوظين، وكثير من داعمينا تبنوا حيوانات لمساعدة الحديقة أثناء الأوقات الصعبة”. وأضافت أن أكثر الحيوانات التي تلقى إقبالا للتبني هي فهود الجليد والباندا الحمراء وبطاريق هامبولت التي تعيش في مناطق من أميركا الجنوبية.

وتساعد أموال التبني على تمويل المصروفات السنوية للحيوانات، مثل شراء الأسماك واللحوم والديدان المستخدمة في الوجبات، والموز والبرتقال والجزر والبطاطس المسلوقة والتفاح والخس والبيض والعنب.

ولا يختلف الوضع في أستراليا، فقد أوضحت دواني تشاندرا منسقة العلاقات العامة، أن حديقة كوينزلاند للحيوانات شهدت زيادة في عمليات تبني الحيوانات عندما اجتاحت موجة من الجفاف وحرائق الغابات أستراليا مع بداية 2020، واستمرت الموجة خلال أشهر الجائحة.

وقالت وهي تشير إلى إغلاق الحدود أمام السياح الأجانب “إننا نعرب عن تقديرنا البالغ للداعمين من مختلف أنحاء العالم الذين سعوا لمساندتنا ومساندة أسرتنا من الحيوانات وسط التحديات التي نمر بها”.

20