مقالات مدفوعة للترويج للصين في الإعلام الأميركي

واشنطن - كشفت تقارير إخبارية أن وسائل إعلام صينية أنفقت الملايين من الدولارات لنشر مقالات مدفوعة في الصحف الأميركية، للدعاية للحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
وذكر موقع ديلي كولر الأميركي، أن صحيفة “تشاينا ديلي” الناطقة باللغة الإنجليزية الخاضعة لهيمنة الحكومة الصينية، دفعت في عام 2020 قرابة مليوني دولار لمجموعة متنوعة من وسائل الإعلام الأميركية لنشر دعاية لفائدة الحزب الشيوعي الصيني، وفق بيان قدمته الصحيفة في أواخر شهر نوفمبر الماضي لوزارة العدل الأميركية بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.
وترددت تقارير مفادها أنه تم تسجيل صحيفة “تشاينا ديلي” كوكيل أجنبي بموجب قانون فارا منذ عام 1983، مما يعني أنها مطالبة بالكشف عن أنشطتها ومعاملاتها المالية.
وفي يونيو، كشفت صحيفة “تشاينا ديلي” في بيان لوزارة العدل أنها دفعت، منذ نوفمبر 2016 حوالي 19 مليون دولار لوسائل إعلام أميركية، بما في ذلك 12 مليون دولار لصحف مثل “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”.
وتضمنت الصحف الأخرى: “لوس أنجلس تايمز”، و”شيكاغو تريبيون”، و”بوسطن غلوب” و”سياتل تايمز”، و”هيوستن كرونيكل”، ومجلة “فورين بوليسي”.
وقالت المحللة السياسية جوديث بيرغمان في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إن إعلانات صحيفة “تشاينا ديلي” تتخذ شكل ملاحق إعلانية تسمى “تشاينا ووتش”، في استراتيجية تعرف باسم “استعارة قارب للخروج إلى المحيط”.
وأحد أبرز الأمثلة ظهور “تشاينا ووتش”، وهو ملحق مدفوع ترعاه صحيفة تشاينا ديلي الحكومية، في المطبوعات وعبر الإنترنت في الصحف الأميركية البارزة مثل “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” و”وول ستريت”.
ويُعرف هذا الشكل من الإعلانات أحيانا أيضا بالمقال الإعلاني أو الإعلانات المحلية: أي تمويه الأخبار لتبدو مثل المحتوى الإخباري الآخر لوسائل الإعلام التي تظهر فيها.وعلى سبيل المثال، نشر موقع “تشاينا ووتش” الإلكتروني التابع لصحيفة “وول ستريت جورنال” عددا من المقالات التي تروج لتعامل الصين مع جائحة فايروس كورونا، بما في ذلك مقالات بعناوين مثل “يا أيها الرئيس التنفيذي لشركة آبل: الصين تسيطر على جائحة كورونا”و “يا مدن أميركا الشقيقة، احصلوا على المساعدة من الأصدقاء الصينيين في مكافحة الفايروس”.
إعلانات صحيفة "تشاينا ديلي" تتخذ شكل ملاحق إعلانية في استراتيجية تعرف باسم «استعارة قارب للخروج إلى المحيط»
وأضافت بيرغمان أن الصين ليست هي الحكومة الأجنبية الوحيدة التي تدفع مقابل الإعلان عن حملة دعائية لها في الولايات المتحدة.
ففي عام 2007 بدأت صحيفة “روسيسكايا غازيتا”، وهي صحيفة حكومية روسية في نشر مقالاتها الإعلانية “روسيا ما وراء العناوين الرئيسية” في صحيفة “واشنطن بوست” رغم أنه ترددت تقارير مفادها أن هذه المقالات الإعلانية اختفت في عام 2015.
وفي الماضي، ترددت تقارير أن صحيفة “روسيسكايا غازيتا قد نشرت أيضا عددا من الملاحق بعنوان “روسيا ما وراء العناوين الرئيسية” في صحيفتي نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في الاجتماع الوطني حول الدعاية والعمل الفكري في أغسطس 2013 “تحتاج الصين إلى تعزيز التغطية الإعلامية واستخدام أساليب مبتكرة للتواصل لنشر صورة جيدة للصين وترويج وجهات نظرها على المستوى الدولي”. ومنذ ذلك الوقت، دأب على تكرار هذه الرسالة بانتظام.
وكجزء من هذه الحملة، المعروفة باسم “الدعاية الكبيرة”، زادت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” من عدد مكاتبها الخارجية من 100 إلى 186.
وكشف تقرير في عام 2015 أن راديو الصين الدولي، وهو كيان صيني مملوك للدولة، كان يستخدم مؤسسات تابعة له لإخفاء سيطرته على 33 محطة إذاعية في 14 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتبث هذه المحطات الإذاعية محتوى مؤيدا للصين ولكنه لم يتم تسجيلها كوكلاء لحكومة أجنبية بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا).
وأضافت بيرغمان أنه نظرا لأن عبارة “العدالة الاجتماعية” تصبح شعارا في المشهد الإعلامي السائد في الغرب، فإن ترويج دعاية للنظام الصيني بين الأميركيين الذين لا تنتابهم أي شكوك يعد ممارسة تجارية متضاربة وغير أخلاقية بشكل غريب لا يبدو أن صناعة الإعلام قامت بالتفكير فيها وتناولتها بشكل عام، ومن غير المحتمل أن تبحث حول هذه الممارسة.
وبينما لم يعد يشارك العديد من الصحف في هذه الممارسة، ومن بينها “وول ستريت جورنال” و”واشنطن تايمز” و”نيويورك تايمز”، فإنه لا يبدو أن هذه الممارسة قد تسببت في أي نوع من ثورة فعلية في الدوائر الإعلامية التي تنخرط فيها، مثل “لوس أنجلس تايمز”، و”فورين بوليسي”، و”فايننشال تايمز”، و”شيكاغو تريبيون” و”سياتل تايمز”.
واختتمت بيرغمان تقريرها بأن “هذا التكتم أمر غريب، ليس لأن تلك الصحف تريد وتحتاج إلى عائدات، وهو أمر مفهوم، ولكن لأن العديد من الصحافيين والمحررين يعتبرون أنفسهم يقفون ضد العنصرية والتمييز العرقي والديني وانتهاكات حقوق الإنسان”.