ما مدى اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية

طهران تواصل خرق القيود المفروضة على برنامجها النووي منذ انسحاب ترامب.
الثلاثاء 2021/01/05
أنشطة مثيرة ومهددة لأمن المنطقة

يتعرض الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في 2015 للتآكل وتواجه الجهود الرامية لإحيائه تحديا جديدا بقرار طهران استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة في منشأة نووية تحت الأرض. وهذه الخطوة تثير عاصفة من المخاوف والتساؤلات في الوقت ذاته حول الفترة الممكنة التي قد تتيح للإيرانيين امتلاك قنبلة نووية.

فيينا - يشكّل إعلان إيران أن احتياطاتها من اليورانيوم المخصّب ستتجاوز السقف المحدد في الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، دليلا جديدا على مدى هشاشة هذا الاتفاق الهادف إلى كبح برنامجها النووي المثير للجدل.

ورغم أن إعلان طهران باستئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة لا يطلق رصاصة الرحمة على الاتفاق، لكن من شأنه أن يدق إسفينا إضافيا في نعش “موته البطيء” الذي بدأ مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب منه قبل عامين.

وكان للقيود التي فرضها الاتفاق على أعمال إيران في المجال النووي هدف واحد هو تمديد الفترة اللازمة لكي تنتج فيها إيران مواد انشطارية كافية لصنع قنبلة نووية، إذا ما قررت ذلك، إلى عام على الأقل بدلا من شهرين أو ثلاثة أشهر.

وسارعت إسرائيل للرد على الخطوة الإيرانية على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي قال إن إسرائيل لن تسمح لإيران التي تعتبرها عدوها اللدود، بإنتاج الأسلحة النووية.

ونتنياهو، الذي يرى أن إيران تشكل تهديدا للمنطقة، قال في بيان إن “قرار إيران الاستمرار في خرق التزاماتها ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم وتجهيز قدرات صناعية لتخصيب اليورانيوم في منشآت تحت الأرض، لا يمكن تفسير كل هذا إلا باعتزام إيران الاستمرار في تحقيق نيتها لتطوير برنامج نووي عسكري”.

وإسرائيل، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في الشرق الأوسط، أكدت منذ فترة طويلة أن طهران تحاول الحصول على ترسانتها النووية وأنها تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل.

ديفيد أولبرايت: الفترة اللازمة لامتلاك إيران مواد لصنع سلاح نووي قصيرة
ديفيد أولبرايت: الفترة اللازمة لامتلاك إيران مواد لصنع سلاح نووي قصيرة

وتصر إيران على أنها لم تسع قط للحصول على السلاح النووي وأنها لن تفعل ذلك أبدا وتقول إن أعمالها في هذا المجال للأغراض المدنية فقط، لكنها بدأت في العام الماضي خرق القيود التي ينص عليها الاتفاق خطوة خطوة ردا على قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق في مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات الأميركية عليها.

وأدى ذلك إلى تقليل الفترة اللازمة لإنتاج المواد الكافية لصنع سلاح نووي، غير أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشرف على تنفيذ الاتفاق تشير إلى أن إيران لا تمضي قدما في عملها النووي بالسرعة التي تتيحها لها إمكانياتها.

وقد سعت دول أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي ومارست ضغطا على طهران للالتزام بالاتفاق رغم تشديد واشنطن للعقوبات والتمسك بالأمل في تغير السياسة ما إن يتولى الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه في 20 يناير.

ورغم محاولة الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا إنقاذه، فإنها تشاطر الولايات المتحدة مخاوفها من تطوير الصواريخ الباليستية في إيران ومواصلة أنشطتها العدوانية في المنطقة.

وخالفت إيران الكثير من قيود الاتفاق غير أنها مازالت تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتتيح المجال لعمل مفتشيها بموجب واحد من أشد برامج التحقق النووي المفروضة على أي دولة تدقيقا.

وتتباين التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها إيران لامتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي. ويقول كثيرون من الدبلوماسيين والخبراء النوويين إن نقطة البداية التي كانت عاما بموجب الاتفاق تقدير متحفظ وإن إيران تحتاج وقتا أطول.

وفي نوفمبر الماضي، قدر ديفيد أولبرايت مفتش الأسلحة السابق في فرق الأمم المتحدة والذي يميل للتشدد في ما يتعلق بإيران أن الفترة اللازمة قد تكون قصيرة ربما تصل إلى ثلاثة شهور ونصف الشهر، رغم أن ذلك قائم على افتراض أن إيران ستستخدم ألفا من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي استبعدت بموجب الاتفاق.

وإذا جمعت إيران مواد انشطارية كافية فستحتاج لتجميع قنبلة صغيرة الحجم على الأرجح بما يكفي لتركيبها على صواريخ باليستية. والفترة التي يستغرقها ذلك على وجه الدقة ليست واضحة غير أن تخزين كمية كافية من المواد الانشطارية يعتبر على نطاق واسع أكبر عقبة في إنتاج السلاح النووي.

وتعتقد وكالات المخابرات الأميركية والوكالة الدولية أن إيران امتلكت في فترة من الفترات برنامجا للسلاح النووي وأنها أوقفته.

وثمة أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالا مختلفة تتصل بتصنيعها ولا تزال تتيح للوكالة الدولية تفتيش منشآتها النووية المعلنة وتسمح للمفتشين بزيارات مفاجئة في أماكن أخرى، كما سوت طهران في العام الماضي خلافا استمر عدة أشهر مع الوكالة للسماح بدخول موقعين سابقين حامت حولهما الشبهات.

ويقصر الاتفاق النووي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب على 202.8 كلغ وهو ما يعد نسبة ضئيلة للغاية من أكثر من ثمانية أطنان قامت إيران بتخصيبها قبل الاتفاق، والذي تجاوزته بالفعل في العام 2019 حيث قدر التقرير الشهري للوكالة الدولية في نوفمبر الماضي أن المخزون يبلغ 2442.9 كلغ.

ويفرض الاتفاق حدا أعلى للمستوى الانشطاري الذي يمكن لإيران أن تخصب اليورانيوم به عند 3.67 في المئة وهو ما يقل كثيرا عن مستوى 20 في المئة الذي حققته قبل الاتفاق وأقل بكثير من المستوى اللازم لصنع السلاح النووي وهو 90 في المئة. وخالفت إيران هذا القيد في يوليو 2019 وظل مستوى التخصيب ثابتا عند ما يصل إلى 4.5 في المئة منذ ذلك الحين.

Thumbnail
7