البابا أمام تحدي مكافحة الفساد بعد سلسلة فضائح

روما – جرد البابا فرنسيس الأول أمانة سر دولة الفاتيكان من صلاحياتها لكي يتولى إدارة الأموال بشكل مباشر، مستكملا إصلاحا جذريا بسبب سلسلة من الفضائح المالية.
وكان التحرك لتقييد أمانة سر دولة الفاتيكان، والذي تم الإعلان عنه في وقت سابق هذا العام، قد جاء في رسالة تحمل تاريخ 26 ديسمبر الجاري.
وبموجب الرسالة، فإنه اعتبارا من أول يناير، ستتولى إدارة تراث الكرسي الرسولي، التي تعادل وزارة الخزانة والبنك المركزي للفاتيكان، مهمة إدارة رأس المال والأصول العقارية لأمانة سر دولة الفاتيكان، حيث تبلغ أصول أمانة سر دولة الفاتيكان نحو 350 مليون يورو (430 مليون دولار).
وسوف تكون إدارة تراث الكرسي الرسولي مسؤولة أيضا عن إدارة الهيئة المعروفة باسم “بنس بطرس”، التي تدير التبرعات الخيرية للبابا من جميع أنحاء العالم.
وكشف الفاتيكان، وجود عجز مالي في ميزانيته خلال عام 2019 بلغ 22 مليون يورو، مبينًا أنَّه من المتوقع أن يزيد عجز الموازنة هذا العام بسبب تضرر الدخل جراء جائحة فايروس كورونا.
ونشر الفاتيكان بياناته المالية، لأول مرة منذ 2016، وشمل أرقاما متعلقة بحسابات نحو 70 إدارة تابعة لأهم كيان عالمي يمثل الكنيسة الكاثوليكية، التي يتبعها نحو 1.3 مليار نسمة في أنحاء العالم، بما يشمل عملياتها الإعلامية وسفاراتها في الخارج.
22 مليون يورو
قيمة العجز المالي في ميزانية الفاتيكان خلال عام 2019
وقال وزير الاقتصاد في الفاتيكان الأب خوان أنطونيو غويريرو، في مقابلة مع وسائل إعلام في الفاتيكان، إنَّ إجمالي قيمة أصول الفاتيكان في 2019 بلغ 4 مليارات يورو تقريبًا.
وجاء البيان المالي الموحد للكرسي الرسولي، في 12 صفحة، ولم يشمل بنك ومتاحف الفاتيكان وكلاهما يدر أرباحًا كبيرة.
وتورط الفاتيكان في فضيحة مالية متعلقة بشراء وزارة الخارجية لمبنى فخم في العاصمة البريطانية لندن عبر شخصيات اتهمها بأنّها معدومة الضمير، وقال وزير الاقتصاد بالفاتيكان، إنَّ الكرسي الرسولي تعرض للخداع في بعض الحالات بجانب تلقيه لمشورات سيئة.
وتطارد الفاتيكان، فضائح مالية، كان آخرها في سبتمبر الماضي، حينما أعلن عن استقالة عميد مجمع دعاوى القديسين بالفاتيكان، الكاردينال أنجيلو بيتشو، على نحو غير متوقع، قبل أن يكشف أن البابا فرنسيس طلب منه ذلك.
والكاردينال الذي كان مساعداً مقرباً للبابا وكان يشغل سابقاً منصباً رئيسياً في أمانة دولة الفاتيكان، انخرط في صفقة مثيرة للجدل للاستثمار في مبنى فاخر في لندن بأموال الكنيسة، وطاردته اتهامات بأنه أعطى أموال الكنيسة لإخوته، غير أنه نفي تلك الاتهامات، مشددا على أنه لم يرتكب أي مخالفة.
كما أن الكاردينال الذي كان مؤخراً يشغل رئيس الجهاز الذي يختار القديسين في المستقبل، أدار عملية شراء مثيرة للجدل بقيمة 200 مليون يورو لعقار في لندن بأموال الكنيسة، بما في ذلك أموال الصدقات، وتزعم تقارير أخرى أنَّه قدم دعما لمستشفى في روما يعاني من عثرات كانت تعمل فيه ابنة أخته، وصفته وسائل الإعلام بأنه “زلزال الفاتيكان”.
وقال الكاردينال إنَّ البابا فرنسيس واجهه بشأن أموال الكنيسة التي قدمها للتعاونيات والشركات التي يديرها إخوته.
وحول قضية “عقار لندن” فتح تحقيق في الفاتيكان عن الفضيحة المالية، وأوقف خمسة موظفين عن العمل العام الماضي بعد مداهمة مكاتب الأمانة العامة العام الماضي، وصادر ضباط شرطة الفاتيكان وثائق وأجهزة كمبيوتر، قبل أن تلقي شرطة الفاتيكان القبض على رجل الأعمال الإيطالي جانلويجي تورزي للاشتباه في قيامه بالابتزاز والاختلاس، إلا أن الكاردينال بيتشيو دافع عن عملية الشراء.
وفي العام الماضي، نشرت صحيفة ليسبريسو الأسبوعية الإيطالية، تقريرا من هيئة مكافحة الفساد بالفاتيكان جاء فيه أن استثمارات المضاربة في الكنيسة باتت واسعة النطاق لتصل إلى 725 مليون دولار.