خيار القوة في تيغراي يفتح مرحلة طويلة من عدم الاستقرار في إثيوبيا

منطقة رايا ليست الوحيدة في تيغراي التي يفكر سكانها في الارتباط بمنطقة أمهرة، فهناك رؤية مماثلة في غرب تيغراي.
الخميس 2020/12/31
مخاوف من اندلاع حرب أهلية في إثيوبيا

ألاماتا (إثيوبيا) - يتوقع بعض سكان إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا، إعادة ضم مناطق معينة إلى منطقة أمهرة المجاورة، بعد الهزيمة العسكرية لجبهة تحرير شعب تيغراي، الأمر الذي قد يهدد باندلاع نزاع جديد، حسب ما ذهب إليه محللون.

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي السيطرة على العاصمة الإقليمية ميكيلي، ونهاية العملية العسكرية التي شنها قبل أربع وعشرين يوما لطرد القادة المحليين.

وفر القادة الذين كانوا يتحدون الحكومة الاتحادية منذ شهور، وتم تركيز إدارة جديدة في المنطقة.

وفي ألاماتا، البلدة الزراعية الواقعة في جنوب تيغراي، تم إطلاق أعيرة نارية في الهواء احتفالا بالانتصار على جبهة تحرير شعب تيغراي. كما أثار حدث آخر هذا القدر من الحماسة تجلى في إطلاق سراح برهانو بيلاي تيفيرا.

وكان برهانو (48 عاما)، الذي يدعو نفسه “السجين السياسي”، يقبع في سجن في تيغراي منذ عام 2018، بعدما اتهمته جبهة تحرير شعب تيغراي بالمطالبة بضم مسقط رأسه رايا -وهي منطقة تعتبر ألاماتا أبرز مدينة فيها- إلى منطقة أمهرة المجاورة، نحو الجنوب.

واعتبر برهانو أن هذه الأراضي الخصبة تم إلحاقها بشكل غير قانوني بتيغراي من قبل جبهة تحرير شعب تيغراي عندما أطاحت بالنظام العسكري الماركسي لمنغستو هايلي مريم في عام 1991.

وقد هيمنت بعد ذلك على بنى السلطة في إثيوبيا لحوالي ثلاثين عاما، إلى أن أصبح آبي -وهو من الأورومو- رئيسا للوزراء في عام 2018 مستفيدا من حركة احتجاجية مناهضة للحكومة في منطقتي أورومو وأمهرة.

وبعد أكثر من عامين من الاعتقال، الذي اتسم بالضرب وبفترات طويلة من الحبس الانفرادي في كهف على سفح الجبل، عاد برهانو إلى منزله منتصرًا، عندما أخلت سبيله قوات جبهة تحرير شعب تيغراي لدى انسحابها في نوفمبر، أمام الجيش الفيدرالي.

وقال برهانو، الذي التقى زوجته وأولاده الأربعة، لوكالة فرانس برس “لا نريد أن نعيش مع شعب تيغراي الذي لا يعرف ثقافتنا أو تقاليدنا”، مؤكدا أنه سيواصل الدفاع عن قضيته، بعد أيام قليلة من يوم الاحتفالات التي نظمت بمناسبة عودته والذي اعتبره أسعد يوم في حياته بعد يوم زفافه.

ومنطقة رايا ليست الوحيدة في تيغراي التي يفكر سكانها في الارتباط بمنطقة أمهرة، فهناك رؤية مماثلة في غرب تيغراي، حيث تم اتهام جبهة تحرير شعب تيغراي كذلك بضم أراض كانت تابعة لأمهرة.

وتعمل القوات الخاصة التابعة لمنطقة أمهرة على فرض الأمن في هذه المناطق، بعد أن دعمت الجيش الاتحادي في طرد قوات جبهة تحرير شعب تيغراي. ويرأس مسؤولون من أقلية منطقة أمهرة الإدارات المؤقتة التي أقيمت في العديد من البلدات.

ويمكن الآن قراءة كلمة “أمهرة” على واجهة العديد من المنازل المهجورة أو على واجهات المحلات المغلقة، في دلالة على سند ملكية أبرم على عجل.

ويرى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية وليم دافيسون أن ما يجري في غرب وجنوب تيغراي يشبه “الضم بحكم الأمر الواقع وغير الدستوري” والذي “يشكل سابقة من شأنها زعزعة الاستقرار” في إثيوبيا.

ويقول بعض المسؤولين، الذين قدموا حديثا، “لا شأن لنا بما يجري في تيغراي”.

----

وأوضح رئيس بلدية ألاماتا الجديد، كاسا رضا بيلاي في تصريحات صحافية، “لقد أُرغمنا على أن ننتمي” إلى تيغراي “والآن، بالقوة، تم تحرير هذه المنطقة”، مضيفا أنه يأمل في أن “يستجيب السيد آبي لطلب السكان”، أي إخضاع المنطقة لسلطة أمهرة. وتدارك “وإلا فسيحدث حمام دم وحرب أهلية”.

وتبدو المشاريع طويلة الأمد للحكومة الاتحادية في هذه المناطق المتنازع عليها غير واضحة.

وأكد رئيس منطقة أمهرة أجينجاو تيشاغر أن القوى الإقليمية لم تشارك في النزاع لتلبية المطالب الوطنية. وقال الوزير الإثيوبي زاديج أبرهة، المتحدر من ألاماتا، “لقد طالب الناس بوضوح وبشدة بأن يتم ضمهم” إلى أمهرة “ومن المحتمل أن يتم ذلك وعلينا الانتظار”.

في غضون ذلك، يرفض رئيس بلدية ألاماتا الجديد الخضوع لسلطة الرئيس التنفيذي للإدارة المؤقتة لولاية تيغراي الإقليمية، مولو نيغا، المتحدر من تيغراي والذي عينته الحكومة الاتحادية. وحذر كاسا رضا بيلاي “إذا جاء مولو نيغا إلى هنا، فستخرج تظاهرات ضده. لا نريده أن يأتي. اعتبارا من الآن، نريد أن نعيش مع (منتسبي) أمهرة”.

ويثير هذا الخطاب المخاوف، كحال هيلاي جبريمدين، المتحدر من تيغراي ويملك متجرا للملابس في الشارع الرئيسي في ألاماتا منذ ست سنوات.

وفي نوفمبر، عندما اندلع القتال في التلال المحيطة بالمدينة، وضع بضاعته في أكياس وأخذها إلى المنزل، حيث حبس نفسه مدة أسابيع. وأعاد فتح متجره في بداية ديسمبر، بسبب حاجته إلى المال وشراء الطعام، لكنه غير متأكد مما يخبئه المستقبل للمتحدرين من تيغراي في ألاماتا. وقال “لا أشعر بالأمان، لأن هناك من يقول لقد هزمناهم وعليهم الآن المغادرة”.

ويرى بعض النشطاء أن رايا يجب أن تكون منطقة تتمتع بالحكم الذاتي، لا تنتمي إلى تيغراي أو إلى أمهرة، لكنهم لا يجاهرون بذلك.

واعتبر دافيسون أنه “من المحتمل أن تحدث مقاومة مستمدة من سكان تيغراي في حال تم اقتطاع أراض من تيغراي، بالطريقة نفسها التي أثار بها نشطاء أمهرة الاضطرابات لفترة طويلة من أجل عودتهم”.

ويراقب جبريمدين من بعيد التجمعات في الساحة احتفالا بعودة برهانو، “السجين السياسي”. وبدت اللافتة التي نصبت فوق العشب بالنسبة إلى هذا التاجر بمثابة تهديد. وكتب على اللافتة “لقد انتظر (منتسبو) أمهرة بصبر، لكن يجب ألا يتم خداعهم”.

6