"عاش يا كابتن".. وثائقي يحتفي برافعات الأثقال المصريات

القاهرة - فتح الفيلم المصري “ستاشر”، الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الأخير، أبواب التفاؤل لمخرجين وفنانين كثيرين لمواصلة التركيز على السينما المستقلة، ومحاولة تسليط الضوء على قضايا مهمة.
ويسير فيلم “عاش يا كابتن” على هذا الدرب، أملا في حصد جوائز دولية، حيث يناقش قضية لاعبات رفع الأثقال في مصر، اللاتي يكسرن بعض المحرمات، إذ تبدو هذه لعبة ذكورية أكثر منها نسائية.
في ناصية شارع مزدحم بمدينة الإسكندرية على البحر المتوسط، ألهم معسكر تدريب مفتوح لرافعات الأثقال من النساء العديد من السيدات لتحقيق الأرقام القياسية في رياضة تتطلب القوة والمثابرة على مدى عقدين من الزمن، وحطمن “تابوهات” طالما منعت المرأة من القيام بذلك.
ألهم هذا المعسكر المخرجة المصرية مي زايد، كي تقدم عملا يتناول نجاح المرأة في هذه الرياضة، من خلال الفيلم الوثائقي “عاش يا كابتن”، الذي حاز على شهرة في بعض المهرجانات السينمائية الدولية مؤخرا.
وقالت زايد، إنها تأمل أن يرفع فيلمها الوعي حول رياضة رفع الأثقال بين النساء، ويشجع المزيد منهن على متابعة أحلامهن، حتى لو كان ذلك تحديا للقوالب النمطية الجنسية في الدول المحافظة اجتماعيا، ويقدم المرأة المصرية كبطلة تتحدى الظروف لتصل إلى تحقيق حلمها.
مي زايد أكدت أن رياضة رفع الأثقال عادة ما يكون أداء النساء أفضل بكثير من الرجال خلال المنافسات لكن لا يحظين بالدعم الكافي.
واختارت المخرجة المصرية بطلة الفيلم (زبيبة)، لأنها أصغر المتدربات سنا، وكان عمرها 17 عاما، عندما بدأت في تصوير الفيلم عام 2014، كي يكون توثيقا للبطولة وتطوراتها.
وأضافت، عادة ما يكون لمصطلح “عاش يا كابتن” معنى سلبيا لكن الفيلم الوثائقي يضفي معنى جديدا تماما على المصطلح، وهو معنى تمكيني يهدف إلى إلهام الأجيال الحالية والمستقبلية.
وأكدت مي زايد (35 سنة)، “في رياضة رفع الأثقال، عادة ما يكون أداء النساء أفضل بكثير من الرجال، لكن لا يحظين بالدعم الكافي”، في إشارة إلى الأداء القوي لرافعات الأثقال خلال المنافسات.
وتتخلى الكثير من النساء عن شغفهن بهذه الرياضة، لأنهن لا يستطعن تحمل تكاليفها، أو بسبب الضغوط المجتمعية والعائلية التي تجعل الزواج وإنجاب الأطفال أولية للفتاة.
يركز فيلم “عاش يا كابتن” على تتبع أربع سنوات من حياة زبيبة، وهي فتاة من الإسكندرية، بدأت التدرّب في معسكر الكابتن رمضان عبدالمعطي، عندما كانت في التاسعة من عمرها، ويرصد تحولها إلى منافسة شرسة حائزة على ميداليات.
وينتج معسكر التدريب المفتوح، الذي يقع على قطعة أرض شاغرة محاطة بسياج، بطلات في رفع الأثقال لأكثر من 20 عاما.
ومن بين هؤلاء ابنة الكابتن رمضان، نهلة رمضان، بطلة العالم السابقة في رفع الأثقال والرياضية الأولمبية، وعبير عبدالرحمن، أول امرأة عربية تفوز بميداليتين أولمبيتين في رفع الأثقال.
وألهم فوز نهلة في بطولة العالم لرفع الأثقال في عام 2003، مي زايد بالفكرة، وبدأت رحلتها لمعرفة المزيد عن كيفية وصولها إلى البطولة.
وذهبت المخرجة زايد إلى المعسكر، ووجدت عالما فريدا من نوعه ليس لديه إمكانات مالية، لكنه أنتج بطلات شاركن في بطولات عالمية.
وتوفي الكابتن رمضان منذ ثلاث سنوات، وهو رافع أثقال أولمبي سابقا، وكان يتحمل التكلفة المالية للتدريب ويقوم بتعليم الفتيات فنون اللعبة مجانا.
وثمنت زايد دوره، قائلة “لقد كان رجلا عظيما يؤمن بالمساواة وبحق المرأة في تحقيق أحلامها بغض النظر عن الصورة النمطية الاجتماعية”.
ومنذ وفاته، بدأت رافعات الأثقال في معسكر التدريب في جمع التبرعات لمساعدة الفتيات على مواصلة تدريبهن مجانا، حيث نهلة، ابنة رمضان، وابنه نهاد، يشرفان الآن على إدارة المركز الذي لا يتلقى تمويلا خارجيا.
تخطط زايد للذهاب إلى المدارس والجامعات، وعقد حلقات نقاشية وورشات عمل لتسليط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة في الرياضة، وتأمل في حشد بعض التمويل الإضافي للمعسكر التدريبي الذي يعاني من ضائقة مالية شديدة.
ووفقا لمؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2015، احتلت مصر مرتبة منخفضة في المساواة بين الجنسين، مقارنة بدول أخرى، وصنف المؤشر، الذي يقيس التفاوت بين الرجال والنساء عبر الدول، مصر في المرتبة 136 من بين 145 دولة.
وقالت رندة فخرالدين، ناشطة في مجال حقوق المرأة ومديرة تنفيذية لاتحاد المنظمات غير الحكومية، “ما زلنا نكافح مع التحدي الكبير المتمثل في نقص تمثيل المرأة في أماكن العمل بشكل عام والرياضة بشكل خاص، ناهيك عن رياضة مثل رفع الأثقال”.
وأوضحت، أن الاحتفال بالبطلات لا يؤدي فقط إلى تشجيع النساء، بل يساعد في القضاء على الصور النمطية للجنسين.
وعرض فيلم “عاش يا كابتن” لأول مرة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في سبتمبر الماضي، وفاز بجائزة الحمامة الذهبية لأفضل فيلم في المسابقة الألمانية، فئة الأفلام الطويلة، في مهرجان لايبزيغ الدولي للأفلام الوثائقية والرسوم المتحركة في أكتوبر.
كما فاز بثلاث جوائز، من بينها جائزة الجمهور، في الدورة 42 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي عقد خلال الفترة من 2 إلى 10 ديسمبر الجاري.