مصر ترشح فيلما غنائيا بوجوه شابة للمشاركة في الأوسكار

القاهرة - ظلّ المخرج المصري تامر عزت يحلم لأكثر من 12 عاما بتقديم فيلم غنائي على غرار الأفلام القديمة بالأبيض والأسود، حتى حقّق حلمه من خلال فيلمه “لما بنتولد” الذي عرض للمرة الأولى ضمن الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي في سبتمبر 2019، أما المفاجأة فكانت اختياره لتمثيل مصر في السباق إلى جوائز الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي.
ويدور الفيلم الذي شاركت في كتابته السيناريست الراحلة نادين شمس حول قصة ثلاثة شباب يسعى كل منهم إلى تحقيق حلمه: الأول يريد أن يشقّ طريقه في الغناء، وامرأة مسيحية تقع في حب شاب مسلم، تواجه العديد من التحديات من أجل الارتباط به رغم اختلاف الأديان بينهما، وثالث يعمل في مجال التدريب الرياضي ويواجه تجربة اجتماعية تغيّر حياته.
والعمل من بطولة عمرو عابد، وابتهال الصريطي وأمير عيد، المغني الرئيسي لفريق كايروكي، في أول تجربة تمثيلية له، وهو الذي كتب ولحّن وغنّى في الفيلم أيضا.

تامر عزت: ترشيح الفيلم للمنافسة على الأوسكار انتصار للسينما المستقلة
ويقول المخرج تامر عزت إنه علم بترشيح الفيلم ليمثل مصر في الأوسكار من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يُبلغ رسميا بذلك، ويعبّر عن سعادته بهذا الترشيح الذي يعتبره “انتصارا لهذا النوع من الأفلام قليلة التكلفة” والمعروفة في مصر بالسينما المستقلة.
وكل عام تقوم لجنة اختيار الفيلم المصري التي تشكلها نقابة المهن السينمائية، باختيار فيلم عرض في السينما خلال السنة الفائتة، ليمثل السينما المصرية في مسابقة الأوسكار.
وتضم اللجنة مجموعة من السينمائيين منهم المخرج أمير رمسيس والناقدة ماجدة خيرالله والناقد مجدي الطيب والناقد طارق الشناوي. واختارت اللجنة العام الماضي فيلم “ورد مسموم” للمخرج أحمد صالح، وعام 2018 فيلم “يوم الدين” للمخرج أبوبكر شوقي.
وكتبت نادين شمس السيناريو الأول للفيلم العام 2007. ويقول تامر عزت “انعكست سنوات الانتظار (قبل صدور الفيلم العام الماضي) بشكل إيجابي على الفيلم. أصبحت أكثر نضجا وخبرة، طوّرتُ السيناريو الذي كتبته شمس وحاولت ألاّ أنفرد بالعمل كوني مخرجه، فشاركت كل تفاصيله مع فريق العمل والممثلين الذين أضافوا الكثير للشخصيات من واقع نظرتهم الشابة واليومية”.
ويقول عزت إن اختباره كان جيدا مع الممثلين الذين “هم وجوه شابة وخبرتهم ما زالت في طور التكوين”.
ويصنف العمل كفيلم غنائي لاحتوائه على حوار موسيقي يتسلل إلى الأحداث تدريجيا. ويؤكّد عزت أن “كل أغاني الفيلم كتبت منذ البداية كجزء من السيناريو وساهمت في بعض الأحيان في تدفق الأحداث، أي أنها صنعت بشكل خاص بما يتوافق مع السياق الدرامي للفيلم، ولم تضف إليه في ما بعد”.
ويشير عزت إلى أن الفكرة استوحيت من فيلم تسجيلي سابق له ولشمس بعنوان “مكان اسمه الوطن” كان يدور أيضا حول أحلام الشباب في مرحلة العشرينات، الشباب الذين يفكّرون في الهجرة، وما هو مفهوم هذا الجيل للوطن وبحثه الدائم عن هويته وتحقيق أحلامه.
ويتابع “داخل فيلم ‘لما بنتولد’ كانت هناك قرارات مصيرية قدّمناها في حكايات على نطاق أوسع”.
وتواجه الأفلام قليلة التكلفة إجمالا صعوبات في الحصول على جهات إنتاجية، وتتضاعف هذه الصعوبات مع عدم وجود أسماء نجوم من الصف الأول في العمل، إضافة إلى أن الأفلام الغنائية أصبحت نوعا غير رائج في الإنتاج السينمائي العربي عموما، ويعتبرها بعض المنتجين مخاطرة كونها تتطلب إنتاجا ضخما.
لكن عزت يشرح أن تجربته في هذا الفيلم ربما تغيّر مفهوم المنتجين في ما بعد وتوفّر فرصا أخرى لتقديم أعمال مشابهة. ويضيف “حاولنا الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة أمامنا. أحيانا كنت أتولى التصوير بنفسي بكاميرا يد صغيرة. إذا نظرنا إلى ميراثنا السينمائي سنجده مليئا بمثل هذه الأعمال التي قدّمها الفنانان فريد الأطرش ومحمد فوزي. هما قدّماها في زمن كانت الإمكانات فيه أقل ممّا نملكه نحن اليوم من أدوات أكثر تطوّرا”.
ويرجع المخرج المشكلة الأساسية التي واجهت الفيلم إلى عدم تخصيص موازنة توظف للترويج التجاري له، أي أن الفيلم لم يحصل على الدعاية المناسبة عند عرضه في السينما.
ويقول عزت إنه اعتمد مع فريق العمل طرق ترويج ذاتية وغير احترافية بسبب ضعف ميزانية الإنتاج، وذلك عبر الإعلان على صفحاتهم الشخصية على فيسبوك بمساعدة أصدقاء لهم. واستمر عرض الفيلم داخل دور السينما لمدة شهرين ثم اشترت حقوق عرضه قناة “أو.سي.أن” التلفزيونية المشفرّة.
ويرى عزت أن العرض التلفزيوني “أصبح وسيلة أكثر انفتاحا وترويجا للكثير من الأفلام السينمائية قليلة التكلفة، والتي لم تلق إقبالا واسعا من الجمهور”، إذ تحصد هذه الأفلام “انتشارا أوسع بحكم وجود التلفزيون في كل بيت”.
ومن الأفلام التي اشتهرت أكثر بعد عرضها تلفزيونيا، فيلم “عين شمس” للمخرج إبراهيم البطوط، وفيلمي “فرش وغطا” و“ميكروفون” للمخرج أحمد عبدالله.
وأعلنت في وقت سابق معظم الدول العربية ترشيحاتها لجائزة أفضل فيلم أجنبي في مسابقة الأوسكار، ومنها تونس التي رشّحت “الرجل الذي باع ظهره”، والمغرب الذي رشّح “معجزة القديس المجهول”، والسودان الذي رشّح “ستموت في العشرين”، والأردن الذي رشّح “200 متر”، والجزائر التي رشّحت “هليوبوليس” ولبنان الذي رشّح “مفاتيح مكسورة”، فيما رشّحت فلسطين فيلم “غزة مونامور”. ويقام حفل إعلان وتوزيع جوائز الأوسكار في نسختها الثالثة والتسعين في الخامس والعشرين من أبريل 2021 بلوس أنجلس.