العمليات الانتقامية ضد الصحافيين تبلغ أرقاما قياسية

ارتفع عدد حالات القتل الانتقامي للصحافيين خلال عام 2020 لأكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي.
الأربعاء 2020/12/23
مناخ عالمي يهدد الصحافيين

كابول - أعلنت الشرطة ​الأفغانية عن اغتيال رئيس اتحاد الصحافيين في ولاية غزني رحمة الله نيكزاد بهجوم شنه مسلحون مجهولون، مشيرة إلى أنه خامس صحافي يستهدفه مسلحون مجهولون خلال الشهرين الماضيين.

وكان الصحافي الذي تم اغتياله يعمل لدى وكالة “أسوشيتد برس” الإخبارية الأميركية وشبكة “الجزيرة” القطرية.

وأفغانستان إلى جانب المكسيك والفلبين شهدت العدد الأكبر من حالات القتل الانتقامية ضد الصحافيين، وفق ما أكد تقرير لجنة حماية الصحافيين، إذ استهدفت العصابات الإجرامية والميليشيات المراسلين العاملين في بلدان تشهد أعمال عنف ومنها بلدان ديمقراطية.

وارتفعت عدد حالات القتل الانتقامي للصحافيين خلال عام 2020 لأكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي 2019، فيما تراجع عدد الصحافيين الذين قُتلوا أثناء تغطية أخبار الحروب تراجعا حادا، بسبب استحواذ جائحة كورونا على اهتمام وسائل الإعلام وحيلولتها دون تنقل الصحافيين بسهولة.

وقالت جنيفر دونهام، التي أعدت تقرير لجنة حماية الصحافيين على مستوى العالم، قتل ما لا يقل عن 30 صحافيا سنة 2020 من بينهم 21 صحافيا كان الدافع لقتلهم هو الانتقام منهم بسبب عملهم، مما يمثل قفزة عن العدد المسجل العام الماضي الذي شهد مقتل 10 صحافيين، فيما قتل صحافيون آخرون في المعارك أو جراء تقاطع النيران أو أثناء تأديتهم لمهام أخرى آلت إلى نهايات خطرة.

ولا تزال اللجنة تحقق في وفاة 15 صحافيا آخرين على مستوى العالم لتحديد ما إذا كان العمل الصحافي هو السبب وراء موتهم. وتعبِّر هذه الأرقام عن الفترة الممتدة ما بين 1 يناير و15 ديسمبر من العام 2020، أي قبل مقتل الصحافي الأفغاني نيكزاد.

واستهدفت الجماعات المسلحة بالقتل ما لا يقل عن أربعة صحافيين في أفغانستان انتقاما منهم على عملهم، مما يشكل قفزة كبيرة عن العام 2019 الذي لم تُسجّل فيه أي حالة قتل ضد صحافي. وفي أوائل شهر ديسمبر أُطلق النار على مالالى مايواند، مراسلة محطة إذاعة وتلفزيون “إنيكاس” بولاية نانجرهار، أثناء توجهها إلى مقر عملها برفقة سائقها، مما أدى إلى مقتلهما. وعلى الرغم من ارتفاع عدد جرائم قتل الصحافيين في العام الحالي، إلا أن عدد الوفيات المرتبط بالقتال انخفض إلى ثلاث وفيات، وهو أدنى مستوى له منذ العام 2000 مع تراجع حدة النزاعات في الشرق الأوسط. وقد قُتل الصحافيون الثلاثة أثناء توثيقهم للنزاع المستمر قرب إدلب في الشمال السوري بغارات جوية يُشتبه أن القوات الروسية المتحالفة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد هي التي شنتها.

وفي حالة قتل مباشرة وعلنية لصحافي على يد الحكومة، أعدمت إيران في 12 ديسمبر الجاري الصحافي روح الله زم شنقا بعد إصدارها حكما بإعدامه.

جويل سايمون: عملية قتل الصحافي روح الله زم جريمة قتل برعاية الدولة الإيرانية

وكان زم يقدم من خلال موقعه الإلكتروني وقناته على منصة “تلغرام أماد نيوز”  اللذين كان يديرهما من المنفى، تغطية ناقدة للمسؤولين الإيرانيين وكان ينشر مواعيد الاحتجاجات وأماكن انطلاقها سنة 2017. وقد أغلقت منصة تلغرام القناة أواخر عام 2017، غير أن هذا الحساب عاود الظهور تحت اسم آخر.

وتصنف لجنة حماية الصحافيين مقتل زم على أنه جريمة قتل، وذلك استنادا إلى المنهجية التي تعرِّف جريمة القتل بأنها استهداف صحافي بالقتل كانتقام مباشر منه بسبب عمله.

وتلجأ إيران منذ زمن بعيد إلى أحكام السجن القاسية لممارسة الرقابة على الصحافة، وكان يقبع في سجونها 15 صحافيا، بمن فيهم زم، عند إجراء اللجنة لإحصائها السنوي للصحافيين السجناء في 1 ديسمبر 2020.

وتوثق سجلات اللجنة مقتل أربعة صحافيين آخرين في إيران منذ عام 1992، مات ثلاثة منهم أثناء احتجازهم لدى الحكومة أو من جراء جروح أُصيبوا بها أثناء اعتقالهم.

وقال المدير التنفيذي لـ”لجنة حماية الصحافيين” جويل سايمون “إنه أمر شنيع أن يرِد اسم روح الله زم في إحصاءاللجنة للصحافيين السجناء في العالم وأن يرِد أيضاً في قائمة الصحافيين القتلى في العام نفسه. ويمثل شموله في القائمتين شهادة على القسوة الفظيعة للنظام الإيراني الذي يغطي نفسه بقشرة قانونية. وما عملية قتل زم سوى جريمة قتل برعاية الدولة”.

وشهد عام 2020 أيضاً اضطرابات سياسية عالمية على نطاق واسع، فيما واجه الصحافيون العنف في تغطيتهم لهذه الأحداث. ففي العراق، أُطلق الرصاص على مراسل قناة دجلة، أحمد عبدالصمد، والمصور صفاء غالي مما أدى إلى مقتلهما في يناير أثناء تغطيتهما للمظاهرات التي خرجت في مدينة البصرة جنوب العراق احتجاجاً على انعدام الخدمات، والبطالة، والفساد الحكومي. وقُتل الصحافي النيجيري أونيفادي إيمانويل بيلومي أثناء تغطيته لأخبار الاضطرابات في مدينة إيكيجا بمقاطعة جنوب غرب لاغوس. وقد احتُجز عدد قياسي من الصحافيين بسبب عملهم خلال عام 2020 من جراء الإجراءات الصارمة التي مارستها الحكومات بشأن تغطية أخبار جائحة كوفيد – 19 أو بسبب محاولتها قمع تغطية أخبار الاضطرابات السياسية، بحسب ما توصلت إليه أبحاث اللجنة.

وأجبرت الجائحة الصحافيين أيضاً على التكيُّف مع نصائح السلامة المتجددة على الدوام والقيود المفروضة من قبل السلطات على السفر والتنقل.

وبالإضافة إلى الأثر الذي تركه الفايروس على الطريقة التي يؤدي بها الصحافيون أعمالهم، شكّل الفايروس تهديداً صحياً خطيراً للصحافيين المعتقلين بسبب عملهم.

ويأتي هذا المناخ العالمي من الإفلات من العقاب والخطاب الخطير المعادي للصحافة في وقت يشهد تنازل الولايات المتحدة عن قيادتها العالمية للدفاع عن حرية الصحافة في عهد دونالد ترامب.

وأعرب سايمون “من المفزع أن جرائم قتل الصحافيين ازدادت بأكثر من الضعف في العام الماضي، ويمثل هذا التصاعد إخفاقاً للمجتمع الدولي في مواجهة بلاء الإفلات من العقاب”.

 
18