شكوى ضد مقرّبين من قايد صالح تختبر القضاء الجزائري

الجزائر – وضع النائب في البرلمان بهاء الدين طليبة مصداقية القضاء الجزائري على المحك بعد الشكوى التي تقدم بها من سجنه بالعاصمة إلى النائب العام ضد أفراد أسرة القائد السابق للجيش، الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، الذي توفي في ديسمبر من العام 2019.
وفاجأ النائب البرلماني، ونائب رئيس المجلس الشعبي الوطني سابقا (الغرفة الأولى للبرلمان)، المحكوم عليه بالسجن لسبع سنوات في إحدى قضايا الفساد الرأي العام الجزائري والأوساط القانونية في البلاد، بشكوى طرحها على الجهاز القضائي حول فساد أفراد مقربين من قائد الجيش السابق.
وذكر طليبة، المنتخب عن محافظة عنابة في شرق البلاد، عن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، في العريضة التي رفعها بالنيابة عنه فريق الدفاع، بأنه “بحكم منصبه كبرلماني وكنائب سابق لرئيس البرلمان، فإنه يملك العديد من المعطيات ويحوز على الكثير من الوقائع التي تشكل جرائم فساد، لأبناء قائد الجيش السابق وصهره، ويتعلق الأمر بكل من بومدين، مراد، عادل، هشام، عبدالمالك عروة، وكل من يكشف عنهم التحقيق”.
وفي وقت سابق نفى أبناء قايد صالح مزاعم فساد، متوعدين ناشري هذه المزاعم بتتبعات قضائية.
قايد صالح أدار مرحلة الفراغ المؤسساتي التي عرفتها البلاد بداية من أبريل 2019 بعد تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، تحت ضغط العسكر المتحجج حينها بالمطالب السياسية للحراك الشعبي
وعاد الحديث عن فساد عائلة الجنرال الراحل إلى الواجهة في سياق تجاذبات خفية في هرم السلطة بين جهات نافذة، خاصة وأن العديد من المحسوبين عليه في المؤسسة العسكرية أو المؤسسات المدنية قد أزيحوا من مواقعهم ومنهم من زج به في السجن، كما هو الشأن بالنسبة إلى مدير الأمن الداخلي السابق الجنرال واسيني بوعزة، فضلا عن عبدالقادر لشخم وعلي العكروم وغيرهما.
وأدار قايد صالح مرحلة الفراغ المؤسساتي التي عرفتها البلاد بداية من أبريل 2019 بعد تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، تحت ضغط العسكر المتحجج حينها بالمطالب السياسية للحراك الشعبي، وباستشراء الفساد المالي والسياسي في البلاد، لكن رحيله المفاجئ في ديسمبر الماضي، شكل انهيارا مدويا للتكتل الذي أرساه في مفاصل الدولة خلال السنوات الأخيرة.
وظل طليبة على صلة بنفوذ قايد صالح وبعائلته على اعتبار أنهم ينحدرون من مدينة عنابة، غير أن سر انقلاب الرجل على ولي نعمته السابق يبقى مثيرا ومفاجئا للرأي العام منذ محاولة فراره العام الماضي للإفلات من العقاب، قبل أن يتم القبض عليه في تونس وإعادته للبلاد وعرضه على القضاء الذي أمر بحبسه فورا.
وذكر في العريضة التي اطلعت عليها “العرب”، وتم تسريبها لوسائل الإعلام، في محاولة على ما يبدو لفرض الأمر الواقع على الجهاز القضائي، خاصة وأنه استند فيها إلى محتويات من الدستور الجديد، وتعهدات من الرئيس عبدالمجيد تبون بالتكفل بكل الشكاوى المتعلقة بالفساد، بأنه “مستعد للإدلاء بشهادته وتأكيد المعلومات المؤكدة والصحيحة التي بحوزته حول ضلوع هؤلاء في قضايا فساد كبيرة”.
وعبر عن ذلك بما وصفه بـ”الجرائم والتجاوزات التي عددها في 13 عنصرا”، واختصرها في “أموال ومشاريع غير قابلة للتقدير في ظرف ثلاث سنوات، أدت إلى ظهور ثراء فاحش لدى أفراد العائلة، وابتزاز رجال أعمال والضغط على ولاة (محافظين) الجمهورية وتهديدهم بفبركة ملفات ضدهم، وتحويل أموال ضخمة إلى الخارج انطلاقا من القاعة الشرفية لمطار عنابة، وتحويل ممتلكات ومؤسسات حكومية إلى ممتلكات خاصة، وتحويل عقارات ومساحات خضراء لترقيات عقارية، وحيازة ميناء جاف بطرق غير شرعية، والاستفادة من أموال ضخمة كإعلان حكومي لفائدة صحيفة محلية تصدر بعنابة، وتعيين إطارات في مناصب سامية ومعاقبة آخرين، وتبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية منظمة، وحيازة ممتلكات في الخارج، وإبرام صفقات مشبوهة، وترقيات عقارية ومصانع (..) والكثير الكثير”.