بين اليأس والأمل.. يكابد المهاجرون الأفارقة في ليبيا بانتظار "فرصة العمر"

طرابلس - يواجه المهاجرون الأفارقة غير الشرعيين مخاطر كبيرة في الوصول إلى أوروبا "أرض الأحلام"، والعديد منهم تصطدم محاولاتهم الدؤوبة بصخور السواحل الليبية، ليجدوا أنفسهم في وضعيات أقل ما يقال عنها مأساوية.
عندما استقل عبدالله قاربا مطاطيا يكتظ بالمهاجرين في فبراير الماضي ظن أنه سيصل أخيرا إلى أوروبا بعد أن واجه تحديات كبيرة في عبور الصحراء وعايش أوضاعا صعبة في ظل الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا.
كان الشاب القادم من النيجر (27 عاما) يعلم من البداية أن الرحلة محفوفة بالمخاطر فقد حصدت مياه البحر المتوسط بين ليبيا وإيطاليا أرواح الآلاف في السنوات القليلة الماضية وهم يحلمون بحياة أفضل في دول أغنى وأكثر أمنا.
بعد ساعتين فحسب في البحر، أعادت سفن عسكرية مجموعة القوارب الصغيرة، التي يديرها مهربو البشر، إلى ليبيا حيث واجه عبدالله العنف وإساءة المعاملة. يقول المهاجر غير المحظوظ "بكيت وبكيت... كان الفشل مريرا بعد كل هذا الجهد الشاق".
وتسببت جائحة فايروس كورونا في إبطاء حركة التنقلات والسفر خلال الربيع وبالتالي قلت أعداد المهاجرين الذين يحاولون العبور من ليبيا إلى إيطاليا. لكن مع مرور الأشهر عادت قوارب المهربين المتهالكة إلى مصارعة الأمواج مرة أخرى.
وغرق نحو ألف مهاجر وهم يحاولون عبور البحر المتوسط في 2020 وهو أقل من نحو 1800 قتلوا العام الماضي لكن عدد الوفيات بدأ يتزايد منذ أكتوبر.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن وفيات المهاجرين في البحر المتوسط ارتفعت من 117 في سبتمبر إلى 141 في أكتوبر و184 في نوفمبر.
ولا تقتصر المخاطر التي يواجهها المهاجرون للوصول إلى أوروبا على البحر فقط، فليست هناك سلطة مركزية تقريبا في ليبيا منذ انتفاضة 2011 وعادة ما تسيطر جماعات مسلحة على شوارع المدن الرئيسية الكبرى.
وفي مايو الماضي، اختطف مسلحون في مدينة مزدة الصحراوية 30 مهاجرا على أمل الحصول على فدية وعذبوهم وذبحوهم عندما حاول عدد قليل منهم المقاومة.
وكان عبدالله محتجزا في مركز احتجاز مكدس في شمال غرب ليبيا بعد فشل محاولته للهروب، ولم يكن هناك طعام يذكر أو مساحة يمكنه النوم فيها. وقال إنه بعد شهرين نجح في الفرار بعدما دفع صديقه رشوة لأحد الحراس.
وعندما حاول عبدالله القيام برحلته لثاني مرة، أوقفه مقاتلون في الطريق ونهبوا الأموال التي جناها في الشهرين السابقين لدفع ثمن الرحلة. ويعمل الآن عامل نظافة في طرابلس وتخلى عن فكرة عبور البحر مجددا.
وحتى مجرد الوصول إلى ليبيا كان نوعا من الانتصار. فبعد دفع المال لمهرب، انضم عبدالله إلى العشرات من المهاجرين الآخرين في شاحنة صغيرة قطعت الصحراء في عدة أيام حتى وصلت الحدود. وقال إن المياه كانت قليلة وتوفي اثنان من الركاب. وما إن دخل ليبيا حتى واجه واقع بلد يعاني من الحرب.
وأضاف "هناك ميليشيات في كل مكان. أحيانا كنت أفقد الأمل وأريد العودة فحسب إلى النيجر. أجتهد في العمل ثم يقتحم مسلحون منزلي وينهبون أموالي".
وفي مدينة بنغازي في شرق ليبيا لا يزال المواطن الصومالي عبدالرزاق ياسين عاقدا العزم على الوصول إلى أوروبا. وبعدما ضاق ذرعا بانعدام الأمن في موطنه مقديشو، غادر ياسين بعد مقتل والده.
وساعده مهربون في عبور الحدود إلى إثيوبيا ثم إلى السودان قبل الوصول إلى منطقة الكفرة الصحراوية النائية في ليبيا حيث احُتجز مع المئات في مستودع بأحد المطارات قبل أن ينجح في الفرار في نهاية المطاف.
ووصل العديد من أصدقائه إلى أوروبا بالفعل ويعتزم الانضمام إليهم أيا كانت المخاطر. وقال "لا يوجد مستقبل هنا، أريد الذهاب إلى أوروبا".